قانون حماية المرأة من العنف الأسري لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية..

يؤيد العلامة القاضي السيد محمد حسن الأمين في المبدأ إقرار قانون حماية المرأة من العنف الأسرى، معتبراً ان مبدأ هذا القانون لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية. ورأى الامين في حديث لـنا أن هذا القانون هو ضرورة، لأنه "يحمي من جرائم أسرية كبرى في حق المرأة".

يقول السيد الامين في هذا السياق: "اننا غير قادرين على معالجة الجرائم الأسرية في المحاكم الشرعية ونحتاج الى قوانين لمعالجتها". المهم ان الامين يرى ان هذا القانون لا ينتقص من صلاحيات المحاكم الشرعية والروحية المتخصصة في حال اقراره لأن هذه المحاكم تنظر في موضوعات النفقة والطلاق والعدة وغيرها من العلاقة بين الرجل وزوجته.
اضاف: "المحاكم الشرعية لا تستطيع سجن المعتدي او تغريم من يقوم بعمل عنيف داخل الاسرة لأن هذا الموضوع يحدد قانون العقوبات الذي يفتقر الى مواد خاصة في الموضوع.
وتمنى ان تدقق لجنة الادارة والعدل النيابية في بنود القانون داعياً إياها الى الاستعانة بالفقهاء المتنورين لاجراء التعديلات اللازمة عليه والتمسك في المضمون بالمبادئ الاسلامية الثابتة التي تراعي قوامة الرجل على امرأته. وتمنى ان يصار الى قراءة مشتركة لمشروع القانون بين الذين اقترحوه وبين لجنة من علماء دين متخصصين لادخال تعديلات عليه.
وأمل الأمين في استمرار النقاش حول مشروع القانون، داعياً المحاكم الروحية والشرعية الى اعادة النظر في كثير من القوانين المعتمدة لديها وتقديم اجتهادات تنسجم مع المبادئ العليا للشريعة تجاه الأسرة والمرأة والرجل والزوجين.

إصلاح الفكر الديني
لكن هل يجيز الاسلام مبدأ طاعة الزوجة المطلقة لزوجها؟ في الحقيقة، لا ينفي الامين مبدأ طاعة الزوجة لرجلها في الاسلام. لكنه يخشى من سوء فهم بعض رجال الدين المسلمين للنص الديني، لأن بعض تفسيراتهم متأثرة بالاجماع الذكوري. فموضوع الطاعة مثلاً أمر محسوم في الاسلام، ولكنها ليست طاعة مطلقة كما يعكسها البعض. ويشرح باسهاب قائلاً: "هي ليست طاعة مطلقة تتنافى مع حرية المرأة واستقلاليتها. ان الشريعة الاسلامية تحدد مجالات الطاعة التي تتناسب مع العقد الزوجي الذي يفرض الطاعة في بعض الأمور". 
وبعيداً من سوء فهم الشريعة واستغلالها لدى البعض، فالاسلام كما يقول الامين "نظر الى الكائن البشري بوصفه كائناً مكرماً، ولم يميز في هذا التكريم بين المرأة والرجل". لكنه لم ينف ان الاجتماع الاسلامي منذ عهد الرسول الى عهدنا الحالي هو اجتماع ذكوري وله اثره على قراءة النص الديني. وبالنسبة اليه، لو ان المرأة ارتقت في اجتماعنا وعياً وثقافة نحو الدين الذي يمثلها، في تقديم قراءة للنص الديني، لربما كانت الاحكام والرؤية الدينية العامة للمرأة مختلفة عما هي الآن. وبرأيه، "لا يجوز استغلال النص القرآني المقدس الذي يقول بأن الرجال قوامون على النساء لمصلحة الرجل".
وقال الامين: "استغلال الرجل للمرأة الى درجة العبودية امر لا يجوز، لأن هذه القوامة محدودة الصلاحيات في حياة الأسرة. وهي متأتية من ان الرجل هو المسؤول عن الاسرة، خصوصاً لناحية النفقة المالية، وهذه المسؤولية الادارية للعائلة لا يمكن ان تتحقق بالفرض والاكراه ومن دون تفاهم بين الزوج والزوجة".

اما في ما خص حق الزوج في ضرب امرأته كما ينص عليه القرآن، فيؤكد الامين أنه "يوجد في القرآن آية تتحدث عن صلاحية الزوج في حال نشوز المرأة او محاولة نشوزها. فتبدأ كما قال بالهجر في الفراش وتنتهي بإباحة الضرب عبر المبرّح وذلك بهدف اصلاح سلوك الزوجة الناشز او التي تريد النشوز. ويستمر بشرحه قائلاً: "في حال لم يكن هناك من نشوز، فان هذا الضرب غير مسموح على الاطلاق".
وعما اذا كان البعض يسيئون شرح الآيات القرآنية لمصلحتهم الخاصة يقول: "البعض يستغلها ويعطي الرجل امتيازات من خلال قراءات منحرفة للنص الديني". وعن مسؤولية الفقهاء في تصويب مبدأ استغلال قوامة الرجل على امرأته، قال: "على الفقهاء المسلمين والمسيحيين اعادة النظر في كثير من الاحكام المتعلقة بالأسرة وبهذه الامتيازات المدّعاة للرجل".
ختاماً، دعا الأمين رجال الدين الى تفسير النصوص والآيات والاحكام الثابتة في كل مجالات الحياة، خصوصاً في موضوع الأسرة وذلك في خطب الجمعة او في غيرها من المناسبات. فمهمة الشرع والتفسير والتنوير والتعريف بالواجبات والمحرمات الدينية وفقاً له ترتكز على دور الفقهاء في اصلاح الفكر الديني. 

السابق
الصحف الورقية تختفي في حلول العام 2040
التالي
خريس: لتوطيد معالم المجتمع المقاوم في كل تفاصيل الحياة