يمارسون الموت في جنازات وهمية… تنتهي بتصفيق وغناء

في الثانية والستين، بدأ ها يو سون يشعر باقتراب اجله، متسائلا عن اللحظة التي سيجيئه فيها الموت. لكن لم الانتظار؟ فكّر في نفسه: يمكنه ان يقوم باختبار تجربة.
ارتدى ها يو سون ملابس تقليدية صفراء للموتى، وتمدد داخل نعش، وشعر بسلام، قبل ان يتوجه اليه رجال متجهّمون، متشحون بالسواد، أغلقوا عليه النعش. حينها شعر بأقصى مخاوفه: لقد حل اخيرا السواد الابدي. "كم كنت ممتناً لأن هذه الجنازة كانت وهمية، ولم تكن حقيقية"، يقول: "هناك خطوة واحدة تفصل ما بين الحياة والموت، لكنها هائلة".

انضم ها الى نحو 70 شخصا شاركوا في دورة تدريبية بعنوان "الموت في شكل جيد" نظمها مكتب تابع للادارة المحلية في شمال غرب العاصمة الكورية الجنوبية سيول، وكان شعارها: "لا تعتبر ان الحياة أمر مسلّم به". وخلصت بيك سونج – اوك، وهي مريضة بسرطان المبيض وخضعت لعلاج كيميائي اعواما عدة، الى ان تجربة التمدد في نعش جعلتها تشعر اكثر بانها تثمن من هم حولها. "ساتخلى عن الجشع لاتواصل مع زوجي ولاحب بناتي اكثر"، تقول وهي تهم بالخروج من النعش.
ومن النشاطات التي تضمها الدورة، كتابة رسائل وداعية. "حتى لو لم اعد موجودة بينكم، ارجوكم ان تتفقوا مع بعضكم البعض وان تكونوا اقل انانية"، كتبت كيم يونغ – سوك لاولادها الاربعة. بالنسبة الى مرشد الدورة كانغ كوانغ – اه، فإن تجربة الاقتراب الفعلي من الموت "يمكن ان تفيد كثيرين من كل أطياف الحياة، كباراً كانوا ام صغاراً".

الانتحار مسألة كبيرة في كوريا الجنوبية. وبين الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي، اذ تحل كوريا الجنوبية بين المراتب العليا على هذا الصعيد، في وقت تسجل نسبة الانتحار ارتفاعاً، خصوصا بعد الازمة المالية الآسيوية عام 1997، ولا تزال النسبة تسجل ارتفاعاً. ويبين انتحار K، وهو احد مشاهير البوب، وحتى انتحار رئيس سابق، الجانب السلبي لنمو اقتصادي سريع ولأجواء شديدة التنافس.
ويلفت كانغ، وهو استاذ التمريض في جامعة ساهميوك، الى ان "السبب الاول لموت اشخاص في العشرين او الثلاثين او الاربعين هو الانتحار. انهم اشخاص من الطبقة العاملة… والمشاركة في الدورة قد تغير معنى حياة احدهم، وتعطيه فرصة ليعرف نفسه".
وفي وقت يرى بعضهم ان الجنازة الوهمية طريقة للتأمل في الحياة والتحضر للموت، يثير آخرون اسئلة مشككة في امكان ان يشكل هذا التحفيز على الموت وقاية من الانتحار، ملقين اللوم على بعض المتعهدين لاستخدام الامر كحدث تجاري. ويرى استاذ الفلسفة في جامعة هالليم رئيس مركز جامعة هالليم للوقاية من الانتحار اوه جين – تاك ان "التسلل الى نعش يعني ممارسة الموت الذي قد يحصل في اي عمر وفي شكل غير متوقع. لكن تجربة النعش بذاته ليست كافية".
غير ان المدرب كانغ يؤكد ان المشاركين في الدورة لا يعانون انهيارا عصبيا. "بدلا من التحضر للموت، فان برنامج الدورة يجعلهم يفكرون في الحياة"، على قوله، ملاحظا ان المشاركين يخرجون راغبين في عيش الحياة بملئها.
بانتهاء التمرن على الموت، ينتهي ايضا المزاج الكئيب. ويشعر المشاركون بالسعادة بالعودة من الموت ويبدأون بالتصفيق وبغناء اغنية "هابي" (اي سعيد). ويقول ها: "حتى لو حاول احدهم تجربة الامر للتسلية فقط، فان الاختبار سيخبره بالتأكيد شيئا… عن الموت

السابق
فادي الهبر: الافراج عن الأستونيين منحة من سوريا
التالي
ملف سري..حزب الـله نقل معسكراته إلى البقاع فبيروت