الاخبار: ميقاتي ينفي ربط تمويـل المحكمة باستقالته

في ظل الفراغ السياسي الذي يملؤه توتّر الخطاب العالي النبرة، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بموقف فصل فيه بين بقاء حكومته على قيد الحياة وبين موقفها من تمويل المحكمة الدولية. أما قائد الجيش العماد جان قهوجي، فدعا إلى الحذر ممّا تحمله الأيام المقبلة من «مخاطر ومصاعب»

ليست المرة الأولى التي يرفض فيها الرئيس نجيب ميقاتي الربط بين ملف تمويل المحكمة الدولية وبقائه في السرايا الحكومية. لكنها الأولى التي يعلن فيها هذا الموقف في بيان رسمي صادر عنه. ويبدو أن ما نشرته صحيفة «اللواء» أمس استفزّ دولة الرئيس. فقد نقلت عن مصدر نيابي قوله إن ميقاتي «على هامش عشاء أقامه في السرايا على شرف الهيئات الرقابية، اختلى برئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم وأبلغه أن استقالته ستكون جاهزة إذا لم يقتنع حلفاؤه في الحكومة، لا سيما «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» بضرورة تمويل المحكمة». وتابع المصدر: «هذا الموقف ينسجم مع توجه وزراء «جبهة النضال الوطني»، ويدعمه وزراء الرئيس ميشال سليمان الذين يعتقدون أن التحولات الجارية في المنطقة لا يمكن أن تحتمل أي إجراءات أو عقوبات دولية ضد لبنان إذا لم تموّل المحكمة».

ما ذُكِر لم يعجب رئيس الحكومة، ودفعه إلى إصدار بيان يقول فيه إن ما نقلته الصحيفة «عار من الصحة، واللقاء القصير الذي جمع دولة الرئيس بالنائب غانم وقوفاً على هامش «الاجتماع السادس والأربعين للمجلس التنفيذي للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة» في السرايا الحكومية، تناول فقط موضوع التعديلات الممكنة على مشروع قانون الانتخابات النيابية، لا سيما في ما يتعلق بالجمع بين النيابة والوزارة، مع العلم بأن مواقف دولة الرئيس من موضوع المحكمة الدولية معروفة ومعلنة، وهو يتابع السبل الآيلة إلى إنجاز الملف المتعلق بحصة لبنان من تمويلها، تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في شأنه».

وفي الإطار ذاته، أكدت مصادر السرايا الحكومية لـ«الأخبار» أن ميقاتي لم يتطرق أبداً خلال حديثه مع غانم إلى قضية المحكمة الدولية، بل إن غانم طلب التحدث مع الرئيس، ثم طرح عليه فكرة تتعلق بقانون الفصل بين النيابة والوزارة. وتقوم هذه الفكرة على إضافة مادة على مشروع القانون تحظر على الوزير الترشح إلى النيابة إلا بعد انقضاء ثلاث سنوات على خروجه من الوزارة. وأكدت المصادر أن ملف تمويل المحكمة لم يُطرَح جدياً بعد على بساط البحث، وأن ميقاتي سيجد الحل الملائم لهذه المسألة. وأضافت مصادر أخرى في السرايا أن «قوى 14 آذار كلما زاد غيظها من الحكومة الحالية رفعت نبرتها، وبدأت تروّج لكون هذه الحكومة ستسقط قريباً». 
وبعيداً عن الموقف الرسمي للسرايا، أكد ميقاتي خلال افتتاحه «ملتقى لبنان الاقتصادي» أن «الحكومة اللبنانية تواكب الظروف والمتغيرات التي تشهدها المنطقة والتطورات الاقتصادية العالمية، وتسعى إلى درء تداعياتها المحتملة على لبنان على الصعد كافة. فهي تكثف جهودها لتثبيت الأمن والاستقرار على الساحة الداخلية، ونحمد الله أن الوضع الأمني ممسوك، ونعمل على تعزيز الاستقرار العام. وعلى خط مواز تعمل الحكومة للحفاظ على الثقة العربية والدولية بلبنان، لا سيما في المجالات الاقتصادية والمالية والمصرفية، وقد خطت في هذا المجال خطوات واعدة».

وأعاد ميقاتي طرح فكرة إقامة قصر للمؤتمرات في بيروت، «الذي أطلق فكرته الأساسية الرئيس الشهيد رفيق الحريري على أرض في منطقة المنارة. وعندما تسلمنا مهماتنا أخيراً، أعدّت الحكومة دراسة المشروع من ناحية الجدوى الاقتصادية، ووجدت أن سعر الأرض في منطقة المنارة ارتفع كثيراً، وتجاوز بكثير الاقتراح الأساسي لكلفة المشروع، ولذلك كلفنا مهندسين استشاريين بمقارنة هذا الموقع مع مواقع أخرى لأخذ القرار المناسب، وربما من الأفضل أن يقام المشروع على قطعة أرض خصصتها له الحكومة السابقة في وسط بيروت». وفي كلام استباقي للنقاشات المتوقفة بشأن الموازنة، أكد ميقاتي أن على الحكومة أن تلتزم بالإنفاق «بمعناه الضيق، أي للرواتب والأجور وتسيير أمور الدولة في حدّها الأدنى وخدمة الدين العام وتغطية عجز الكهرباء». وبرأي رئيس الحكومة، «إن الإيرادات الجارية يمكنها تغطية هذه البنود، وأي زيادة في الإنفاق يجب أن يقابلها توفير إيرادات جديدة».

من جهته، وخلال افتتاحه فرع معهد العلوم التطبيقية والاقتصادية في الجامعة اللبنانية في نهر إبراهيم (جبيل)، قدم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ما يشبه الجردة الممهدة للانتخابات النيابية في قضاء جبيل، متحدثاً عن الخطوات التي اتخذها «لرفع الحرمان عن هذه المنطقة». وتطرق سليمان في خطابه إلى اقتراح قانون الانتخابات، من خلال تأكيد السعي إلى إقرار «قانون تتمثّل فيه أطيافكم، قانون تعتمده الدول الديموقراطية المتقدّمة. وأدعوكم إلى تفعيل النقاش في ما يطرح، وفي الصيغ الأفضل لتشاركوا فعلاً في إرساء مفهوم جديد لدور المواطن وتفاعله في كل القضايا السياسية والاجتماعية التي تهم بلدنا. قانون انتخاب يسمح لكم بخيارات بعيدة عن الشعارات الوهمية ومرتكزة على الواقعية والمصلحة الوطنية. قانون يسمح لكم بطرد تجّار الهيكل». كذلك جدد تمسكه بتطبيق اللامركزية الموحدة، معرّجاً على الخلاف الذي نشب في بلدة لاسا الجبيلية على ملكية أراض، وأكد ضرورة حسمه تحت سقف القانون «ووفق مقتضيات العيش الواحد».
وفيما لم يذكر رئيس الجمهورية كلمة «النسبية» التي يؤيّدها، أعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، في مقابلة مع قناة «المنار»، تأييده للنظام النسبي في الانتخابات، الذي «يؤدي الى استقرار في المجتمع». وشدد عون على ضرورة أن «يسمح أي نظام انتخابي بالتفاعل بين مختلف مكونات المجتمع، فلا يمكن عزل أي طائفة، ولا يجب أن يكون هناك نوع من الفكر الانعزالي بقانون الانتخاب».

ولفت إلى أنه بقدر ما تكون الدائرة الانتخابية أكبر يكون التمثيل أفضل، مشيراً إلى أن قانون الانتخاب الذي قدمه وزير الداخلية مروان شربل لن يُعتمد كما هو. واتهم عون حزب القوات اللبنانية بأنه يريد «قانوناً انتخابياً مذهبياً».
قهوجي «يحذّر ممّا يخبّئه الغد»
وفي سياق آخر، دعا قائد الجيش العماد جان قهوجي العسكريين إلى الجهوزية الكاملة لـ«مواجهة ما يخبّئه الغد من مصاعب ومخاطر». ولفت قهوجي إلى دور الانضباط والولاء التام لمؤسسة الجيش، وإلى «دور هذه القيم في تحصين مناعة الجيش وتعزيز ثقة المواطنين به»، داعياً العسكريين إلى «النأي بأنفسهم عن الرهانات الخاطئة التي يروّج لها البعض من هنا أو هناك». وأضاف أن «رهان الجيش الثابت هو الحفاظ على وحدة الوطن واستقلاله وصون مكتسباته وحماية اللبنانيين جميعاً على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم».
وبعيداً عن الشأن السياسي المباشر، لم تتوصل الأجهزة الأمنية بعد إلى تحديد أي خيوط جدية في التفجيرين اللذين وقعا في مدينة صور، فجر أول من أمس. وأكد مسؤولون أمنيون العمل بجد على كشف من يقف خلف الانفجارين، من دون توافر أي أدلة تقود نحو المنفذين. والأمر نفسه ينطبق على جريمة السرقة التي وقعت في مطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت، علماً بأن الحادثتين لقيتا حملة استنكار واسعة وعابرة للانقسام السياسي.
وعلى صعيد آخر، أعلن وزير الاتصالات نقولا صحناوي أن لجنة التحقيق في الوزارة أنجزت مسوّدة تقريرها عن الطبقة الثانية في مبنى الاتصالات، والتي تكشف عن عدم تجاوب هيئة «أوجيرو» مع اللجنة في الإجابة عن أسئلتها، ومنها «هل جرى تشغيل شبكة الاتصالات الخلوية الثالثة، وما هي محتوياتها؟».
وكشف صحناوي أن 7 مخالفات حتى الآن لحظتها اللجنة الفنية، منها قانونية وأخرى تقنية، مشيراً إلى أن داتا الاتصالات على الشبكة المفترضة مُحيت من حزيران 2010 حتى الآن.
ولفت إلى أن «اللجنة الفنية قدمت له مسوّدة بحيث إن هناك عدة أشياء لم تُستكمل، وكان هناك امتناع من إدارات عن الرد على أسئلة اللجنة». 

السابق
الانباء: نائب لبناني ممانع: بدأت العمليات ضد نظام الأسد والجيش السوري سيتصدى
التالي
هفوات قاتلة