عصير الرمان… حاضر بخجل في صيدا !!

تجلس مواهب حجازي التي رافقت زوجها علي وولدها بسام في صناعة شراب الرمان منذ خمسة عقود من الزمن داخل ما تبقى من بساتين صيدا، وتحديداً في منطقة مكسر العبد، تعمل مع ولدها كي لا «تشوط الطبخة»، تعطي توجيهاً لهذا وترشد آخر. وعلى الرغم من تقدم العمر الذي يرسم معالمه على وجهها، لم تيأس أو تمل أوتتعب وتقول: «هو مصدر رزقنا الاساسي».
وتضيف أم درويش: «أحاول الحفاظ على هذا العمل كتراث عائلي، فعائلتي كانت مشهورة بهذه المهنة، ويعتبر شراب الرمان من حاجيات المنزل، ويستعمل في العديد من الوجبات و«الطبخات».
أما ابنها بسام فيقف أمام موقد النار على مدى خمس ساعات متتالية ليحول «أكواز» الرمان وعصيرها الاحمر إلى شراب، في مهنة يحافظ عليها منذ أكثر من 50 عاماً، بعدما ورثها أباً عن جد.
صناعة متأنية

يقول: «ان صناعة شراب الرمان مهنة ليست معقدة، ولكنها تحتاج إلى خبرة ونظافة وطول أناة، إذ تستغرق صناعته نحو ثماني ساعات متواصلة، نبدأ بقطف أكواز الرمان عن الشجر، كما نشتري كميات أخرى وكبيرة من حسبة صيدا بالجملة، حيث يبلغ ثمن الكيلو غرام الواحد نحو الف ليرة لبنانية، بعدئذ نغليه على النار، ثم نعبئه في قوارير زجاجية نظيفة معقمة لتباع الواحدة منها بعشرين ألف ليرة لبنانية.
وعادة يبدأ موسم صناعة شراب الرمان مع نهاية أيلول من كل عام، ويستمر شهراً كاملاً حتى أواخر تشرين الاول، وهو يمر بخمس مراحل أساسية تبدأ بتنظيف «أكواز» الرمان بمياه نظيفة لمرات عديدة حتى تزول عنها كل بقايا الاوساخ والوحل، ثم تقطع، ونفرط حب الرمان بواسطة عصا خشبية صغيرة تسمى «المكتة»، مروراً بتنقيته وعصره وتصفيته وصولاً إلى غليه على نار هادئة.
ويشرح حجازي هذه المراحل قائلاً: «إان كل مرحلة منها تحتاج إلى جهد ووقت، فغسيل الاكواز يعتبر الاصعب لأن النظافة اساس العمل، وهو يحتاج إلى وقت، بينما الفرط بواسطة «المكتة» يحتاج إلى جهد وعرق، فيما باقي المراحل سهلة وتحتاج إلى خبرة ومراقبة دائمة لجهة عصره وتصفيته.
ويوضح حجازي أن هناك أنواعا عدة من الرمان، وأهمها الرمان الحامض العادي والحلو واللفاني (قليل الحموضة) والرمان الصنيني وهو شديد الحموضة، بيد أن أفضل الأنواع التي تستخدم في استخراج شراب الرمان، هو الرمان الحامض والصنيني الذي يزيد من عقدة الشراب.
لا غش.. وأرباح
ويؤكد إن التطور لم يدخل إلى هذه المهنة، فهي 90 % يدوية، فقط عصر أكواز الرمان كان يجري بواسطة اليدين ويستغرق وقتاً طويلاً، أما اليوم فإننا نعصره بواسطة آلة كهربائية، قبل أن نصفيه تحضيراً لغليه على النار.
وتابع: «ما زلنا نستخدم موقد النار على حطب لا حباً بالتوفير أمام ارتفاع أسعار الغاز. بل لأن «الطبخة» تحتاج إلى نار هادئة تستمر نحو 5 ساعات، ونستخدم الوعاء النحاسي كونه الافضل، كي يعقد العصير ويتحول إلى شراب، قبل سكبه في قناني زجاجية نظيفة ومعقمة ويصبح صالحاً للشرب».
ويؤكد: «بتنا مقصداً من مختلف المناطق اللبنانية وليس في صيدا ومنطقتها وحسب، وكثيرون من الزبائن يوصوننا كما حال عدد من أصحاب المحال التجارية، لأن صناعتنا باب أول، ولا نضيف الماء أو ملح الليمون أو حتى النشاء، كي لا تخرب «الطبخة»، نبيع إنتاجنا بالجملة والمفرق حسب الطلب، فالقنينة الواحدة نبيعها بعشرين ألف ليرة لبنانية، وبالجملة بثمانية عشر ألف ليرة لبنانية».
فوائد الرمان
 
أفادت بحوث طبية أجريت أخيراً أن عصير الرمان مفيد وصحي لقلب الإنسان. وكشفت البحوث أن تناول كوب من عصير الرمان يومياً يمكن أن يعيق أو حتى يمنع عوامل تؤدي إلى نوبات قلبية.
واستخدم الباحثون في التجارب التي أجروها حول عصير الرمان فئران تجارب طورت بواسطة هندسة جينية قابلة للإصابة بتجلط الشرايين، إذ جرى تقسيم الفئران إلى مجموعتين، سقيت الأولى ماء والثانية عصير رمان.
ووفقا لما دلت عليه نتائج الدراسة فإن مجموعة الفئران التي استهلكت عصير الرمان طورت الإصابة بتجلط الشرايين بنسبة أقل بـ 54 بالمئة عن مجموعة الفئران التي لم تعط عصير الرمان.
ويقول الباحثون إن الإنسان الذي يحتسي نصف كوب على الأقل من عصير الرمان في اليوم يقلل من احتمالات إصابته بتجلط شرايين أو الإصابة بأمراض القلب.

والجدير ذكره أن المراكز في كل مكان في العالم تقوم بعمل التجارب على المواد الغذائية الطبيعية والتعرف على الفوائد التي يجنيها الإنسان إذا ما تناولها بانتظام أو من وقت لآخر.
وقد كشف عدد من الأبحاث دور المواد المسماة (فليفينويدات) على الجسم، وأنها تعمل كمضادات أكسدة قوية داخل الجسم، بدأ البحث عن هذه المواد في المواد الغذائية، وكانت سلسلة من الأبحاث التي تؤكد وجودها في عدد من النباتات والأزهار، وخص الشاي بعدد جيد من الأبحاث في هذا الجانب.

جديد اليوم اتّجه إلى الرمان، ووجد أنه زاخر بمركبات منع الأكسدة هذه، حيث وجد أنها فعالة بصورة جيدة لمنع أكسدة دهون البلازما (التي يعتقد أنها من أسباب تصلب الشرايين) نشرت الدراسة دورية التغذية الإكلينيكية وجرت الدراسة على أشخاص أصحاء وعلى حيوانات التجارب، حيث أعطي الأصحاء عصير الرمان لمدة أسبوعين والحيوانات 14 أسبوعاً. وذلك بهدف معرفة تأثير عصير الرمان على أكسدة البروتينات الشحمية وتكدسها، وتصلب الشرايين عند الأصحاء أو حيوانات مصابة بتصلب الشرايين.
وجدت النتائج أن عصير الرمان يعمل على التقليل من تكدس البروتينات الشحمية الضارة بالجسم وأكسدتها عند المتبرعين الأصحاء. كما أنه يؤدي إلى تقليل حجم مشكلة تصلب الشرايين في فئران التجارب، وخلصت الدراسة بنتيجة مفادها أن لعصير الرمان مفعولاً قوياً كمضاد لتصلب الشرايين عند الأشخاص الأصحاء، وكذا عند الحيوانات المصابة بتصلب الشرايين. وهذا المفعول يرجع بصورة أساسية لوجود مضادات الأكسدة في الرمان.  

السابق
اعتصام تضامني مع الشعبين اليمني والسوري في صيدا
التالي
السلام …مستحيل