الاخبار: جنبلاط يتنحى حزبياً… ويبقى سياسياً

ما زال زعيم المختارة يشغل البلاد والعباد، ما إن ظهر الحديث عن «تكويعة» جديدة حتى ظهر في الضاحية الجنوبية، ثم على قناة المنار، حيث أكد أنه باق مع الأكثرية وفق حيثياته، مغازلاً الممالك، وغير مهادن مع الأنظمة و«الشبيحة»
في إطلالته على قناة المنار مساء أمس، تحدث النائب وليد جنبلاط عن «صدمة» حزبية سيعلنها في الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي نهاية الشهر الجاري. هذه الصدمة التي لم يفصح عنها، قد تكون ما أبلغه جنبلاط نفسه لقادة بارزين في لبنان وخارجه، بأنه قرر التنحي عن زعامة الحزب، وبأنه قرر الدعوة إلى هذه الجمعية العمومية لإطلاع قادة الحزب وكوادره على قراره النهائي، الذي لا رجوع عنه.
والصدمة لا تقتصر على تنحي زعيم الحزب فقط، بل إن الزعيم، بحسب المصادر المعنية، سيدعو قيادة الحزب الى الاستقالة الجماعية، وسيطالب بعض أعضاء هذه القيادة بعدم الترشح لتولي مناصب قيادية جديدة، وبإفساح المجال أمام قادة جدد وشباب لتولي إدارة الحزب في قطاعاته كافة، كذلك سيدعو أنصاره الى إطلاق ورشة تجديد في التنظيم العام وفي الخط السياسي، وإلى العمل على إعادة تنشيط المشاركة الشبابية في إنتاج القرار.
وعن احتمال تولي نجله تيمور المسؤولية من بعده، قال جنبلاط إنه سيتابع عمله السياسي، لكن ليس كرئيس للحزب، وإن نجله مرشح لتولي زمام الزعامة الجنبلاطية ودار المختارة، وإن توليه مسؤوليات بارزة في الحزب رهن أمور أخرى وليس بقرار منه. ونفت المصادر أن تكون خطوة جنبلاط هدفها الانسحاب من الحياة السياسية «لكنه لم يعد يشعر بضرورة بقائه في قيادة الحزب». وقالت هذه المصادر إن جنبلاط يعي أن الخطوة سوف تربك أنصاره، وأن آخرين سينظرون إليها كمسرحية، لكنه سيصر عليها.
ودعت المصادر الى انتظار الجمعية العمومية التي ستشهد موقفاً سياسياً واضحاً إزاء قضايا داخلية وإقليمية بارزة.
وكان جنبلاط قد أعلن في لقائه التلفزيوني أمس، أنه باق في الأكثرية «لكنني لست باقياً في قالب جامد، بل لدي حيثياتي». وانطلاقاً من ذلك وزع الأوصاف والمواقف وفق هذه «الحيثيات»، هو مع التغيير في كل الدول العربية، لكن هناك أنظمة يجب أن تسقط وممالك تحظى برضى زعيم المختارة، الذي تحدث بود عن ملوك الأردن والمغرب والسعودية، وخص الثالث بالقول إنه «شخص جبار، يحاول أن يكسر قيود بعض المتزمتين في المدرسة الدينية، وهذا ليس بالأمر السهل، هذا رجل إصلاحي كبير، ونأمل أن يوفّق، خطوة تحرير المرأة خطوة أولية، لكن جريئة»، كذلك حصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على وصفين جنبلاطيين، بأنه «صامد، وهو بطل».
حتى مملكة البحرين، التي انتقد معالجة الأمور فيها، لم يصل إلى مقاربة النظام فيها، مكتفياً بالمطالبة بإعطاء الفرصة لـ«المعارضة البحرينية التي لم تكن فئة أو مذهباً»، وبإيجاد تسوية سياسية.
أما في الموضوع السوري، فأكثرَ من الحديث وتوسع حتى حين لم يُسأل، وهو في الظاهر كرر مواقفه المعروفة مما يجري في سوريا، لكنه في التفاصيل استخدم عبارات لافتة، فقلل من شأن «المجموعات المسلحة»، واستخدم عبارات المعارضة السورية عن «الشبيحة»، وعن وجود «من ترك صفوف الجيش»، متسائلاَ: «لماذا تُقمع التظاهرات السلمية؟». وبعدما رأى أن «هنالك أموراً لا تطاق، وما يجري في الداخل السوري غير مقبول»، قال «ليس هنالك حل أمني مع مجموعات مسلحة في سوريا، بل مع متظاهر سلمي، دخل على الخط لاحقاً بعض المتطرفين، وبعض من ترك صفوف الجيش».
 
كذلك لفت رفضه نظرية المؤامرة في كل مكان، وأي دور أميركي أو غربي في الثورات، واصفاً الحديث عن مشروع أميركي بأنه أمر سخيف، وأن «بعض قوى الممانعة متحجرة فكرياً ولا تؤمن بالحربات والديموقراطية»، كما رأى أن هواجس الأقليات ليست مشروعة «على ماذا يخاف المسيحيون في سوريا، من قال إن البديل عن النظام هو سلفي»، وأعلن أنه ليس قلقاً من مشروع تفتيت المنطقة، الذي لفت إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي.
جنبلاط أكد أنه لا يريد صراع محاور في لبنان، مقترحاً «خريطة طريق» لحل الأزمة في سوريا، أبرز بنودها: وقف إطلاق النار وإدانة الاعتداءات على الجيش، إطلاق المعتقلين، إدانة أي مطلب للمعارضة للتدخل الخارجي، محاسبة من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري، والذين نكلوا بالجيش السوري، السماح للصحافة بأن تغطي كل المناطق السورية، مدخل هذا الأمر: الإصلاح، مدخل الإصلاح: إلغاء المادة 8 وصولاً إلى التعددية الحزبية، مدخل هذا الأمر لا يقوم إلا بالحوار.
أكثر من مرة، قال جنبلاط إنه يبقى على قناعاته «وعندما أغيرها أغيرها على الملأ»، مبرراً العشاء مع نواب اللقاء الديموقراطي بأنه لقاء رفاق، ونفى أن يكون قد التقى الرئيس سعد الحريري في باريس، وقال إنه في حال حصول اعتداء إسرائيلي على لبنان «فنحن والمقاومة والجيش على جهوزية التصدي». ونفى وجود كتلة وسطية في الحكومة، بل حكومة «مؤلفة من هذه الأغلبية»، واصفاً أداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنه ممتاز، ولا ملاحظات عليه، وإذ كرر أن المحكمة الدولية هي من لعبة الأمم، ودعا إلى إيجاد تسوية في ما خص المحكمة، قال إن جبهة النضال الوطني ستصوت مع التمويل «إذا لم نتوصل إلى تسوية في الحكومة».

ووصف العلاقة مع حزب الله بأنها كانت جيدة وما زالت، مستغرباً «من أي أتت أخبار الفتور»، وقال إنه التقى الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أول من أمس في جو من الصراحة والنقاش، وتحدثا ساعتين ونصف ساعة عن الوضع في لبنان وفلسطين، وتعشيا «طبخة عراقية وكانت لذيذة، إضافة إلى السفيحة البعلبكية مع اللبن»، في حضور الوزير غازي العريضي، ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.
وقد وزع حزب الله أمس بياناً ذكر فيه أن نصر الله وجنبلاط، ناقشا الأوضاع الإقليمية والمحلية من فلسطين إلى الوضع في سوريا، وموضوع المحكمة الخاصة بلبنان، والوضع الاقتصادي والاجتماعي والحركة المطلبية والعمل الحكومي، وأبديا ارتياحهما إلى تطور العلاقة بين الحزبين «ورغبتهما في رفع مستوى التنسيق والتواصل على كل المستويات «لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة، انطلاقاً من جو الصراحة والحرص والصدق، الذي تناولوا فيه المواضيع المذكورة».
وفي الموضوع السوري أيضاً، أفيد أمس أن استخبارات الجيش أوقفت سيارة فان على طريق عام حلبا ـــــ الخريبة، وبداخلها أسلحة حربية، بقصد التهريب إلى سوريا. فيما برزت أمس زيارة سفير سوريا علي عبد الكريم علي لوزير الخارجية عدنان منصور، مثيراً اتهامات المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، للسفارة السورية بخطف «القيادي السوري السابق المواطن السوري شبلي العيسمي». وطالب علي ريفي بتقديم دليل على ما قاله «إذا كان موجوداً». 

السابق
هل انتهت البرودة بين حزب الله والتيار؟
التالي
لمعرفة عدد الحجاج