متل تنابلة السلطان عبد الحميد

 أقام سلاطين آل عثمان في أوائل عهدهم أبنية يأوي إليها المعوزون وعابرو السبيل لتناول وجبات من الأكل يومياً وللمبيت في أحيان كثيرة. وكانت هذه الأبنية التي تقدّم الأكل والمنامة مجاناً تدعى تكايا ومنها تكية السلطان سليم في دمشق وقد خصصوا لها أوقافاً وهبات تقوم بنفقاتها. وعلى مرور الأيام تحولت هذه الأمكنة إلى مآو لكل كسول يهمه من هذه الدنيا الأكل والشرب فقط. حتى أنه أطلق على هذه التكايا أخيراً اسم (تنبلخانه) أي مأوى التنابل، أي الكسالى.
وحينما تحولت السلطنة إلى جمهورية ألغيت هذه التكايا وحبست عنها النفقات وصرف موظفوها واستعملت لأغراض أخرى مفيدة. ويقال إن سكان إحدى هذه التكايا وقد خرجوا منها توسدوا الطرقات المجاورة وهم بين نائم ومستيقظ وما بين بين وفي وضع يرثى له من الجوع والهزال والقذارة رافضين أي عمل يعرض عليهم من أهل الحمية يؤمن لهم المأكل والملبس والمأوى. مما اضطر السلطات إلى إبعادهم خارج المدينة ورميهم في العراء. فوضعوا في عربة كبيرة وفي أثناء الطريق وهم يتمايلون على بعضهم البعض من الإعياء، مرّ أحد أصحاب الأفران ورآهم على هذه الحالة فأوقف العربة وسأل السائق عن أمرهم فأخبره هذا بقضيتهم. فطلب الرجل منه الانتظار قليلاً حتى يجلب لهم بعض أكياس (البقسماط). وهو نوع من الخبز المجفف كان يستعمله الجيش العثماني – يمكن أن يسدوا جوعهم به لبضعة أيام. وسمع التنابل الحوار فمد زعيمهم عنقه نحو الفران وسأله بلهجة متلاشية. هذا البقسماط بلّه علينا أم عليك؟ فأجاب الفران: بلُّه عليكم! فلوى الزعيم رأسه عنه وقال للسائق سوق يا أسطا سوق!
 

السابق
القرد في عين أمه غزال
التالي
خريس: بند المحكمة يعالج قريبا