فضل الله: مسؤولية العلماء قيادة الأمة لمواجهة تحديات الداخل والخارج

 شارك العلامة السيد علي فضل الله في مؤتمر "المجمع العالمي لأهل البيت" في طهران والقى كلمة قال فيها: "فيما تعيش الأمة العربية والإسلامية مواجهة قاسية مع الاستكبار والاستعمار الذي يريد الاستيلاء على العقول والقلوب والأرض والثروات، وحتى الأحلام، تبرز الأخطار التي تتمظهر في الداخل من خلال التكفيريين والغلاة والخرافيين، وكل الحاضنين للتخلف الفكري والعملي والعقائدي، حيث تتعاظم هذه التيارات والفئويات، وتنتشر في ربوع مجتمعاتنا وأوساطها كالسرطانيات التي تفتك بالجسم الحي وتنهشه حتى العظم، حتى باتت تشكل أزمة حقيقية له".

أضاف: "إلى جانب خطر التكفيريين، يبرز تحدي الغلاة الذين يدخلون من باب العاطفة والحب للأنبياء والأولياء من خلال بعض الطقوس الدينية، ليشوهوا صورتهم، وليسيئوا إليهم من حيث يريدون ومن حيث لا يريدون. وإلى جانب ذلك، يبرز تحدي الجمود الفكري والعلمي، حيث يخلد هؤلاء القديم ويخلدون إليه، ولا يفكرون في نقاط ضعفه أو سلبياته، بل يعطونه القداسة لما قد يكون غير مقدس، ما يعيق الفكر من أن يتقدم أو يتطور".

وتابع: "كل هذه المخاطر التي تهدد الواقع الداخلي، تستدعي من علماء المسلمين والمرجعيات الدينية أن تتصدى له بعزم وحزم، وهذا مع الأسف ما لم نشهده بشكل فاعل وعملي؛ بل لعلنا وجدنا البعض يفسح في المجال له ويتبناه، أو يخشى من الوقوف أمامه أو التصدي له. ويبرر ذلك بتبريرات لا تقوى على النقد، بل قد تشرع بنحو أو بآخر نزعات الغلو أو التخلف أو الانقسام الاجتماعي، الذي قد يلقى رعاية واحتضان هذه الدولة أو تلك في أحيان كثيرة".

ورأى أن "ما يزيد الأمور تعقيدا، هو عدم مواكبة المواقع الدينية لما يجري داخل العالم الإسلامي من حراك وحيوية، واعتبار هذه المواقع أنها غير معنية بشكل مباشر بما يحصل، هذا إلى جانب عدم إنتاجها خطابا مواكبا يلبي الطموحات، بما يؤدي إلى جعل شرائح الأمة الناهضة تيأس من إمكانية أن تبادر هذه المواقع إلى التمسك بالإسلام المنفتح على تطلعاتهم، في وقت تتوق هذه الجماهير الشابة إلى الحرية، وتتطلع إلى بناء مستقبل أفضل لها ولمجتمعاتها ولبلدانها، فيدفعها ذلك مضطرة إلى البحث عن طريق آخر أو مشارب أخرى تنسجم معها، وتتوافق مع تطلعاتها، وبالتالي، يؤدي بها ذلك إلى هجران الخطوط المستقيمة للاسلام كمنهج للحياة الإنسانية الرائدة".

وأكد أن "إدارة الظهر لما يجري من حراك وحيوية شعبية عارمة في العالم العربي، ينم عن عدم وعي لطبيعة المرحلة وظروفها وتفاعلاتها، وهو ما سيجعلنا نتخلف عن تطلعات وطموحات أجيال شبابية حيوية تمتلك القوة الكبيرة في بناء المجتمعات. والخوف كل الخوف، أن تذهب هذه المواقع المرجعية والقيادية إلى الانعزال، وتفضيل الابتعاد عن الواقع، والبقاء خارج حركة التاريخ الذي تصنعه الأمة اليوم بفكر أبنائها وسواعدهم".

وختم: "إن مسؤولية العلماء في هذه المرحلة، أن يكونوا قادة الأمة التي يوجهونها ويحمونها من الانزلاق إلى ما يريد الآخرون أن تنزلق إليه. أن يقودوها لمواجهة تحديات الداخل والخارج، وأن يبنوا لها المنهج والأسلوب والطريق المستقيم الذي يحمي الأمة من الانحراف أو الضياع". 

السابق
ضاهر: موقف بييتون من كلام البطريرك تخط للاعراف الديبلوماسية
التالي
كبارة: حملة مبرمجة لتصوير الطائفة السنية أصولية