مباراة دخول الجامعات هاجس آخر

يشهد تموز منافسة مستعرة بين الطلاب الذين يتسابقون لحجز مقعد يؤمّن لهم متابعة تحصيلهم العلمي الجامعي في العام المقبل. هذه المنافسة، وإن كانت تشمل الجامعات الخاصة، الا انها تبلغ الذروة في معظم كليات الجامعة اللبنانية، حيث تقدم آلاف طلبات الإنتساب الى كل كلية، ليتم قبول العشرات فقط، بعد إجراء مباراة دخول.

"لم يتسنّ لنا ان نهنأ بصدور نتائج الامتحانات الرسمية لنعود ونعيش مرحلة جديدة من التحدي والانتظار"، بشيء لا يخلو من القلق، تعتبر الطالبة راشيل انها وأترابها في مرحلة لا يحسدون عليها. "في هذه الفترة يعيش الطالب ضياعا على مستوى اختياره الكلية والتخصص في آن معا". تضيف: "ما يزيد الطين بِلّة اننا لوهلة قد نشك في قدراتنا وإمكاناتنا. على رغم اننا تمكنا من تجاوز الامتحانات الرسمية، يبقى لمباراة الدخول رهبتها الخاصة".

لا تخفي راشيل قلقها مما ينتظرها، "لا شك في انني أستعدّ جيدا من خلال مراجعتي بعض النماذج من مباراة سابقة، لكن ماذا لو تسللت الواسطة في اختيار أسماء المرشحين؟"

لا لإلغاء المباراة… ولكن

إختارت الطالبة سلستي الدخول إلى معهد الفنون الجميلة، والتخصص بالهندسة الداخلية، وتقول: "بعدما تقدمت بطلب الانتساب، نلت رقما يتجاوز الألفين ومئة، ما يعطي فكرة عامة عن عدد المرشحين، في حين لن يتم قبول أكثر من 30 طالبا".

حيال التحديات التي يختبرها الطالب في هذه المرحلة، تطلق سلستي صرخة إلى المعنيين: "نؤمن بأهمية مباراة الدخول، ولا نطالب بإلغائها، ولكن نتمنى لو يتم الإفساح في المجال امام عدد أكبر من المنتسبين، ولا سيما أن الظروف الاقتصادية لا تشجع على الدخول الى جامعات خاصة".

من جهته، فضّل الطالب رجا نعّوم عدم الانتساب إلى الجامعة اللبنانية، "نظرا إلى صعوبة مستواها العلمي" على حد تعبيره، موضحا: "إخترت التخصص بإدارة الفنادق في "الحكمة"، حيث امتحان الدخول كناية عن مقابلة شخصية إلى جانب تقديم علامات السنوات الدراسية الثلاث الأخيرة. لذا، أجد حظوظ قبولي مرتفعة مقارنة بزملائي الذين اختاروا اللبنانية".

يجد رجا أن من غير الممكن التنكر لأهمية خضوع الطالب لمباراة دخول، "ولكن شرط ألا تكون "كعيوة"، بل للتأكد من صحة كفاءاته، وعدم تلاعب أحد بعلاماته خلال الاعوام المنصرمة".

بدوره، يبدي الطالب ماركو ملكيان ارتياحه الى عدم خضوعه لأي امتحان دخول في "اللبنانية"، قائلا: "بما أنّ علاماتي غالبا ما تلامس المعدل، اخترت اللجوء إلى جامعة سيدة اللويزة، من أجل التخصص بإدارة الاعمال. لذا، أجد نفسي خارج الضغط النفسي الذي يعانيه معظم الطلاب في الآونة الاخيرة".

صدقة

من جهته، يولي رئيس قسم الصحافة في كلية الاعلام والتوثيق جورج صدقة، مباراة الدخول أهمية كبرى، "هذه المحطة لا بد منها للحد من الاعداد الكبيرة المتوافدة، في حين ان كليات اللبنانية غير قادرة على استيعابهم ولا حتى سوق العمل". ويتابع موضحا: "على سبيل المثال، يتقدم إلى كلية الاعلام سنويا نحو 1600 طالب، من هنا لا بد من اللجوء إلى اختيار المرشحين عبر الامتحان".

في هذا السياق، يتوقف صدقة عند أبعاد مباراة الدخول: "هذه العملية ضمانة أكيدة في اختيار النخب، وعلى المدى البعيد تزيد من مستوى الخريجين التعليمي، وترفع من قدرات الجامعة اللبنانية وسمعتها، ولا سيما أنّ الامتحانات الرسمية في المرحلة الثانوية لا يمكنها ان تكون المصفاة الاساسية لدخول الطلاب إلى الجامعات".

وهل إن مباراة الدخول إلى المرحلة الجامعية نتيجة عدم ثقة بنتائج الشهادات الرسمية؟ يجيب صدقة: "شهادات البكالوريا تبقى عامة، في حين ان كل كلية تحتاج إلى امتحان طلابها في مجالات التخصصات التي تدرسها، لكي تختار الافضل بين الطلاب". ويضيف: "إمتحان الدخول يعتمد على المواد التي تعتبرها كل كلية أساسية بالنسبة إليها، بالتالي امتحان الدخول ضرورة في اختيار مرشحين يتناسبون مع اختصاص الكلية".

ويلفت صدقة إلى ارتفاع النقاش حول امتحان الدخول بين وقت وآخر في الأروقة الاكاديمية: "بعضهم يعتبر انه يحد من المساواة بين الطلاب والفرص، ولا سيّما مع تفاوت مستويات المدارس في لبنان. لذا، هناك بعض الطروحات الايديولوجية التي تعتبر أن امتحان الدخول ليس ضرورة بما أنه يحدّ من تساوي الفرص أمام الطلاب".

أما بالنسبة إلى كليات "اللبنانية" التي لا تحتاج إلى امتحان دخول، فيوضح صدقة: "على سبيل المثال، كلية الحقوق والعلوم السياسية قادرة على استيعاب عدد كبير من الطلاب، إلا أنّ العام الجامعي الاول يشكل مصفاة للطلاب، على نحو يتم غربلتهم، فلا يتابع إلا أصحاب الكفاية".

وردّا على سؤالنا: من يحدد عدد الطلاب المقبولين؟ يجيب صدقة: "مبدئيا، مجلس الوحدة في الكلية يحدد قبل الامتحان أعداد الطلاب التي يمكن استيعابها، والتي يتحملها سوق العمل في كل اختصاص". في هذا الاطار، يشجّع صدقة الطلاب على "اختيار تخصصات يحتاج إليها سوق العمل، وتوفّر لأصحابها الكثير من فرص العمل أبرزها إدارة المعلومات".

وهل يمكن طرح بدائل عن مباراة الدخول، يوضح صدقة: "يمكن ان يتم إجراء مقابلة مع الطالب أو الأخذ في الحسبان نتائج تحصيله المدرسي، ولكنّ الامتحان الخطي يبقى محطة أساسية لا مفر منها كما في بقية جامعات العالم لضمانة اختيار النخبة".

إزاء خوف الطلاب وتوجسهم من الواسطة، يدعو صدقة إلى "الاتكال على النفس وتحدّي الذات، لأن الواسطة مهما تعاظمت سرعان ما يفضح سوق العمل صاحبها". ويضيف: "يبقى التحدي الأكبر على كل كلية في درء التدخلات الخارجية عنها لضمان سمعتها والمستوى الاكاديمي لطلابها".

حيال تهافت الطلاب على دخول الجامعة اللبنانية، واستحالة دخولهم الجامعات الخاصة، ألا يستحق مستقبل الطلاب بعض التعديلات التي تسمح باستيعاب أكبر عدد ممكن منهم؟

السابق
كامل جابر: البلديات تمتنع عن شراء كتاب يبّرز وجه الجنوب الحضاري
التالي
14 تموز انطلاق مهرجان بعلبك