الانباء: 14 آذار تحضّر لاستنساخ تجربة إسقاط حكومة كرامي عام 2005: ما قبل القرار الاتهامي غير ما بعده لبنانياً وعربياً ودولياً

فجرت الاطلالة التلفزيونية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حركة ردود فعل واسعة النطاق في صفوف المعارضة الجديدة وعموم اطياف 14 آذار، كان منطلقها توجيه الاتهامات بالعمالة لمحقق اللجنة الدولية، وحتى لرئيس المحكمة لاسيزي «صديق اسرائيل الكبير» كما وصفه نقلا عن احد اصدقائه بالإضافة الى تبنيه عضوية المطلوبين الأربعة للحزب ووصفه اياهم بالمناضلين.

ردود الفعل تناولت ايضا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي اصبح هدفا لأسئلة كثيرة أقلها السؤال عن أي تعاون يتحدث عنه مع المحكمة الدولية، فيما «المرشد الأعلى» لحكومته السيد حسن نصرالله يتحدى ان يعتقلهم احد في 30 يوما أو ثلاثين شهرا أو ثلاثمائة سنة!

الشعور العام في بيروت، ان الرئيس ميقاتي سيكون الأكثر احراجا إزاء هذه التطورات، حيث بدأ يقترب من ان يكون في الموقع الصعب بين سندان حلفائه في حزب الله والأكثرية الجديدة، وبين مطرقة المعارضة الجديدة، والتي ينتمي اليها من حيث البيئة السياسية على الأقل.

ومن ملامح الصعوبة التي ستواجه ميقاتي، تحول هذه المعارضة من تركيز الضغط على حزب الله والتركيز على الحكومة ورئيسها انطلاقا من مطالبة مؤتمر البريستول لقوى 14 آذار الذي انعقد أمس، باعلان موقف حاسم مما أعلنه السيد نصرالله، وإلا فإن المعارضة في طريقها لاستنساخ تجربة الرئيس عمر كرامي في 22 فبراير 2005، والتي اجبرته على الاستقالة في مجلس النواب تحت ضغط جريمة اغتيال الحريري.

وقال منسق 14 آذار فارس سعيد ان هذه القوى ستستخدم كل الوسائل السلمية بتفعيل المعارضة الوطنية في وجه حكومة أصبحت رهينة حزب الله وسلاحه. وسيكون هناك دور أساسي لنواب 14 آذار والشخصيات، إضافة الى خطوات سلمية شعبية، وطلابية وعقد ندوات سياسية.

وانعقد المؤتمر تحت عنوان «المحكمة طريقنا الى الخلاص» وكان البداية لمجموعة تحركات شعبية مستقبلية بعنوان «اسقاط حكومة تحالف حزب الله وسورية».

وصدر بيان أعاد طرح بند سلاح حزب الله طبقا للصيغة التي طرحتها قوى 14 آذار في آخر لقاء لها، ومن ضمن روحية خطاب الرئيس سعد الحريري في ساحة الشهداء يوم 14 مارس الماضي، ودعا البيان الى التمسك بالثوابت الوطنية والعيش المشترك، فضلا عن اظهار الاعتزاز بإنجاز القرار الاتهامي. وأعلن المواجهة الديموقراطية البرلمانية مع الحكومة انطلاقا من جلسات الثقة في مجلس النواب حيث سيكون لنواب 14 آذار حضور مميز من حيث الكلمات وتنوع المتحدثين، كما دعا البيان الى التحضيرات الشعبية لمواجهات سلمية مع حكومة حزب الله وحلفائه، إضافة الى تحريك العمل الديبلوماسي في بلاد الاغتراب لاحظ قيادي في 14 آذار ان لبنان دخل مع صدور القرار الاتهامي مرحلة سياسية جديدة مختلفة كليا عما سبقها، هذه المرحلة التي بدأت في 14 فبراير 2005 مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانتهت مع صدور هذا القرار في 30 يونيو 2011.

القيادي الـ 14 آذاري وعلى هامش مؤتمر البريستول رأى ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أعلن حربا على المحكمة الدولية وقرارها، قد لا يدرك معنى التحولات الجديدة، وهو ربط مع المرحلة السابقة بكلام قديم على شاكلة استحضار شهود الزور، وان القرار جاء مطابقا لما أوردته «لوفيغارو» و«دير شبيغل» و«سي.بي.اس» وغيرها، ولكن الأمور في الواقع اصبحت في مكان آخر بعد الانتقال من مرحلة التكهنات والتخمينات والتوقعات والتسريبات، الى مرحلة الأفعال والخطوات التنفيذية والاجراءات العملية. ولعل ابرز ما يؤشر اليه صدور القرار الاتهامي وفق القيادي في 14 آذار يكمن في الآتي:

أولا: على المستوى الدولي: اختلاف التعاطي الدولي مع لبنان ما قبل صدور القرار عما بعده خصوصا ان الشرعية الدولية بات لها دور حاسم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في حل الصراعات والخلافات التي تعصف داخل الدول بما يتوافق مع أحكام هذه الشرعية ودعوتها الى نبذ العنف وإرساء أنظمة ديموقراطية تحترم التعدد والتنوع ويكفي في هذا السياق التوقف امام مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير وأخيرا بحق معمر القذافي.

ثانيا: على المستوى العربي: ثمة تكامل موضوعي بين ارادة الشعوب في التغيير وملاقاة المجتمع الدولي مجسدا بمجلس الأمن لهذه الارادة.

والخلافات التي تعصف داخل الدول بما يتوافق مع أحكام هذه الشرعية ودعوتها الى نبذ العنف وإرساء أنظمة ديموقراطية تحترم التعدد والتنوع. ويكفي في هذا السياق التوقف أمام مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير وأخيرا بحق معمر القذافي.

ثانيا: على المستوى العربي: ثمة تكامل موضوعي بين إرادة الشعوب في التغيير وملاقاة المجتمع الدولي مجسدا بمجلس الأمن لهذه الإرادة.

فالدور الذي يضطلع به المجتمع الدولي في هذا السياق مهم للغاية ومن دونه يستحيل على حركات التغيير أن تتمكن من إرساء قواعد حكم جديدة في بلادنا. وبالتالي التواطؤ الايجابي بين الشرعيتين الدولية والمحلية، أمر بغاية الأهمية بغية العبور الى نظام عربي جديد يرتكز على قاعدتي العدالة والديموقراطية.

ثالثا: على المستوى اللبناني: بداية نهاية حقبة استخدام العنف والقتل كوسيلة لشطب هذا أو ذاك من المعادلة السياسية، وبداية نهاية طي صفحة الحروب بصورة نهائية من أجل مصالحة وطنية حقيقية قائمة على العدالة التي عليها فقط يتأسس عيش اللبنانيين المشترك، فالعدالة هي المعبر للاستقرار ولا يجوز مقايضتها بالاستقرار، وبالتالي انطلاقا من هذه الرؤية الى العدالة ـ كفكرة تأسيسية للبنان المتصالح مع نفسه ـ انما تقع أهمية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. إذ للمرة الاولى في تاريخ لبنان يستدعى مرتكبو جريمة سياسية كبرى للمثول أمام العدالة، لئلا تستمر سياسة الافلات من العقاب في لبنان والمنطقة.

بري مرتاح لانضباط الشارع

في هذا الوقت نوه رئيس مجلس النواب نبيه بري بانضباط الشارع الشيعي والتزامه بتعليمات قياداته السياسية والدينية ولم تصدمه الاتهامات للأسماء الاربعة.

ورحب بري ايضا برد فعل الشارع السني وأعطى مثالا أبناء منطقة الطريق الجديدة في العاصمة الذين لا يعيرون اهتماما بالاصوات المتطرفة من أي جهة، وقال لـ «النهار» البيروتية انه لايزال يعول على العقلاء من أبناء الطائفتين، ولم ير بري براءة في موعد تسلم القرار الاتهامي ورأى أن الغاية من ذلك هي الضغط على حكومة ميقاتي واستغلال الأزمة التي تمر بها سورية.

بري لا يخشى التضييق على الحكومة من المجتمع الدولي، ويدعو الى التوفيق في المواقف التي كانت تصدر عن السفيرة الأميركية مورا كونيللي في الايام السابقة للبيان الوزاري والشروط التي وضعتها عليها، ولم يستغرب اتساع دائرة الاتهامات لاحقا.

بدوره، العماد ميشال عون أبلغ قناة المنار بعد استماعه الى خطاب نصرالله أن الأمين العام كسب المعركة بوجه المحكمة التي لم تلتزم بمعايير العدالة في رأيه.

واعتبر عون أن أصعب ما عند القاضي أن تكون لديه معتقدات مسبقة. مؤكدا أنها لن تصل الى حكم عادل، بصرف النظر عن سبل تكوين المحكمة الدولية، وذكر بموقفه السابق في شأن الفتنة المذهبية، وقال لن تكون هناك حرب أهلية لأننا نعرف أننا أصحاب حق وسندافع عنه. واعتبر أن من السخف تمني الصراع. وردا على سؤال حول طلبات المحكمة قال: إذا وجدت المطلوبين فلتأخذهم.

مفتي طرابلس: ارتياح للقرار

مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، قال ان اللبنانيين عموما استقبلوا القرار الاتهامي بكثير من الارتياح العام مناشدا جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري التعامل مع القرار بتعقل وعدم إبداء اي من مظاهر الثأر او التحدي او التشفي. وقال المفتي الشعار ان المحكمة الدولية كانت من أهم النقاط التي تم التفاهم عليها على طاولة الحوار، وان دولة تفقد عدالتها لا يمكن ان تعرف الاستقرار.

النائب مروان حمادة وصف حكومة ميقاتي بحكومة مواجهة المحكمة الدولية وتعريض لبنان الى خطر استكمال الانقلاب. وقال: نحن لن ننزل الى الشارع ولا نحرق البلد ولا نخرق الاستقرار، ونطمئن وليد بك (جنبلاط) بانه لا أحد في المعارضة يتحدث مع الآخر بضرب الاستقرار والسلم الأهلي. الكل يتحدث كيف سيهيئ المبارزة السياسية والإعلامية.

صقر: نصرالله رد على صفعة للحزب

النائب عقاب صقر (المستقبل) اعتبر ان كلام السيد نصرالله هو رد على صفعة كبيرة تلقاها حزب الله. وهو معني بالتنبه الى الأحكام الغيابية التي قد تكون أخطر بكثير من مثول أعضاء حزب الله امام المحكمة.

النائب جمال الجراح، عضو كتلة المستقبل ايضا رأى انه كان من المتوقع ان يدافع السيد نصرالله عن المتهمين، على ان يأتي ذلك ضمن السياق الطبيعي للحملة التي بدأت منذ سنتين على المحكمة.

السابق
الخروج من دم الحريري
التالي
في ذكرى فضل الله الأولى: بحثًا عن “تيار الوعي”