اقدم كائن حي على كوكبنا في خطر

يمتص الغطاء النباتي على سطح الأرض كميات هائلة من ثاني أوكسيد الكربون، أما في البحار فيتولى عشب البحر هذه المهمة. وهكتار من هذا العشب يمتص خمسة أضعاف كمية هذا الغاز التي يمتصها هكتار من الغابات. لكن عشب البحر الآن في خطر.
ويوضح كارلوس دوارته، الباحث في معهد البحر المتوسط في جزر البليار، حيث ينمو عشب كثير في قاع البحر يسمى نبتون ينقي المياه من ثاني أوكسيد الكربون. فتبدو المياه متلألئة داكنة الزرقة ان: "كمية ثاني أوكسيد الكربون التي يحولها هكتار واحد من عشب البحر إلى أوكسجين، تساوي خمسة أضعاف ما يحوله هكتار واحد من غابات الأمازون".

وهذا يتم عبر عملية التمثيل الضوئي، كما يشرح العالم الإسباني: "فيقوم العشب بربط ثاني أوكسيد الكربون على أوراقه، فيقل تركيز الكربون في الماء، الذي يصبح قادراً على امتصاص كميات أكبر من هذا الغاز من الجو ليقوم بتنقيته مجدداً".
وتقدر كمية الكربون التي يمتصها عشب البحر سنوياً في العالم بمائة مليون طن، وهي كمية تساوي نصف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون السنوية في دولة صناعية كألمانيا. فالعشب يمتص الكربون من الماء ويرسله إلى قاع البحر ليبقى حبيساً هناك. ويتم ذلك حين تغطي رمالُ قاع البحر النباتات القديمة الميتة. ويقدر الخبراء سُمكَ طبقة بقايا عشب البحر حول جزر البليار بعشرة أمتار.وعشب البحر ليس طحلباً، وإنما نبات. وهو أقدم الكائنات الحية على كوكبنا، وينمو بسرعة بطيئة جداً. ويقول كارلوس دوارته: "عشب البحر مهم لنظامنا البيئي وللمجتمع برمته. كما أنه موطن لكثير من الأسماك والقواقع ويحمي الشواطئ من التآكل. ويشرح دوارته العلاقة بين عشب البحر ورمل الشاطئ: "تنمو العديد من الكائنات الحية في المروج تحت الماء، خاصة الكائنات ذوات القواقع الجيرية. وجزيئات الكلس في هذه القواقع تصل بانتظام إلى الشواطئ وتضمن تجدد الرمال".
ويمتص عشب البحر أيضاً كمية كبيرة من المواد المُغذيّة، التي تصل البحر عبر الأنهار أو من الجو. وهذه المواد قد تكون أسمدة أو عوادم سيارات. فرغم فوائد الأسمدة المعروفة، إلا أن الكثير منها ضار أيضاً. وهنا يعمل عشب البحر مثل محطات تنقية مياه الصرف الصحي. وقد وجد فريق من الباحثين الدوليين أن تكلفة ما ينقيه هكتار واحد من عشب البحر تصل إلى 17 ألف دولار، في حال تمت التنقية في محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي.

لكن في السنوات القليلة الماضية تراجعت مساحة مروج أعشاب البحر في العالم بنسبة ثلاثة بالمئة سنوياً. ويرى العلماء أن التغير المناخي هو العدو الرئيسي الأول لهذه النباتات الحساسة، فالأعشاب تموت في المياه الدافئة. أما العدو الثاني لأعشاب البحر فهو اليخوت والقوارب، التي تلقي مراسيها وتدمر بذلك مساحات واسعة من مروج أعشاب البحر. لذا يطالب كارلوس دوارته بتغيير الناس لعاداتهم وسلوكهم، محذرا من أنه "إذا لم نفعل، سيصبح البحر في غضون 50 عاماً متسخاً، وسوف يتغير لون المياه ويصبح داكناً. لن ينمو عشب البحر، ونوعية المياه سوف تسوء بسبب نقص الأوكسجين  

السابق
احتفال في جديدة مرجعيون بذكرى الاستقلال
التالي
خطر إدمان المسنّات على التلفاز