عملاء سورية… ومنع الاختلاط

 يُذكر أن كسرى ملك فارس جلب لولده مربياً ليعلمه الأخلاق والآداب، فاستمر المعلم في توجيه الابن حتى رأى منه فضلاً وخلقاً، وفي أحد الأيام قام المؤدب بضرب ولد كسرى ضرباً مبرحاً من دون سبب، ما جعل الغلام يحقد على معلمه، وبعد أعوام مات الملك فتولى ذلك الغلام الحكم، فاستدعى معلمه وذكره بالموقف، فقال المعلم: لما رأيت ما أنت عليه من الذكاء والفطنة علمت أنك ستتولى الحكم بعد والدك، فأردتك أن تجرب مرارة الظلم حتى لا تظلم أحداً.
لي مع هذه القصة ذكرى، تمتد لأكثر من عشرين عاماً، حيث ذكرتها في أول خطبة اعتليت بها المنبر بعد التحرير عام 91، وكان موضوعها عن الظلم، وأشرت إلى أننا جربنا مرارة الظلم خلال الغزو العراقي للكويت، وقد منّ الله تعالى علينا بنعمة التحرير وزوال الظلم، فلنحذر من الوقوع في ظلم الناس.
واليوم إخواننا في سورية يتعرضون لصور شتى من ألوان القمع والظلم والتعذيب من نظام «بعثي» لم يختلف في تعامله مع شعبه عن الأسلوب الذي استخدمه «البعث» العراقي في الكويت، ولذا سيكون من المعيب في حقنا ككويتيين أن نقف مع المجرم ضد الضحية.
كنا أيام الغزو نفرح بمواقف الدول والشعوب التي تناصر قضيتنا، ولم ننس لهم الجميل، كما كانت لنا مشاعر مختلفة تجاه من وقفوا ضدنا وناصروا الطاغية، حتى سميناهم بدول الضد وتمت مقاطعتهم زمناً طويلاً، وأسأل حكومتنا هنا عن حقيقة الملايين الثلاثة التي شاع خبر تقديمها للنظام السوري، والتي هي بلا شك صورة من صور الدعم والتأييد لذلك النظام، ألا نخشى من زرع مشاعر الكراهية في قلوب أشقائنا السوريين، ألا نخاف من انتقام الله عز وجل منا إن ساهمنا في دعم الطغاة والظالمين؟
عندما أقرأ بعض الأحاديث النبوية التي تحذر من مساندة الظالم أتعجب من جرأة البعض على دعم النظام المتسلط في سورية، ومن أخطر تلك الأحاديث قول الرسول عليه الصلاة والسلام «من أعان على دم مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله». فماذا نقول للدول والأحزاب والطوائف والسياسيين والإعلاميين والتجار الذين يدعمون هذا النظام ويناصرونه مادياً ومعنوياً؟ والله إنه لن يغني عنكم من الله شيئاً يوم القيامة.
سأل خياط لأحد السلاطين الظلمة الإمام أحمد بن حنبل: هل أنا من أعوان الظلمة، فقال: بل أنت من الظلمة أنفسهم، وأما أعوان الظلمة فهو من باعك الخيط والإبرة.
اختلاط أم خلط أوراق
لم يجد التحالف الوطني وسيلة لتشتيت الأنظار عن الصفقات التي تعقدها كتلة العمل الوطني (ذات الاتجاه الليبرالي نفسه) مع الحكومة سوى خلط الأوراق، وذلك بتحميل قانون منع الاختلاط مسؤولية عدم قبول أعداد كبيرة من الطلبة في جامعة الكويت، هذا القانون الذي جاء برغبة شعبية وبأغلبية نيابية، ومع ذلك يأتي أمين عام التحالف ليطالب الحكومة بإصدار مرسوم ضرورة يلغي ذلك القانون، فيا له من قفز على الدستور الذي تتغنون باحترامه وأنتم تدوسون في بطنه، وعلى الديموقراطية التي تزعمون أنكم تدافعون عنها وأنتم من أكثر الرافضين لنتائجها.
مشكلة القبول في الجامعة لا يكون حلها بالاختلاط، وإنما بسرعة إنجاز الجامعة الجديدة، وبالسماح في افتتاح جامعات خاصة أخرى، وليس احتكارها على فئة معينة، الحل بدراسة مخرجات التعليم وحسن التخطيط، وليس بالعودة إلى الاختلاط المشؤوم، من هنا نقول للتحالف الوطني إن محاولتكم إيجاد أعذار واهية للحكومة لتبرير عجزها وفشلها أصبحت لعبة مكشوفة، وأنصحكم بأن تلعبوا غيرها. 

السابق
الجراح: قرار الحكومة ليس بيدها
التالي
الإدارات العامة في لبنان: بين الفساد المستشري والإصلاح المرجو