الشرق : الدعم الايراني المالي توقف…

 وروسيا تلوح بتخليها عن مصير الحكم الحزين! /
اعتراف سوري بصعوبة خروج الاسد من دائرة الانقلابيين /
سابقة مبارك لا تشجعه على التراجع عن تصلبه
الشرق قالت :

تعترف أوساط رسمية سورية بصعوبة الأزمة التي يمر بها نظام الرئيس بشار الاسد، وهي ترى استحالة أمام حل منطقي يكفل بقاء السلطة في يد حزب البعث، طالما ان المعارضة بلغت مرحلة الاصرار على الاطاحة بالنظام، أي أنها لم تعد تكتفي بالاصلاحات التي أعلن الرئيس الأسد عنها، ان لجهة تنظيم الاحزاب او لجهة القانون الجديد للانتخابات. وفي الحالين لا يبدو الحكم مقتنعاً بأنه قدم ما يكفي لإرضاء المعارضة، فيما تبدو المعارضة وكأنها وصلت الى مشارف وضع يدها على السلطة كحال انقلابية لا بديل لها!
وفي اعتقاد الأوساط الرسمية السورية المشار اليها، ان البحث عن بدائل لإسقاط النظام مستمرة على أعلى المستويات، خصوصاً بعدما تأكد للرئيس بشار الأسد وأركان البعث والسلطة ان النقمة الاقليمية والدولية مرشحة لمزيد من التفاقم، حيث من الصعب ان يبقى الوضع على ما هو عليه بعد القرارات والمواقف المتشددة التي صدرت عن الادارة الاميركية بالتزامن مع التشدد الاوروبي الذي أثبت قدرة باريس وبريطانيا على اقناع مجلس الأمن الدولي بضرورة اتخاذ موقف متصلب، من دون التوقف عند «الفيتو
الروسي، لاسيما ان موسكو أصبحت مقتنعة بدورها بأن من المستحيل ان تبقى على تأييدها لسورية، طالما ان الرئيس الأسد غير قادر على التحكم بقراراته الداخلية، مع ارتفاع معدل المواجهات الدامية وتضاعف عدد الضحايا المدنيين!
إشارة في هذا السياق الى ان انفتاح المعارضة السورية على الاميركيين والغرب عموماً لم يعد ينقصه سوى طلب المساعدة العلنية بدور عملي لإزاحة الرئيس الأسد. وهذا التوجه صعب المنال في الوقت الحاضر، حيث ترى مصادر ديبلوماسية أجنبية ان التدخل الخارجي يمكن ان ينعكس إيجاباً على وضع الرئيس الأسد ونظامه. كما يمكن ان يوسع دائرة المواجهات داخل سورية، حتى وإن كان البعض يتصور ان رجب طيب اردوغان يمكن ان يوجه ضربة سياسية تعزز عوامل الرفض الشعبي، فيما هناك من يرى ان العكس صحيح ويعطي حكم البعث فرصة للتخلص من خصومه مهما ارتفع عدد الضحايا!
وثمة إشارة أخرى الى موقف روسيا في مجلس الأمن حيث كان إصرار من جانب موسكو على انتقاد خصوم الأسد لجهة ما يقومون به ضد السلطة. وهذا كلام باطل يراد به حق غير مقبول على الساحة السورية التي باتت تفتقر الى أدنى مستويات الدعم العربي والأجنبي، خصوصاً ان الثقل الروسي ومعه ثقل الصين وبعض دول أميركا اللاتينية لن يغير شيئاً في مجرى الحرب الدائرة في سورية على مدار ساعات الليل والنهار؟!
والملاحظ أيضاً، ان رهان المعارضة يشبه رهان الحكم السوري لجهة الافادة من عامل الوقت، حيث من الصعب على الجانبين الاستمرار في لغة التصعيد نظراً لما تحمله من خسائر بشرية ومادية فادحة، فضلاً عن عدم قدرة أي طرف على التراجع مهما اختلفت الاعتبارات الداخلية والخارجية، لاسيما ان الغرب قد وضع ثقله وراء مشروع إزاحة الرئيس الأسد الى حد اقتناع الأخير بصعوبة بقائه في موقعه، حيث أمور المنطقة لم تعد تتحمل المزيد من الانهاك العربي بعد الذي عانت وتعاني منه مصر وتونس، إضافة الى تفاقم معاناة ليبيا واليمن… واستمرار معاناة البحرين على رغم ما تلقاه من دعم سعودي ومؤازرة خليجية!
والسؤال المطروح إقليمياً، يأخذ في الاعتبار أيضاً الأحوال السلبية في العراق (…) إضافة الى ان الوضع في الاردن مرشح لأن يتطور باتجاهات سلبية، بعد سلسلة دلائل على ان حكومة الملك لم تعد متماسكة، وهذا ينطبق على عدم تفاهم الاميركيين مع العراقيين، حيث لا بد وأن يختلف الوضع فور حصول انسحاب عسكري أميركي غير متوازن، بحسب اجماع أوساط مراقبة تقول ان واشنطن لم تعد راضية عن تفاهماتها الجانبية مع من جربت الاتكال عليهم ومن ضمنهم من وصل الى السلطة بصورة ملتبسة!
وعن النظرة السورية الىالتطورات في مصر، هناك من يجزم بأن الرئيس الأسد لن يغير من سلوكه في السلطة لإرضاء أي طرف داخلي او خارجي كونه يعرف النتيجة مسبقاً. لذا فإنه يفضل الاستمرار في حرب إثبات الوجود على ان يتحول تلقائياً وطوعاً الى مثل ما يعاني منه الرئيس حسني مبارك، مع فارق كبير كخلاصة للمصادمات الدامية وكنتيجة حتمية لإباحة محاكمته بجرائم حرب وبما يتعدى الدعاوى المقامة على الرئيس المصري المخلوع مع نجليه وكبار المقربين منه؟؟
ومن جهة ثانية، فإن قدرات السلطة السورية على التحرك في الخارج، وتحديداً في كل من لبنان والعراق وفلسطين، لم تعد متوافرة وهناك من يؤكد أنه جرت محاولات متكررة لدفع لبنان باتجاه الصراعات الداخلية التقليدية. لكن ذلك لم يحصل بعدما تبين لحلفاء الرئيس الأسد في لبنان مثل حزب الله وحركة «أمل
والتيار الوطني وبعض الأحزاب من الخوارج، ان ما حققوه يوم وضعوا يدهم على الحكومة قد يتسرب سريعاً، حيث لم يعد بوسع أحد الرهان على تصرف مسلح مهما اختلفت أهدافه. وهذا ما ينطبق على الدور السوري المتراجع في العراق وفي فلسطين، حيث ظهرت ردود فعل غير مرحبة بطريقة تصرف حكم البعث مع خصومه، فضلاً عن خوف الفصائل الفلسطينية من ان يأتي تصرفها في غير محله، لاسيما عندما يحين أوان رحيل النظام، حيث يصعب على الحلفاء الفلسطينيين الظهور بمظهر المناوئ للانتفاضة الشعبية، وهذا ما سبق لحزب البعث ان سعى تكراراً لتحقيقه بلا طائل!
وما يقال عن حركة «حماس
ومؤيديها من الفصائل الفلسطينية غير الراغبة في اقحام نفسها في صراع سوري داخلي غير محمود النتائج، ينطبق على حزب الله الذي يعاني من «غربة داخلية
مرشحة لأن تضعه في قفص الاتهام بحسب مجريات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. والحزب لا يريد ان يقع في المزيد من المشاكل مع الأسرة الدولية ومثله النظام في إيران حيث تراجع الكلام كثيراً على ان الرئيس محمود أحمدي نجاد مع الرئيس بشار الأسد في السراء والضراء!
لقد دلت تجارب الأشهر الثلاثة الأخيرة على ان المساعدات المالية الايرانية لسورية وصلت الى عناوين سياسية، حيث لم يتحدث أحد عن إفادة الخزينة منها. وهناك من يجزم بأن ذلك قد أغضب الايرانيين وخفف كثيراً من حماسهم واندفاعهم في مساعدة سورية اقتصادياً ومالياً، ما أدى الى تفاقم الاختناق الاقتصادي بما في ذلك تراجع مخزون القمح الى أدنى مستوياته!
والجديد السوري القديم، ان التوظيفات المالية والاستثمارات قد تقلصت بصورة كبيرة، إضافة الى ان معظم أصحاب الودائع قد سحبوا أموالهم من المصارف كما أوقفوا الصرف على مشاريع اعمار وبناء ومصانع خوفاً من الآتي الأعظم المتمثل في وقف دفع الرواتب والأجور ما يزيد الطين بلة!
ولأن يد الحكم السوري لم تعد مؤثرة في لبنان والعراق وفلسطين، غير ان معلومات تؤكد ان القيادة السورية لم تفقد الأمل الى حد الاعتراف بالفشل على رغم التنازلات التي قدمتها للمعارضين، بما في ذلك اصرار المتظاهرين على تلقي اثمان سياسية أقلها اقتلاع نظام البعث ومعه أنظمة أحزاب حليفة زادت من تصرفها المسيء ضد الشعب، ما اكسبها نقمة لم تكن تتوقعها، وبينها أحزاب وقوى عريقة وجدت نفسها مضطرة لمسايرة الرئيس الأسد على حساب مبادئها ومصلحة البلاد العامة (…).
ولجهة التوقعات، فإن أوساطاً مطلعة ترى ان من الصعب، بل من المستحيل على الرئيس الأسد ان يزيد في سنوات حكمه. وهذه الاستحالة تنطبق على تعذر بقائه في السلطة، حيث تراجع الدعم من جانب موسكو التي صدر عنها أخيراً ما يفهم منه أنها فقدت الأمل ببقاء الرئيس الأسد بعيداً من النهاية الحزينة التي لم تتوضح الى الآن بالمنظار الخارجي لكنها أصبحت مؤكدة وحتمية قياساً على ما هو حاصل داخل سورية متزامناً مع كل صلاة ومع دقائق شهر الصوم والتراويح؟؟ 

السابق
الديار : أعنف هجوم لـ«الأخوان ضدّ الميقاتي
التالي
المستقبل : الجميل: ما نفع الحوار حول المحكمة وهم