الانتقاد:مخالفات تلجم مجلس الأمن عن العبث مع لبنان في تمويل المحكمة

يتلطى المنظّرون للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بضرورة تمويل المحكمة وكأنه أصبح واجباً وطنياً، مهددين بأن عدم التمويل سيؤدي إلى الويل والثبور وعظائم الأمور على لبنان. ويشيع منظرو المحكمة وعبيدها، ان مجلس الأمن الدولي سيفرض عقوبات على لبنان وسيحاصر لبنان إقتصادياً وسياسياً، وقد تكون الغاية ايضاً ضرب لبنان عسكرياً لتحقيق أهداف أميركية صهيونية لم يستطع العدو في حرب تموز 2006 تحقيقها. واعتمادا على واجبات الدولة وحقوقها في القانون الدولي وأمام الامم المتحدة، لا بد من تفنيد قانون المحكمة لمعرفة ما إذا كان التمويل واجباً على لبنان وإذا كان عدمه يعرض لبنان لعقوبات دولية. والأهم طرح السؤال حول المعايير المزدوجة التي تعامل بها الأمم المتحدة أعضاءها لا سيما في الأمور المالية، حيث تظهر علاقة المنظمة وملحقاتها بالدول الكبرى محل شبهة… المعايير المزدوجة

ويمكننا هنا أن نتساءل حول ما حصل بخصوص امتناع الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول عن تمويل وكالة من وكالات الأمم المتحدة المتمثلة بمنظمة الأونيسكو بحجة واهية. حيث قامت المنظمة بقبول عضوية فلسطين داخلها، مع أن ذلك حق بسيط للشعب الفلسطيني بالإنضمام الى منظمة تعنى بالشأن الثقافي. في المقابل فإن أميركا ومن معها في لبنان يهددون صباحا ومساءً، ويمارسون ضغوطات كبيرة على الحكومة اللبنانية من أجل تمويل المحكمة الخاصة به، مع العلم أن هذا الموضوع شأن سيادي للدولة اللبنانية. فمما لاشك فيه أن القبول بإنشاء محكمة دولية وتمويلها لممارسة أعمال قضائية ـ وليس إنتقامية ـ على ضوء ما ينص عليه مشروع هذه المحكمة في نظامها الأساسي، والقيام بوظائف هما من صميم اختصاص السيادة اللبنانية وهو تخلٍ عن جزء مهم من السيادة الوطنية.

فأهم مظاهر السيادة هو أن تتولى الدولة ممارسة كل حقوقها ومسؤولية تطبيق القوانين في كل الجرائم التي ترتكب على أراضيها، وهذا ما تؤكد عليه الفقرة السابعة من المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ "للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع"، مع العلم أنه لم يكن هناك اصلاً أعمال قمع وفق الفصل السابع ضد لبنان.‏ فعندما تمتنع دول كبرى مثل الولايات المتحدة التي تمول المنظمة وملحقاتها باكثر من 25 % عن تمويل " الأونيسكو" لا أحد يطالبها بشيء لأنها المتحكمة بمسار الأمم المتحدة. وهنا تأتي المعايير المزدوجة، فميثاق الأمم المتحدة لم يفرق بين دولة وأخرى بل ألزم جميع الدول بواجبات تجاه المنظمة وكذلك أعطاها حقوقاً متساوية. وبالتالي كان لا بد من معاقبة أميركا أو على الأقل إدانتها من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، لأن المادة 17 من الميثاق تقول إنه:
1. تنظر الجمعية العامة في ميزانية الهيئة وتصدّق عليها.
2. يتحمّل الأعضاء نفقات الهيئة حسب الأنصبة التي تقرّرها الجمعية العامة.
3. تنظر الجمعية العامة في أية ترتيبات مالية أو متعلقة بالميزانية مع الوكالات المتخصصة المشار إليها في المادة 57. وتصدّق عليها وتدرس الميزانيات الإدارية لتلك الوكالات لكي تقدّم لها توصياتها. إلى ذلك تنص المادة 19 من الميثاق على أنه "لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة، إذا كان المتأخر عليه مساوياً لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنها، وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العضو بالتصويت إذا اقتنعت بأن عدم الدفع ناشئ عن أسباب لا قبل للعضو بها" ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية لا تكترث لمضون هذه المادة التي تلزم الأعضاء بدفع النفقات المتوجبة عليهم للمنظمة لأن مواد ميثاق الأمم المتحدة لا تسري على أكثر الدول المطالبة بتنفيذه والمهولة بالعقوبات على من يمتنع! كذلك فإن الفقرة الخامسة من المادة الثانية من الميثاق وهي ملزمة أيضاً للدول من أجل مساعدات الأمم المتحدة، فإنها تقول "يقدّم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى "الأمم المتحدة" في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع أو القمع". تمويل المحكمة الخاصة بلبنان

أما في حالة لبنان، فإن الأمم المتحدة عبر أمينها العام لم تبرح تهدد بأن عدم تمويل المحكمة سيؤدي إلى عقوبات على لبنان، ويقف في صفه دول كأميركا، المخالفة أصلاً لميثاق الأمم المتحدة، في كثير من الأمور. مع الإشارة الى أن قرارات مجلس الأمن ليس فيها ما يلزم لبنان بالتمويل وكذلك فإن نظام المحكمة ليس ملزماً لأنه إتفاق بين لبنان والأمم المتحدة في ظل حكومة كانت تعتبر غير شرعية وغير دستورية. فقرار مجلس الأمن 1595 أقر بتشكيل لجنة التحقيق الدولي وتقديم المساعدة لها وتأمين الوسائل التي تحتاجها، وللمفارقة، هو من جعل لبنان عرضة لتجسس هذه اللجنة. وكذلك القرار 1636 الذي لم يتطرق أيضاً إلى مسألة التمويل، وكذا القرار 1644 الذي أشار الى تمديد عمل اللجنة وفقاً لطلب لبنان، ولفت الى ضرورة محاكمة من ارتكب جريمة الإغتيال من خلال محكمة ذات طابع دولي، وتقديم المساعدة الفنية من اللجنة بناء على طلب الحكومة اللبنانية آنذاك بالمساعدة. فقط القرار 1664 الذي طلب من الأمين العام للأمم المتحدة التفاوض مع حكومة لبنان من أجل إنشاء محكمة ذات طابع دولي، قام بإشارة صغيرة الى وضع آلية لتمويل المحكمة من أجل بقاء عملها، إلا أنه ترك ذلك في إطار استنسابي يعود الى الأمين العام، ولم يشر القرار 1686 إلى أي عبارة للتمويل. أما التمويل الذي يتم الحديث عنه اليوم، فهو ما ارتآه الأمين العام عملاً بالقرار 1757، وبالتالي فهو من حدد نسبة التمويل في تقريره في 4 أيلول/ سبتمبر 2007 حيث قال إنه "من المتوقع أن تحتاج المحكمة الخاصة إلى ميزانية إجمالية تُقدَّر بمبلغ 35 مليون دولار لفترة 12 شهرا الأولى من عملها ( تُستثنى منها تكاليف تهيئة المبنى) و 45 مليون دولار لفترة 12 شهرا الثانية و 40 مليون دولار لفترة 12 شهرا الثالثة. وإذا أنشئت دائرة ابتدائية ثانية خلال السنتين الثانية أو الثالثة من عمل المحكمة الخاصة، فستُقدَّر الاحتياجات المالية الإضافية بمبلغ 8 ملايين دولار. ومن ثم أنشأ الامين العام في 26 تموز/يوليو 2007، صندوقاً إئتمانياً لتلقي التبرعات من أجل إنشاء المحكمة الخاصة ومباشرتها أنشطتها. وفي 5 كانون الأول/ ديسمبر 2007، أجمعت الدول التي قدّمت تبرعات هامة أو أعلنت عن تبرعات لتمويل المحكمة الخاصة على ضرورة أن تدير المحكمة الأموال مباشرة على غرار المحكمة الخاصة لسيراليون، وليس عبر صندوق ائتماني تابع للأمم المتحدة". كما وحدد آلية التمويل كالتالي: تُغطى نسبة 51 في المائة من تكاليف المحكمة الخاصة من التبرعات التي ترد من الدول، في حين تمول حكومة الجمهورية اللبنانية نسبة 49 في المائة منها". السؤال الذي قد يثيرالريبة هنا هو أين تذهب هذه المبالغ الطائلة للمحكمة وكيف تصرف؟ والسؤال الأكثر أهمية من يتحكم بها ومن لديه الجواب عن وجهات صرفها؟ وهل الدولة اللبنانية على علم كيف تصرف هذه الأموال؟. وحتى القرار 1757 الصادر عن المجلس سنة 2007 الذي أقر إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان، فإنه يقول في الفقرة "ج" منه، إنه "إذا أفاد الأمين العام بعدم كفاية مساهمات الحكومة اللبنانية لتحمل النفقات المبينة في المادة 5 "ب" من الوثيقة المرفقة جاز قبول او استخدام تبرعات مقدمة من الدول الأعضاء لتغطية ما قد يواجه من نقص. وبالتالي فإنه ليس من واجب الحكومة اللبنانية أن تدفع 49 % من أموال المحكمة، وخاصةً أن هناك فريقاً حكومياً أكثرياً يعارض هذا التمويل، وكرره هذا الفريق عبر قادته معتبراً أنه إذا أراد أحد تمويل المحكمة فليمولها من جيبه أو جيوب الدول العربية والخليجية والغربية التي تريد هذه المحكمة. وذلك لأن الحكومة اللبنانية تؤكد أن هذا الأمر هو في صميم السيادة اللبنانية وأن الحكومة الشرعية والمؤسسات الدستورية اللبنانية هي التي تقرر ما تريد. هل لبنان سيكون عرضة لعقوبات دولية؟

وعلى الرغم من أن البعض يهدد بأن عدم التمويل سيؤدي إلى فرض عقوبات على لبنان من قبل مجلس الأمن إلا أن ذلك لن يحدث، لأن المجلس ليس بإمكانه ذلك لعدم وجود توافق أممي بهذا الشأن، وبسبب استمرار تعاون لبنان مع المحكمة على المستويات الأخرى أو عدم وجود طلب بسحب القضاة، والتعاون مع مكتب المدعي العام والدفاع وحماية الموظفين ومقر المحكمة في لبنان وغيرها.
فالتصويت داخل المجلس يكون وفق ما حددته المادة 27 من الفصل الخامس لميثاق الأمم المتحدة كالتالي:
1. يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.
2. تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه.
3. تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت. وبالتالي فإن مشروع قرار لفرض عقوبات على لبنان لعدم التمويل لن يمر، خاصةً أن هناك مصادر دبلوماسية وقانونية رفيعة المستوى، أكدت أن "روسيا لن تصوت على أي قرار في مجلس الأمن يفرض عقوبات على لبنان"، وأشارت المصادر الى أن "الصين ستنحو المنحى ذاته، وبالتالي فإن فيتو روسياً أو صينياً سيمنع ذلك"، لافتةً إلى أنه "قد يتم العمل على عدم اللجوء الى المجلس الأممي والإكتفاء بالبحث عن التمويل من مصادر أخرى ومن دول أخرى". وإذا كانت عقوبات مجلس الأمن المنصوص عليها في الفصل السابع في المادة 41 تنص على أنه " لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية", وإذا كانت المادة 42 تقول "إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة", فإنه سيكون من غير الممكن اللجوء الى هذه العقوبات لأن أي قرار لن يمر وفق الفصل السابع في مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي أو الصيني، وكذلك بسبب عدم إجماع جميع اعضاء المجلس على اي قرار ضد لبنان. وعلى الرغم من قوة الموقف اللبناني، الذي يدافع عن سيادته وإستقلاله في وجه الولايات المتحدة الأميركية التي تريد ان تسيّر مجلس الأمن لصالحه من أجل أهداف إنتقامية تأتي وفق رغبات العدو الصهيوني لتحقيق مآرب لم يستطع تحقيقها في أعنف الحروب على لبنان، إلا أنه لا يزال هناك فريق لبناني للأسف يراهن على المشروع الأميركي ضد فريق من أبناء وطنه دفع دماءه للحفاظ على سيادة لبنان وإستقلاله. مخالفات قانونية وللأسف فقد نسي فريق المحكمة أنها أنشأت وسط مخالفات دستورية وقانونية عديدة، وأنه فتح أبواب التدخل في لبنان بعد رسالة مخالفة من رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة إلى مجلس الأمن لإنشاء هذه المحكمة، في ظل خلافات وإنقسامات وطنية عديدة. ويمكننا تفنيد المخالفات على المستوى المحلي والدولي بما يلي: 1 ـ لقد اجمع فريق لبناني عريض على أن المحكمة الدولية مسيسة، لأن مجلس الأمن أصلاً مسيس وقراراته بالاصل مسيسة كونها تصدر بموافقة الدول الخمس الدائمة العضوية حتى لو لم يوافق عليها أحد الدول الاعضاء التسعة الباقون. 2 ـ سرعان ما صنف مجلس الأمن جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري على أنها جريمة إرهاب دولي وذلك قبل أن ينتهي التحقيق، في حين لم يعتبر جرائم أخرى كجريمة إغتيال الرئيس رشيد كرامي جريمة إرهاب دولي. وللملاحظة أن هناك فرقاً شاسعاً بين الإرهاب المحلي والإرهاب الدولي، حيث يصنف الأخير أنه يهدد السلم والأمن الدولي، فلا ندري كيف هددت جريمة اغتيال الرئيس الحريري ذاك الأمن الدولي! وقد كانت غاية مجلس الأمن من ذلك التصنيف هو التدخل في شؤون دول المنطقة. 3ـ لم يقرر مجلس الأمن إنشاء المحكمة وفقاً للفصل السادس ومن ثم التصعيد إلى الفصل السابع، وهذا ما يؤكد أن المجلس يريد أن يتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، وقد كان بإمكانه الإستناد إلى المواد 33 حتى 38 من ميثاق الأمم المتحدة التي تفصّل الفصل السادس. ومجلس الأمن يقوم بذلك باستخدام معاييره المزدوجة التي تحتاج وحدها الى دراسة للتحدث عنها، لكن يمكن الإشارة الى ان المجلس لم يستخدم قط قراراته ضد " اسرائيل" في جرائمها التي ارتكبتها في فلسطين ولبنان، وحتى عند ضربها المفاعل النووي
العراقي وتدخلها بدولة سيدة ومستقلة لم يتجرأ مجلس الأمن أن يستخدم ضدها الفصل السابع بل دائماً يستخدم الفصل السادس ويتم نسيانه بعد فترة زمنية قصيرة.
4ـ كان بإمكان مجلس الأمن كون الجريمة هي في الأصل جريمة محلية تهم لبنان في الدرجة الأولى ان يفوض الوكالات الإقليمية للتحقيق بالجريمة ومساندة لبنان في التحقيق وفقاً للمادتين 52 و 53 اللتين تؤكدان على حق التنظيمات والوكالات الإقليمية في أن تعالج حفظ السلم والأمن الدولي بما يتلاءم مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، والمادة 53 التي تشير الى استخدام مجلس الأمن لهذه الوكالات.
5ـ صدور بيان عن رئاسة مجلس الأمن يؤكد شرعية الحكومة اللبنانية في حين ان فريقاً كبيراً كان ينتقد هذه الحكومة ويعتبرها مخالفة لميثاق العيش المشترك وكانت التظاهرات قائمة لإسقاطها وهذا ما يعتبر تدخلاً بشؤون الدولة اللبنانية وعدم وقوف إلى جانب الشعب اللبناني.
6ـ نصت قرارت مجلس الأمن (الفصل السابع) على حق لجنة التحقيق بالحصول على جميع المعلومات والوثائق ودخول جميع الأماكن التي تريدها دون أي رادع من الدولة اللبنانية، وهذا ما يفتح لبنان على التجسس، لأن هذه القرارات لم تحمل أي رادع ويمكن أن تؤوّل بأكثر من تأويل كدخول اللجنة أماكن عسكرية لبنانية.
7ـ إن تشكيل محكمة دولية بقرار احادي الجانب ينتقص من سيادة لبنان، وكان ينبغي أن يؤكد نص القرار على أحكام الاتفاق بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة وليس الدخول في حيز التنفيذ. كما ان الصيغة الحالية تشوبها الشبهات وتمس بسيادة لبنان فليس هناك مبرر للفصل السابع.. لقد تم اللجوء الى الفصل السابع في يوغوسلافيا ورواندا على اعتبار ان الجرائم التي جرت هناك ضد الإنسانية ويتم التعامل معها من جهة دولية. أما المحكمة اللبنانية فهي لغرض لبناني ولا بد من الإصغاء الى كلّ الأصوات اللبنانية، وكان من الواجب عدم الاكتفاء بالاستماع إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بل الى الرئيس اميل لحود ايضاً. المخالفات الدستورية اللبنانية:
1 ـ الحكومة لم تكن مؤهلة لعقد أي إتفاق، حيث كانت غير شرعية وغير دستورية، ومناقضة للعيش المشترك وهذا ما أجمع عليه كبار فقهاء القانون الدستوري، أضف إلى ذلك أن هناك وزراء طائفة باكملها استقالوا وقاطعوا جلسات الحكومة إحتجاجاً على ذلك.

2 ـ تجاهل موقع رئيس الجمهورية ودوره في عقد المعاهدات، حيث إن المادة 52 من الدستور تنص على ان "رئيس الجمهورية يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، اما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية، وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب. وكان رئيس الجمهورية انذاك اميل لحود عارض نص اتفاقية المحكمة الدولية، وهي لم تعرض عليه في الأصل قبل إبرامها وكان رئيس الجمهورية قد رد القرار الذي صدر عن مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 25/11/2006 لينظر به فور قيام حكومة مكتسبة للشرعية الدستورية والميثاقية، وكان الرئيس لحود راسل الأمين العام للامم المتحدة آنذاك كوفي انان حول ذلك.

3 ـ تخطي مجلس النواب وتعطيل دوره في الموافقة على إبرام المعاهدات، وتكفي الإشارة إلى المادة 52 الواردة اعلاه التي تذكر أن المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، لا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب. أما إذا اعتبر البعض أن نظام المحكمة هو مشروع قانون فالمادة 19 من الدستور تقول إنه "لا ينشر قانون ما لم يقره مجلس النواب"، وتقول المادة 51 من الدستور المادة انه "يصدر رئيس الجمهورية القوانين وفق المهل المحددة في الدستور بعد ان يكون وافق عليها المجلس، ويطلب نشرها، وليس له ان يدخل تعديلاً عليها او ان يعفي أحداً من التقيد باحكامها".

4ـ وقوف فريق كبير يمثل أكثر من نصف اللبنانيين ضد المحكمة حيث أكد الرئيس نبيه بري في حديث لصحيفة "السفير" في عددها الصادر في 3/12/ 2005 أنه لا وجوب لطلب إنشاء محكمة دولية طالما أن التحقيق غير منتهٍ بعد ولا أحد يملك أن يجزم بموعد قريب لإنتهاء هذا التحقيق، ونزول الشعب اللبناني إلى الشارع للمطالبة بإسقاط الحكومة لأنها غير شرعية، وبالتالي كان يجب الأخذ برأي هؤلاء.

5ـ عدم الأخذ بفرضية أن العدو الصهيوني قد يكون من إغتال الرئيس رفيق الحريري، على الرغم من تقديم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لأدلة موثقة تعد قرينة أساسية للتحقيق وأخذ فرضية أن إسرائيل لها يد في الإغتيال.

6ـ قضية شهود الزور الذين زوروا التحقيق والخلاف داخل الحكومة حول هذا الملف، وعدم التمكن من الوصول اليهم، بالإضافة إلى عدم عدالة المحكمة الدولية على غرارا ما حصل في سيراليون وتيمور الشرقية التي قامت فيها محاكمة شبيهة بالمحكمة الخاصة بلبنان وهي حتى الآن لم تصل إلى نتيجة ولم تحقق العدالة، بل إنها مسيسة كما يحصل في المحكمة الخاصة بلبنان والتي تريد إستهداف فريق لبناني وتقويضه والإنتقام منه، وهذا ما يجمع عليه شريحة كبيرة من اللبنانيين.

7ـ الإعتماد على قول شهود زور، وعلى أدلة تقوم على الإتصالات وغيرها وهذا ما فنده كبار فقهاء القانون المحلي، بأنه لا يعد قرينة للاتهام. بعد ما تقدم لا طريق أمام دعاة الديموقراطية والحرية والسيادة لاستجلاب الخراب على البلد عبر مجلس الامن، اللهم الا ان كان القرار كما قرار الجامعة العربية بالأمس بحق سوريا، عندها تسقط كل القواعد القانونية وتحلل المخالفات الدستورية وبهذا نصبح امام تجاوز جديد كالذي حصل في العراق بكذبة المعمل النووي في خلفية شاحنة مدنية، لكن لا بد من التذكير بأن لبنان ليس العراق، بل هو من هزم الاطلسي سابقا والصهيوني وجيشه الذي ما كان يقهر 

السابق
وفاة أحد الأخوة جاسم الذين خطفوا من لبنان في السجون السورية
التالي
جريحان سوريان بعد عراك بين أبناء الجميجمة وعشرات العمال السوريين