سورية بين تنحية الأسد وتقويته

لو لاحظت التحركات باتجاه سورية لرأيتها تخضع لتنسيق وتخطيط ما. فمع أن الثورة مضى عليها أكثر من أربعة أشهر، إلا أنه لم توجد أي تحركات دولية وعربية جادة تُذكر باستثناء ما حصل في الأيام الأخيرة.
فخبر قُرب صدور بيان لاوباما (قد يكون صدر بالفعل) بضرورة التنحي لجانب المواقف الإقليمية الأخرى من قبيل تصريح الملك عبدالله، وسحب السفراء، وبيان الجامعة العربية، وزيارة اوغلو التركي، كل هذه الأحداث المتــــقاربة بالزمن تومئ بتنسيق وطبخة دولية تحاك بلا شك.

طبعا كلمة لابد من قولها وهي ان النظام السوري ليس ببدع من الأنظمة العربية الأخرى، فهو كغيره يحكم بالحديد والنار. لذا من المضحك ان تأتي المناشدات وسحب السفراء من دول هي أصلاً لا تؤمن بالمبادئ التي تنادي بها المعارضة السورية. يعني ممكن أن أصدق ان تسحب الكويت أو الجمهوريتان المصرية والتونسية السفراء كونها دول تحترم حقوق الانسان وللفرد عندها رأي ويمارس حريته السياسية (أو هكذا اصبح)، فهذه الدول لها ان تسحب وتناشد وتطالب بوقف حمام الدم، اما ان يجيء هذا الطلب من حكومات ودول لا تحترم هذه الحقوق فهو المضحك في الأمر.

لنعود ونقول بان المسألة تحوي تخطيطاً ما! فالمشكلة السورية بلا شك معضلة وأزمة وضع النظام السوري نفسه فيها. لكن الملاحظ في الأمر الدولي والإقليمي أن معسكر الاعتدال لم يشأ التدخل وابداء الرأي والموقف الواضح إلا بعدما اتضحت الأمور وتجلت أكثر. فهذا المعسكر يبدو أنه اخذ يبدي رأيه بشكل أكثر وضوحاً وصار يعلنها صراحة بضرورة تغيير النظام في الفترة الأخيرة حينما شعر بأن المعارضة السورية باتت تلعب دوراً مقلقاً ومؤرقاً لنظامها. فالنقطة الجديرة بالالتفات أن المعارضة السورية برغم ما فيها من مطالبات مشروعة كأي مجتمع عربي آخر، إلا أن قدرتها على إطالة عمر المقاومة إلى اليوم وإجهاد الأجهزة الأمنية السورية بهذا القدر (سواء وافقنا على أنها مدججة بالسلاح أم لا)، هذا المقدار أحيا لدى معسكر الاعتدال الدولي العزيمة على استبدال النظام «البعثي» بنظام أقل غلظة منه. فالأمل أصبح معقوداً بصورة كبيرة على كسر السلسلة الإيرانية/اللبنانية ببديل معتدل مائل نحو الغرب وعقائدي متشدد معادٍ للجار الشيعي.

لكن الملاحظة هذه بالتأكيد ليست غائبة عند الساسة الإيرانيين. فهم وإن كانوا يرتبطون بعلاقة ايديولوجية بالجنوب اللبناني، فهم يرتبطون كذلك بـ «البعثيين» بعلاقة تكامل سياسي في المصالح. من هنا تجد أن للسياسة الإيرانية ملمحين تجاه ما يجري في سورية: الأول هي الدعوة لفتح باب الحوار مع المعارضة وإصلاح سياسي شامل، والثاني عدم القبول بسقوط نظام «البعث» الحاكم مهما كلف الأمر، وهذا ما كشف عنه رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي بعدم ترك سورية فريسة للأميركيين!

لهذا وعلى خلاف من يراهن بقرب سقوط النظام السوري، أجد أن الأمر مختلف تماماً بالنسبة للسياسة الإيرانية التي لن تسمح بذلك، فسيناريو كتلتي 14 و8 آذار اللبنانيتين سيتكرر هنا.

السابق
معنى الأمس..
التالي
الحياة: حزب الله: زج اسمنا خطة لتشويه صورتنا