إما الدولة وإما الكانتونات…

 مرة أخرى، وليست أخيرة، في موضوع الدولة الواحدة الوحيدة، والوطن الواحد وإن لم يصبح وطنا بعد، والمرجع الواحد، والسلطة الواحدة، والقرار الواحد.

كثيرون اتصلوا، مشكورين، وأدلوا بآراء مفيدة ومشجعة. المهم إكمال الشوط وبلوغ الأرَب.

لا يستطيع أي فريق أن يقول للآخرين لي دولتي ولكم دولتكم. لي لبناني ولكم لبنانكم. لي سياستي ولكم سياستكم. لي قراري ولدولتكم قرارها. لي سلاحي ولجيشكم سلاحه.
لي دوافعي وغاياتي وأسبابي ولدولتكم دوافعها وغاياتها وأسبابها…

هذا كلام خطير للغاية؟
بل هذا هو الواقع، واقع لبنان راهناً ومنذ سنوات. وهذا هو ما يُسمّى عادة الوضع الشاذ، الذي لم يعد لبنان واللبنانيون قادرين على تحمّل المزيد من فصوله وأبوابه ومفاجآته.

واذا كان لا بدّ من تضييع المزيد من الوقت الضائع، فعلى الأقل لتكن الصراحة هي القاسم والجامع المشترك. وليكن الصدق. تريدون الحوار وطاولته، فلتكن الدولة وعودتها وأحاديتها البند الوحيد.

فالبديل من الدولة ليست الدويلة، أو المقاومة، أو الحزب فحسب. بل الدويلات. وعلى امتداد هذه الجغرافيا المفسوخة منذ وقيعة البوسطة.

بل الكانتونات الطائفية هي البديل، بعد فسخ البلد الولد الى حصص مذهبية، والى ما ليس في الامكان الآن تصوّره على حقيقة ما قد يرسو عليه.

لا نسعى في أثر أية إثارة أو شوشرة، أو بلبلة. همّنا دعوة جميع القوى المؤثرة والأحزاب الفاعلة والمرجعيات والقيادات اللبنانية الى التأمل  في ما آل اليه حال لبنان.
ولا بأس بمراجعة هذه العقود المنصرمة وما شهد لبنان واللبنانيون خلالها من أهوال وموت وخراب وتشرّد وهجرة وبؤس.

لقد استنفدت هذه الكائنات الصابرة، هذه المجموعات، هذه الجماهير الغفورة، كل مخزون الصبر والتعقّل والتريث، واستعارت المزيد من هنا وهناك.

وباتت قاب قوسين أو أدنى من المفاتحة والمصارحة، ومن وسط الساحات، مطالبة الآخرين والمعنيين بالإجابة عن السؤال المصيري الذي صار على كل شفة ولسان:
تريدون الدولة أم الدويلات؟ تريدون الوطن اللبناني الموحد المستقل والعيش المشترك في ظل نظام ديموقراطي برلماني، أم تريدون الدويلات والكانتونات… وهو المشروع الذي تشتهيه اسرائيل، وتسعى في سبيل تحقيقه ورؤية لبنان النموذج الرسالة والصيغة الفريدة… مفتتاً وممزّقاً، لتبرر المضي في مشروع التهويد والصهينة وما الى ذلك؟
نعم للحوار. ولكن على هذه الأسس. ولهذه الأهداف. وللمصارحة والمصالحة والمسامحة، وكفى الله المؤمنين شرَّ القتال.
 

السابق
دمشق التي لم تعد الآن هنا (1)
التالي
مؤسسة السيد فضل الله: الاثنين 1آب أول رمضان