ليس في المشهد اللبناني بعد نشر القرار اﻻتهامي سوى تكرار، في الشكل، يصعب أن يحجب دينامية مفترضة، في الجوهر .ﻓﻼ ﺗﻐيير ﻓﻲ المواقف بعد النشر عما كانت عليه قبله حين صدر القرار أو عندما سبقته معلومات عنه في وسائل اﻻعﻼم .وﻻ اهتزاز في المواقع داخل السلطة . ﻻ اتهام أفراد في معزل عن منظمات دفع حزب ﷲ الى التخلّي عن احتضانهم والوقوف في وجه ما سمّاه مؤامرة على المقاومة .وﻻ الوقائﻊ بدت مطابقة للتوقعات السابقة بحدوث زلزال سياسي.
ذلك ان المسار محكوم بما يتجاوز قدرة لبنان على ادارته .المحكمة ذاهبة الى محاكمة المتهمين غيابياً بعدما أوصلتها قراءة الرد اللبناني الى اﻻقتناع بعجز السلطة عن تنفيذ مذكرات اﻻعتقال .وحزب ﷲ مستمر في محاكمة المحكمة غيابياً، رافضاً وصف اﻷشخاص اﻷربعة بأنهم متهمون، قائﻼ بلسان اﻷمين العام السيد حسن نصرﷲ انهم مقاومون شرفاء مفترى عليهم ومظلومون .وتيار المستقبل وحلفاؤه يرون شمس الحقيقة والعدالة حسب تعبير الرئيس سعد الحريري الذي دعا حزب ﷲ الى موقف تاريخي فسمع من السيد نصرﷲ ما خﻼصته ان المحكمة أداة في تخريب العﻼقات بين الطوائف.
لكن المشكلة التي تأخذ شكل المحاكمة الغيابية المزدوجة في المحكمة كما في اﻻعﻼم حاضرة في لبنان .ﺣﺎﺿرة عند تيار المستقبل وحلفائه الذين يراهنون على نهاية اﻹفﻼت من العقاب .وحاضرة عند حزب ﷲ وحلفائه الذين يواجهون تسييس المحكمة بنوع آخر من التسييس ويسخرون منها .وحاضرة عند الذين يحاولون احتواءها في الداخل من دون الصدام مع الخارج على طريقة الرئيس نجيب ميقاتي الذي كرّر التزام لبنان القرارات الدولية وﻻ سيما في ما خصّ المحكمة والقضاء الدولي واﻷمل في تحقيق العدالة.
وﻻ أحد يعرف كيف تتطور اﻷمور في الترجمة العملية للمحاكمة الغيابية المزدوجة والمشكلة الحاضرة .لكن الواضح ان ما يدور في لبنان لن يؤثر في المجرى القضائي أمام المحكمة، وان حزب ﷲ ليس في وارد التأثر بالمحكمة مهما يكن حكمها النهائي . فالمعادلة التي يضعها حزب ﷲ أمام قوى ٤١ آذار هي :لكم المحكمة في هولندا ولنا الحكم في لبنان .والرهان لدى قوى ٤١ آذار هو أن المحكمة، بمجريات المحاكمة وما تنتهي اليه، وسط التحوﻻت المهمة في المنطقة، ستؤدي الى تغيير الحكم أو أقله الى سقوط الحكومة.
وليس من السهل على أي طرف، مهما تكن مصادر قوته، أن يتحكم باﻷحداث والتطورات .ﻻ في لبنان المملوء بمرارة التجارب الماضية، وﻻ في البلدان العربية التي تختبر التجارب الحالية الصعبة
