مراهنات ساقطة وتدخلات مرفوضة

 في القراءة التحليلية للتاريخ السياسي اللبناني، أن الأزمات وتشعباتها العديدة، التي سطرت حقباً متلاحقة فيه، تعود في الاساس الى مراهنات داخلية على غير الدولة في تحقيق الانماء والاصلاح والعدالة والتطوير وتحديث القوانين، والى تدخلات خارجية ناعمة سياسياً ودبلوماسياً وخانقة اقتصادياً، وحارقة فوضوياً، وذلك بما يشبه <الحلف المقدس> بين هذه المراهنات وتلك التدخلات ذات القنوات المباشرة حيناً، وغير المباشرة حيناً آخر، وفي المحصلة تكون النتيجة واحدة لصالح المراهنين المتدخلين معاً·

فالمراهنة حسابات خاطئة في التفكير والتقدير، ورؤية قاصرة في التحليل، وإرتهان لقوى التدخل الخارجي التي تخالف قانون وتقاليد واعراف ومعاهدات التمثيل الدبلوماسي في العلاقات الدولية لأنها اعتداء على سيادة وخصوصية واستقلال هذه الدولة او تلك، وقد تكبّد اللبنانيون: دولة وشعباً ضرائب مكلفة جراء المراهنات قديمة وحديثة على غير الدولة في معالجة خلافات داخلية ومواجهة اخطار خارجية، وجراء إقدام دول من هنا وهناك، على ممارسة الوصاية والحماية والانتداب على لبنان تحت ذرائع وشعارات واسباب تخدم مصالحها، وليس لصالح اللبنانيين، وتؤدي الى الفتنة المذهبية والطائفية والمناطقية في ما بينهم، وتهدم السلم الاهلي والوحدة الوطنية·

خطأ المراهنة وخطر التدخل الخارجي افضيا باللبنانيين الى:

1- تعميق وتأصيل ثقافة الإخاء والتعاون والإنصهار الوطني، والإنخراط في صف الدولة وفقاً لمعادلة: أن قوة الشعب من قوة الدولة، وضعف الشعب من إضعاف الدولة، وأن الخدمات العامة والإرتقاء بالادارة والانماء المتوازن والاصلاح المالي وغيره، هي من مهمات وواجبات الدولة، وليس من مهمات وواجبات غيرها·

2- التمسّك بسيادة واستقلال وحرية قرار الدولة اللبنانية والحؤول دون اعطاء الدوائر الخارجية ذرائع وممرات التدخل في الشأن الداخلي، لان التدخل في الشأن الداخلي، لان التدخل هو لفرض وصاية على الدولة وحماية مصالح المتدخلين، وليس للحفاظ على المصلحة اللبنانية او حماية المراهنين على هذا التدخل، أيا كانت مواقيته وشعاراته·

ولذا، قطع اللبنانيون شوطاً بعيداً وحققوا نجاحات غير قليلة، في ردم الهوة والإقلال من الخلافات القائمة بينهم، واغلقوا الكثير من منافذ التدخل في قضاياهم الوطنية، وتشريعاتهم الدستورية، وتوافقاتهم الميثاقية، ومن الطبيعي ان يكونوا مستندين بذلك، الى خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي ارفد هذا الخطاب بمسلمات جلسات الحوار السابقة وتأثير ذلك، ايجابياً على حماية العيش المشترك من التشتت، وسقوط المراهنات على غير الدولة في النهوض بالوضع العام بكل مستوياته وقطاعاته، وفي سد التدخل الخارجي في الشأن السيادي اللبناني· 

السابق
اختبار قدرة الحكومة من شروط الحوار
التالي
إسرائيل تهمل شكوى لبنان وتنفرد بحقول الغاز