أَما آن لهذا اللبنان أن يترجَّل؟

على اللبنانييّن أن يعترفوا أمام الله وأنفسهم والعالم بأنهم لم يكونوا يوماً أوفياء للبنان، ولا كان هذا اللبنان سوى غنيمة حرب، أو مكافأة من منتدب، أو هديَّة من مؤتمر في فرساي، وآخر في الطائف، وثالث في الدوحة، ورابع قيد البحث عن مقرّ له ومراجع اقليميَّة ودوليَّة تتبنَّاه…

لدى كل استحقاق، مهما يكن عاديّاً وبسيطاً، يسارع الأهالي والجيران والأصدقاء الى وضع أيديهم على قلوبهم، مع التنبيه والتحذير دائماً من الالتحام في حرب أهليّة، أو الانزلاق الى المواجهات والانقسامات والانهيارات.
وليس من اليوم، بل منذ كان "مؤتمر لبنان الكبير" وتعديل "خريطة الجبل"، مروراً بالانتداب والجمهوريَّة التي اكتملت بالاستقلال.

فالثمرة الاولى كانت انقساماً غير معلن رسميّاً، لكنَّه طبق عملياً على الأرض. فأبعد الرئيس رياض الصلح عن السرايا ليتنعَّم الرئيس بشارة الخوري وحاشيته الفضفاضة بخيرات السلطة.
منذ ذلك اليوم لم يتغيَّر شيء. الأسماء والوجوه تغيرت فقط. أما الأساليب والأهداف، فلا تزال هي ذاتها. والرياء والتكاذب كذلك.

ستنال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة، لكن لبنان لن يعرف الاستقرار، ولن يستعيد الحياة الطبيعيّة، ولن تضع الحروب على الكراسي أوزارها.
قد تكون هناك أبعاد اقليميّة متعددة، خلف هذا التوتُّر المتجدّد والمتوثب. قد تكون ثمة هواجس لدى "حزب الله" ليس من المحكمة الدولية.

وليس من المستبعد أن تكون وراء هذا القلق الكثير رائحة صفقات، سواء من تحت الطاولات أو في الكواليس. النتيجة واحدة. والانعكاسات على لبنان واحدة.
إنما هل اختفى العقلاء من ساحة الوطن؟ ألم يقل الرئيس رفيق الحريري إنّ لا أحد أكبر من بلده، وهو يستودع الله لبنان؟

أم إنَّ ثمة مَنْ ينتظر أسماء لبنانيّة تحيي دور أم عبدالله بن الزبير عندما صرخت في الجماهير الغبية المحتشدة أمام جثة ابنها المصلوبة على نخلة: أَما آن لهذا الفارس ان يترجل؟

فتصرخ أسماء لبنانية بهؤلاء العاقيّن الأنانيين: أما آن لهذا اللبنان المصلوب على شهواتكم وأحقادكم ان يترجل؟

لا يمكننا الاستمرار في هذه المسرحيات والمهازل.

فاما أن نجد سبيلاً لتحويل دم شهدائنا دماً لكل الوطن ولكل اللبنانيين وجسراً نعبره الى سلم أهلي، واما أن نطلق على هذه الخيمة، هذه السيبة، هذه الكرنتينا، هذه العصفورية، رصاصة الرحمة.
والذين يتخوفون من "مفاجعات" مجهولة بعد خطاب السيد حسن نصرالله وردود الفعل عليه، يلاقيهم الرئيس نبيه بري بتأكيد ما يتخوفون منه، في أول الطريق، داعياً الى ايقاظ طاولة الحوار من رقدتها.

السابق
يوسف خليل:حديث عون عن المحاسبة.. كلام سياسي لا يمس أحد
التالي
كيف يضمن النظام السوري اندحاره؟