المؤتمر الإقليمي الخامس لأمراض الدم ونقـل الدم

ملاك مكي
«لا تتلقّى نسبة سبعين في المئة من المرضى المصابين بالسرطان في لبنان، الوقاية من الإصابة بتجلّط الأوردة العميقة»، وهو رقم أكّده الاختصاصي في أمراض الدم والأورام في «الجامعة الأميركيّة في بيروت» الدكتور علي طاهر، خلال المؤتمر الإقليمي الخامس الذي نظّمته «الجمعيّة اللبنانيّة لأمراض الدم ونقل الدم» في بيروت، والذي اختتم أعماله أمس الأول. وينتج تجلّط الأوردة العميقة عن خلل في سريان الدم في وريد عميق، ومن الممكن أن يحدث في مختلف أنحاء الجسم، خاصة في الأطراف السفلى والحوض.

أعراض التجلّط

بحسب طاهر، يعتبر الأشخاص المصابون بقصور القلب الإحتقاني، وداء الرئة السائد المزمن، ومرض السرطان، أكثر عرضة للإصابة بتجلّط الأوردة العميقة. كما يزيد التقدّم في العمر، والعوامل الوراثيّة، والتعرّض السابق لتجلّط في الأوردة العميقة، والتدخين، والسمنة، والحمل، وتناول حبوب منع الحمل، أو العلاج بالإستروجينات البديلة، وقلّة الحركة، من نسبة التعرّض لتجلّط الأوردة العميقة. وتظهر الدراسات العلميّة التي أجراها طاهر في منطقة الشرق الأوسط، أن شعوب تلك المنطقة هي أكثر عرضة لتجلّط الأوردة العميقة لعوامل جينيّة.
وتتركّز أعراض التجلّط، التي لا تظهر في بعض الأحيان، على الشعور بألم أو تورّم مفاجئ في الساق، أو ظهور أوردة كبيرة نافرة في الساق، أو الشعور بسخونة في بشرة الساق. وفي بعض الحالات، يؤدّي التجلّط الوريدي إلى انسداد في الشريان الرئوي، فيعاني المريض من أعراض مفاجئة كصعوبة في التنفّس، والتعرّق، والألم الحاد في الصدر. ويستوجب ظهور تلك الأعراض استشارة الطبيب على الفور.
وفي إطار الوقاية، أكّد طاهرعلى أهميّة إعطاء الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، أدوية وقائيّة مضادة للتجلّط، في حال خضوعهم لعمليّة جراحيّة، أو تعرّضهم لكسر في الورك، أو لالتهاب شديد، أو مكوثهم لفترة طويلة في السرير.
وعلى الرغم من أهميّة تلك الأدوية في الوقاية من الإصابة بالتجلّط، فإن المرضى في لبنان، كما في معظم دول العالم، ما زالوا يفتقرون إلى تلك الأدوية بسبب النقص في التوعيّة عند الأطباء والجسم الطبّي والكلفة المرتفعة للأدوية.
 
نقص العلاج لأمراض سيلان الدم

على مستوى أمراض سيلان الدمّ، ومن ضمنها مرض الهيموفيليا، أكّدت الاختصاصيّة في أمراض الدمّ عند الأطفال كلوديا خيّاط لـ«السفير»، على هامش المؤتمر، أن «لبنان يعاني من نقص في الكميات الكافيّة لعلاج مرض الهيموفيليا». فوفق المعايير العالميّة، يجب أن تتوفّر وحدتان من «عامل التخثر» للفرد الواحد، مع الأخذ بعين الاعتبار مجموع عدد السكان، «أي أن لبنان بحاجة إلى ما يقارب ثمانية ملايين وحدة. غير أن المعدّل المتوفّر في لبنان من وحدات «عامل لتخثّر» يتراوح بين 0،5 و0،7 وحدة للفرد، ما يشير إلى وجود نقص في علاج المرضى في أثناء النزف، وفي تأمين العلاج الوقائي».
ويشكّل مرض الهيموفيليا نوعاً من أنواع أمراض سيلان الدمّ، إذ يعاني المصابون بالهيموفيليا من نقص في عوامل التخثّر في الدم، ما يعرّضهم لنزيف داخلي تلقائي في جميع أنحاء الجسم، وبشكل خاص في المفاصل وفي العضلات، كما يتعرّضون لنزيف عند تعرّضهم لجرح، تكون مدته أطول من تلك المسجّلة بين غير المصابين به.

الهيموفيليا.. ومشاكل علاجها

يعتبر مرض الهيموفيليا مرضاً وراثياًً مرتبطاً بالكروموسوم X، ما يفسّر إصابة الذكور به أكثر من الإناث. ومن الممكن أن تحدث تلك الطفرة الجينية تلقائياً عند الأفراد، حيث تظهر نسبة ثلاثين في المئة من حالات الهيموفيليا عند عائلات لم تعانِ من إصابات سابقة. والنوعان الأكثر شيوعاً من الهيموفيليا هما النوع «أ» الناتج عن نقص في عامل التخثّر XIII، والنوع «ب» الناتج عن نقص في عامل التخثّر IX.
وبحسب خيّاط، يقوم علاج مرض الهيموفيليا على إعطاء المريض عوامل التخثّر الناقصة لوقف النزيف. وتؤكّد جميع الدراسات أنّ إعطاء عوامل التخثّر في أثناء حدوث النزيف فقط، لا يحمي الشخص من الإعاقة الجسديّة الناجمة عن النزف، ما يستوجب، وفق الاتّجاهات الطبيّة الجديدة، إعطاء المريض عوامل التخثّر بانتظام للوقاية من النزيف.
وبحسب الدراسات التي تجريها «الجمعية اللبنانيّة للهيموفيليا» منذ العام 2000، فإنّ جميع المصابين بمرض الهيموفيليا في لبنان، والذين تجاوزوا العشرين عاماً من العمر، يعانون من إعاقة جسديّة بسبب عدم توفّر علاج منتظم.
وأشارت خياط إلى أن «العلاج الصحيح لا يقتصر فقط على الأدوية، بل يحتاج إلى فريق طبّي متعدّد الاختصاصات. فالعلاج الفيزيائي لتقويّة العضلات يخفّف من النزف ويساعد المريض على المشي بتوازن من دون أن يتعثّر. كما يساعد العلاج النفسي المريض على تقبّل مرضه والتعايش معه».
ولفتت خياط المرضى إلى أن «الجمعية اللبنانيّة للهيموفيليا» توفّر التثقيف الصحي والعلاج الطبّي والفيزيائي والنفسي، «وتؤمن الجمعيّة مجاناً الفحوص الجينيّة المرتبطة بمرض الهيموفيليا من نوع «أ» للمرضى وللنساء اللواتي يملكن سوابق عائليّة في المرض والراغبات في معرفة إن كنّ حاملات للمرض».
كما شدّدت خياط على «ضرورة التعامل مع المرضى كأشخاص منتجين في المجتمع، وتقبّل تغيّبهم في بعض الأحيان عن العمل أو المدرسة». 

السابق
ميقاتي قدر المستقبل
التالي
الجوزو يتوعد بالادعاء على السيد نصرالله أمام القضاء