تفجير الوضع الأمنيّ

شهد الوضع الأمني في العديد من المناطق اللبنانية (ومن ضمنها مخيم عين الحلوة) المزيد من أجواء التوتر والتفجيرات والاشتباكات، ما أثار الكثير من المخاوف والالتباسات حول الأسباب الكامنة وراء هذه التفجيرات والجهات التي تقف خلفها.
ففي جنوب لبنان برزت ظاهرة اطلاق صواريخ الكاتيوشا أو اكتشاف بعض الصواريخ التي لم تطلق، اضافة إلى التفجير الذي استهدف الجنود الفرنسيين في القوات الدولية.
وشهد مخيم عين الحلوة تفجيرات واشتباكات متنقلة بعد قتل اثنين من مرافقي مسؤول حركة فتح محمود عيسى (المعروف باللينو) وحصول اشتباكات بين عناصر من فتح وعناصر من جند الشام اتُّهِموا بالوقوف وراء عمليات القتل، لكن هذه الاتهامات لم تكن دقيقة حسب مصادر مطلعة في المخيم.
وفي بيروت حصلت اشتباكات محدودة بين عناصر مسلحة قيل انها تنتمي إلى حركة أمل وعناصر كردية (لم تعرف الجهة السياسية التي ينتمي اليها المسلحون بعد نفي جمعية المشاريع (الأحباش) علاقتها بالحادث)، وأدت الاشتباكات الى انتشار حالة من الرعب في بعض مناطق بيروت وعُقد اجتماع لنواب العاصمة للمطالبة بسحب الأسلحة منها.
وانتقلت الاشتباكات والأحداث الى العديد من المناطق اللبنانية (الشويفات، بشامون، خلدة، بعض المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا)، اضافة إلى ازدياد ظاهرة السرقة والخطف والتعدي على الأملاك الخاصة والعامة.
فما هي أسباب ازدياد أجواء التوتر الأمني في العديد من المناطق اللبنانية؟ وهل لهذه الأحداث علاقة بما يجري في سوريا، أم تقف وراءه مجموعات أخرى؟ والى أين تتجه الأوضاع الأمنية في لبنان في المرحلة المقبلة؟
أسباب التفجيرات والاشتباكات

بداية، من يقف وراء التفجيرات والاشتباكات وموجة السرقات والخطف والاعتداءات التي تشهدها معظم المناطق اللبنانية، ومن ضمنها مخيم عين الحلوة؟
يبدو حسب مصادر مطلعة «انه ليس هناك جهة واحدة ومحددة تقف وراء كل هذه التفجيرات والأحداث، وإن كان البعض قد ربط ما يجري في الجنوب بالاوضاع في سوريا، وقد وجه وزير الخارجية الفرنسي لوران جوبيه الاتهام إلى سوريا وحزب الله بالوقوف وراء عملية استهداف اليونيفيل، لكن المسؤولين السوريين وحزب الله نفوا الاتهام، وأعلن الحزب انه سيقاضي كل من يوجه إليه الاتهام».
وتحدثت مصادر أخرى عن احتمال وجود مجموعات اسلامية متشددة قد تكون وراء ما يجري، لكن لم يتم نشر أية معلومات أو معطيات تؤكد هذا الاتهام.
أما في مخيم عين الحلوة فقد تضاربت المعلومات حول اسباب ما يجري، فقد تم توجيه الاتهام إلى عناصر من جند الشام بالوقوف وراء عمليات اغتيال مرافقي مسؤولي حركة فتح، لكن مصادر اسلامية في صيدا تتابع الوضع في المخيم أكدت عدم صحة هذه الاتهامات واشارت إلى احتمال وجود خلافات داخل حركة فتح قد تكون سبب الأحداث وان «اتهام جند الشام» يهدف إلى إخفاء حقيقة ما يجري، وقد ربط بعض السياسيين اللبنانيين تفجير الوضع في عين الحلوة بالوضع في سوريا.
اما الأحداث الأمنية التي تشهدها بعض المناطق اللبنانية، وخصوصاً موجات السرقات والخطف فهي تكشف عن الخلل الكبير الذي يواجهه الوضع الأمني في لبنان وتراجع دور القوى الأمنية والعسكرية في ضبط الأوضاع.
الى أين تتجه الأوضاع؟

لكن الى أين تتجه الأوضاع الأمنية في لبنان في المرحلة المقبلة؟ وهل ستنجح القوى الأمنية في ضبط الأوضاع أم سنشهد المزيد من التوترات؟
تؤكد مصادر سياسية مطلعة «انه رغم كل ما يجري من توترات أمنية في المناطق اللبنانية، فإن الوضع اللبناني لن يتجه حالياً الى حالة من التفجير الواسع، لانه ليس هناك مصلحة لأحد سواء للقوى الداخلية أو الخارجية في تفجير الأوضاع حالياً، لأن المطلوب حماية الاستقرار اللبناني بانتظار معرفة اتجاه الأمور في سوريا والمنطقة».
وتضيف المصادر «ان لبنان يُستخدم حالياً من العديد من الأطراف كمنطقة مرور أو دعم أو نصرة لخدمة اطراف متعددين سواء في الداخل أو الخارج، وان ما يحدث يأتي في اطار الرسائل المحدودة لتأكيد امكانية تفجير الأوضاع اذا اتجهت الأمور في المنطقة نحو تفجير واسع، وهذا مستبعد حالياً.
اما على صعيد ظاهرة الفلتان الأمني وازدياد ظاهرة السرقات والخطف والاعتداءات، فتشير المصادر «الى ان كل هذه الأحداث تؤكد تراجع دور الدولة وفقدان هيبة السلطة والنظام، وان جميع القوى السياسية والحزبية مسؤولة عن هذه الظاهرة وان ذلك يتطلب خطة عمل متكاملة تتعاون فيها جميع الأطراف بعيداً عن الحسابات السياسية أو الحزبية المحدودة، وان ازدياد التوترات السياسية والمذهبية هو سبب اساسي في تحول أي حادث أمني صغير الى مشكلة كبيرة، ويضاف إلى ذلك أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني من الكثير من التدهور والتراجع تساهم في زيادة نسبة الجرائم وعمليات السرقة والقتل».
إذاً، يعيش الوضع اللبناني في مرحلة من عدم الاستقرار والاطمئنان، ما يفسح المجال لازدياد الأحداث الأمنية، وكل ذلك يتطلب الحاجة الى اعادة التواصل والحوار بين جميع الأطراف اللبنانية والاتفاق على إبعاد لبنان عن التجاذبات والأحداث التي تشهدها المنطقة، اضافة إلى ضرورة تعزيز بسط سلطة الدولة والأجهزة الأمنية في كل المناطق، لأنه كلما زاد التوتر السياسي زاد ت التوترات الأمنية.
فالمسؤولية تقع على الجميع بضرورة الارتفاع عن خلافاتهم ومشاكلهم من أجل ضبط الأوضاع الأمنية، والا فإن الخسارة ستقع على الجميع.

السابق
ورشتي عمل حول حقوق المرأة
التالي
عبود: اذا وافق مجلس شورى الدولة على قرار الاجور فالشركات ملزمة بتطبيقه