شباب مصر ينزلون علم إسرائيل

فعلها شباب جيل المستحيل. كسروا أنف إسرائيل يوم تصوّرت أنها تقف في الساحة وحدها، بلا منازع لقوتها. غدرت جنودا مصريين على حدود سيناء، فأنزل الشاب البطل أحمد الشحات، علم الصهاينة من فوق سفارتهم في قلب القاهرة. تسلّق الأدوار العليا التي لم تحمِ سفارة العدو كما تصوّر من اختار يوماً مكانها. خانهم ذكاؤهم كالعادة، واكتشفوا بعد أكثر من ثلاثين عاماً، أن سفارةً للدولة الصهيونية في بنايةٍ عالية، لن تكون بعيدة عن أيدي الغاضبين حين يرغبون في إذلال قاطنيها.
أنزل أحمد الشحات علم إسرائيل، بعد أن وثب الأدوار العشرين كلها متسلحاً بإرادة مصري، وقلب شاب يخلق المستقبل. رفع علم مصر عالياً يطهر به مكاناً دنّسه علم الصهاينة طويلاً، وظلّ يطعن أعين المصريين ذهاباً وإياباً وهو يرتفع في واحدة من أكثر مناطق القاهرة حيويةً وازدحاماً.

كان المكان يزدحم بآلاف ترجّ هتافاتهم البنايات كلها. لم يمنعهم الحرّ، ولا اقتراب موعد السحور من الإصرار على مطالبهم بطرد السفير الإسرائيلي وإغلاق السفارة إلى الأبد. وحده «الشحات» قرر أن يحلّ الأمر بيديه. تسلل من بناية مجاورة من دون أن ينتبه الأمن، وتسلّق بثقة الحالم وشجاعة الجندي، الهتافات من تحته تشجّعه. يبتعد عن سطح الأرض، ويتجه إلى حيث يعرف أنه المكان الذي ربما سيلاقي حتفه فيه، لو أن قدمه انزلقت فحسب. لكنه انتصر. انتزع العلم بيديه الاثنتين، حرقه أمام الملايين على شاشات التلفزيون، وقضّ مضاجع إسرائيل كلها ومضاجع حلفائها، أكثر مما فعل أي شيء آخر، نظرا لما حملته خطوته هذه من دلالات سياسية حول المستقبل.

لم يكن علم السفارة هو أول علم إسرائيلي يُحرَق في برّ المحروسة، لكنه الوحيد من صناعة إسرائيلية. الأعلام السابقة كانت تصنع على أيدي مواطنين مصريين غاضبين، ليرمزوا به إلى كيان العدو.
عرف الصهاينة أن السواعد التي عبرت خط بارليف في أكتوبر 1973، لا تزال موجودة. فمصر «ولاّدة».. هكذا نؤمن نحن المصريين، وهكذا أثبت التاريخ.
علم إسرائيل أُنزل من على سفارتها التي تغتصب مكاناً لا تستحقه في قلب «القاهرة» العظيمة، ولن يرتفع ثانيةً أبداً طالما أن مصر تلد كل يوم أحمد الشحات.

السابق
شبح يعبث في متحف نابولي الوطني
التالي
اعتداء على جمعيّة التضامن الدرزي