رفض المحكمة لا يعطّل مسيرتها

في منطق الامور ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وان لكل متهم الحق في توكيل من يشاء من المحامين للدفاع عنه ودحض التهم الموجهة اليه، وهذا يحصل في كل العالم الا في لبنان مع الذين يتم توقيفهم من الاحزاب والميليشيات السابقة واللاحقة، اذ يتم سجن مشتبه فيه لأشهر او سنوات قبل ان يطلق سراحه، من دون رد الاعتبار اليه او الاعتذار منه ومن عائلته او التعويض المادي عليه، والطريف في الامر، اي المبكي بالتأكيد، انه يُهدد ويُمنع من الكلام خصوصا الى الاعلام.

تقبض عليه الميليشيات، تحقق معه، تسجنه، تعذبه، ثم تسلمه الى احد الاجهزة الرسمية "المتعاونة والصديقة والحليفة" لتتولى الاخيرة الوعيد والتهديد والتلويح بالسجن مجددا اذا ما تفوّه بأي كلام.

هذه حال المشتبه بتعاملهم مع اسرائيل والذين يتم توقيفهم من دون علم الاجهزة الرسمية او وزارة العدل كما صرح الوزير شكيب قرطباوي لـ"النهار" اخيرا.

في المقابل يهاجمون المحكمة الخاصة بلبنان من نافذة الضباط الاربعة، كأنهم وحدهم لحقهم ظلم، هذا اذا افترضنا ان الملف اقفل وتأكدت براءتهم. فهل انه من غير المقبول ان يلحق ظلم بضابط مهما علت رتبته، ومسموح ان يداس المواطن تحت الارجل من دون ان يكون له حق الاعتراض، او اللجوء الى اي مرجع قضائي لاستعادة حقه المسلوب؟

ان الكلام الاخير عن عدم التعاون، وحتى عدم الاعتراف بالمحكمة الدولية، هو نوع من الخروج عن منطق القانون والعدالة، وهو دفاع عن القتلة، وتهديد مضاف الى سلات الوعيد، وهو يعني في ما يعني عدم الرغبة في الكشف عن المجرمين، او المساعدة في ذلك، وهو في مكان آخر يؤكد عدم الرغبة بالمضي في مشروع الدولة القادرة، دولة المؤسسات والعدالة.

واما التهديد بأن المحكمة هي مشروع فتنة لهو امر يدعو الى السخرية، وكأن الفتنة لم تقع يوما في لبنان وان الارضية غير معدة لها.

حسنا فعل الرئيس ميقاتي بقوله ان المحكمة ماضية ولو رفضها البعض، وحبذا لو يتعاون معها جديا.

السابق
الايرلنديون يعودون إلى اليونيفيل
التالي
الحياة: ميقاتي يتجنب ازاحة الموظفين السنّة ويترك لبعضهم «إثبات التعاون» مع المحكمة