السقوط المدوي ..

وها هو نظام عربي مستبد آخر يتهاوى أمام نضال شعبه، وها قد عدنا الى السهر لمتابعة الثورات العربية وانتصاراتها، ونحن مغمورون بالسعادة والأمل، لقد تخلص الشعب الليبي الشقيق من ديكتاتور ولغ في دماء شعبه، واحتقر أبناء وطنه وشتمهم ونعتهم بالجرذان.

إن القذافي المصاب بجنون العظمة، والذي لم يكن يصدق أن الشعب لا يريده، وان الغرب لن يفرطوا به، لم يفهم أنهم لا يتمسكون بالأشخاص أو بالشعوب، بل يتمسكون بمصالحهم، فالبشر لا يعنون لهم أكثر من عصارة تقطر بالثروات بدل الدماء.
لم يكن انتصار الشعب الليبي سهلاً أو هيناً، بل قدم شهداء في كل جهات الوطن، فكانت حياته أرخص بكثير من تراب وطنه، ولم يخش الرصاص ولا القذائف ولا مضادات الطائرات، بينما قبع القذافي وأبناؤه وتابعوه في أقبية الذل والعار، كما قبع قبلهم الطاغية صدام حسين في حفرة الجبن والخذلان.

فكل طاغية يقمع شعبه ولا يستجيب لمطالبه السلمية والعادلة، سيسقط سقوطاً مدوياً وسيعيش في أواخر أيامه في الأقبية والحفر والمنافي، وسيلاحقه الذل والعار ويلعنه التاريخ، أو سيواجه القتل والاعدام.
إن المأثرة الرائعة والبطلة التي اجترحها الشعب الليبي الشقيق، هي مثال لما يمكن أن تقوم به الشعوب العربية اذا ما أرادت يوماً الحياة، فهناك امكانات وطاقات عربية ثورية، وأيضاً هناك امكانات فكرية ونضالية، لن تستطيع أي قوة ايقافها مهما بلغت من وحشية، وعلى الأنظمة العربية المستبدة وغير الديموقراطية أو ذات ديموقراطيات شكلية، الاسراع بالاستجابة الى مطالب شعوبها العادلة، وعدم الاستمرار في العنجهية والعناد والاستناد الى القوة، والا فستكون نهايتها أسوأ من نهاية القذافي، وهنا أخص بالذكر كلاً من حكام سورية واليمن اللذين بدأت أنظمتهما بالتضعضع، ولكني بالطبع لا أستثني بقية الأنظمة العربية.

ونحن نهنئ الشعب الليبي الشقيق على فرحة انتصار ثورته الظافرة ونرجو ألا ينسى في غمرة هذه الفرحة اليقظة والحذر من الثورات المضادة، أو من محاولات الالتفاف على ثورتهم، وكذلك عليهم أن ينتبهوا الى قوى الاسلام السياسي الذي غالباً ما يأتي متأخراً ليقفز على الثورة ويجيّرها لصالحه، وعلى الليبيين عدم اعطاء الفرصة لحلف الأطلسي للتدخلات السياسية الداخلية، بعد أن استند الى الغطاء الدولي للتدخل العسكري.

اننا أمام بداية عهد عربي جديد لن تعود بعده عقارب الساعة الى الوراء، وسترسم الشعوب العربية خارطة لشعوب العالم، وستتغير موازين القوى التي كانت تميل لصالح الاستعمار والصهيونية، وسترفع الشعوب العربية رأسها بعد أن أذلها الحكام العرب لعقود طويلة.

إنني متأكد أن الشعوب العربية تنتظر بشغف سقوط طاغية آخر، وستتعلم من بعضها كيف يكون النضال وكيف تكون البطولة.

السابق
الجمهورية: مجلس وزراء متوتّر كهربائيّا هدّد بنسف الحكومة والعونيّون انسحبوا ثم أُعيدوا وبقية الخطة تقرّ اليوم
التالي
مصنع لخدمة أنف المواطن