هل يحافظ الحلف الثلاثي على نجاحه ؟

نجح مسعى العماد ميشال عون في الأسابيع الأخيرة في إنعاش الحلف الثلاثي الذي يجمعه مع «حزب الله» وحركة «أمل». حركته وحركة مبعوثيه على خطي الضاحية وعين التينة، والتي توجت بلقائه السيد حسن نصر الله قبيل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، أعادت الأمور إلى نصابها بالنسبة للرابية.
أعيد تقييم المرحلة السابقة بين ثلاثي الأكثرية عبر جلسات ماراتونية قام بها الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل، إضافة إلى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، فنجحت الأكثرية في تمتين تحالفها من جديد، على قاعدة أن «الخلل في العلاقة لم يكن مقصوداً بل نتج عن قصور في الآليات المعتمدة للتنسيق». سريعاً تم الاتفاق على الخطوط العريضة وعلى ضرورة إيجاد آليات تلبي ضرورات التنسيق والمتابعة السريعة. التفاصيل تطلبت اجتماعات عمل عدة بين وزراء الأطراف الثلاثة لدرس الملفات المطروحة بشكل مشترك. كل ما سبق نظم على إيقاع مصارحة شفافة قام بها عون مع حلفائه على قاعدة «لم يعد لدينا إمكانية للبقاء في الحكومة إذا لم يتغير نهج التعاطي معنا ومع مشاريعنا، بعدما أصبحنا مجرد شهود زور وبدأنا نفقد مصداقيتنا أمام جمهورنا».
الاختبار الأول للحلف الجديد – القديم كان موضوع الأجور. أراده عون ممراً لعودته مظفراً إلى الحكومة الميقاتية وتأكيد شراكته الحقيقية على الطاولة. هنا، يحرص أحد وزراء الأكثرية على التأكيد أن ما حصل في مجلس الوزراء يتعدى ما تردد عن رغبة «حزب الله» في مراضاة عون. ويضيف: مجريات الأمور كانت تأكيداً صارخاً على الشراكة الحقيقية بين الأطراف الثلاثة وعلى تفهمها لبعضها البعض. وللدلالة على «الشراكة بعيداً عن المسايرة»، يذكّر المصدر أن ما صُوت عليه في مجلس الوزراء كان فقط الموضوع المتعلق بزيادة الأجور، بعدما أجّل البحث في موضوعي التغطية الصحية وتعديل قانون الضمان الاجتماعي لمزيد من الدرس. قبل الخوض في مرحلة ما بعد التصويت الحكومي، يعتقد مصدر في التيار الوطني الحر، شارك في المباحثات بين الأطراف الثلاثة، أن «ما حدث طوى صفحة محاصرة ميشال عون داخل الحكومة». وهو يرفض ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أن الرسالة السياسية وصلت، مؤكداً أن رئيس الحكومة الذي «لطالما تغنى بتطبيق الطائف لا يمكنه أن يقف ضد تنفيذه من خلال التعدي على صلاحيات الوزير المختص وحقه في اقتراح القانون الذي يتعلق بوزارته».
في الأكثرية نفسها ثمة من يجزم أن الهدف كان فعلاً إيصال رسالة واضحة لميقاتي على خلفية ملف تمويل المحكمة، انطلاقاً من أنه لو أراد «حزب الله» تمرير مخرج سياسي لا يحقق لعون مطلبه من دون أن يحرج ميقاتي لما وجد صعوبة في ذلك. وعليه، فإن «حدة الخطوة هي فعلاً رسالة إلى ميقاتي، وهو كان أول من تلقفها، من دون التشكيك باستراتيجية القرار الذي اتخذ على أعلى المستويات بتطبيق شراكة كاملة مع الشريك المسيحي». وبالميزان الدقيق تكون الأكثرية قد أكدت أنها «موجودة ومتفقة على ممارسة دورها كمجموعة سياسية» من دون المس باستمرارية الحكومة أو التعاون المستقبلي مع ميقاتي الذي «لا رغبة لنا في إثارة المشاكل معه».

تتفق مصادر متقاطعة على أن ما قام به الرئيس نبيه بري لم يكن إلا تعبيراً عن قناعته بالحلف الذي ينضوي في لوائه. كما تدعو هذه المصادر إلى عدم المبالغة في تفسير مشاركة الوزير علي حسن خليل في بلورة الاتفاق بين العمال وأصحاب العمل، والاكتفاء بخواتيم الأمور، إذ أنه «عندما حان موعد القرار لم يتردد وزيرا حركة أمل في تنفيذ ما سبق واتفق عليه مع الحلفاء». أما الحديث عن تصويتهما ضد قناعاتهما، فذلك يرد عليه مصدر موثوق في الأكثرية بالتأكيد أن «بري له مصلحة سياسية واقتصادية في إقرار المشروع «، إذ أنه «أكد سياسياً التزامه الكامل بالحلف الذي عانى معه كل النكسات والانتصارات منذ عام 2005 حتى اليوم، أما في الشق الاقتصادي فبري لا يمكن أن يكون إلا رابحاً من جراء تعزيز وضع الضمان الاجتماعي ووضع العمال على السواء». وإن كان احد الوزراء يرى خسارة لبري «بعدما فشل في إبعاد كأس التصويت المرة عنه على الرغم من حركة خليل المكثفة».

لم تتطرق اجتماعات الأكثرية إلا لمعالجة سبل التنسيق بينها في الشأن الحكومي، كما يجزم مشارك في الاجتماعات، «فالقضايا الاستراتيجية لا ضرورة للنقاش بشأنها، كمسألة سلاح المقاومة أو العلاقة مع سوريا. وميشال عون سبق وأعلنها في عز الخلاف بين مكونات الأكثرية: حتى لو خرجت من الحكومة فلن أغير استراتيجيتي».
البداية ممتازة، يردد عضو في التيار الوطني الحر، فمع اعترافه أن ما حصل يعد خطوة جريئة وقاسية، إلا أنه يجزم أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى الكثير من العمل، وإذا أقفل ملف الأجور فثمة ملفات على طاولة مجلس الوزراء لا بد من بتها، أبرزها: قانون الانتخابات النيابية، إصلاح الموازنة، وكذلك التعيينات، التي يجب أن تتم وفق الأصول الدستورية. وإذا كان منصب رئاسة مجلس القضاء الأعلى شاغراً فعلى وزير العدل أن يقترح الاسم وعلى مجلس الوزراء أن يوافق أو يرفض، بدلاً من البحث عن تسويات خارج الحكومة.  

السابق
غادر جعجع الى السعودية
التالي
.ينة ميلاد صيدا أمنيات وطنية