وزارة التربيـة تتحـوّل إلـى خليـة لكشـف كيفيـة «تسـريب» الأسـئلة

تحوّلت وزارة التربية والتعليم العالي، أمس، إلى ما يشبه خلية النحل، في محاولة لـ«فك» أسرار ما ذكر عن تسريبات لأسئلة مادة الاجتماع، في شهادة الاجتماع والاقتصاد، وتطابق ما تم الحصول عليه من مستندات، والتدقيق في صحتها، علماً أن الموجود في حوزة الوزارة، هو عبارة عن ورقة مكتوبة بخط اليد وفيها أسئلة مادة الاجتماع مع حلولها. وعلمت «السفير» أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تابع مع المسؤولين في وزارة التربية الموضوع، لكون الأمر يتعلق بمصير الشهادة الرسمية وسمعتها.
كما علمت «السفير» أن وزير التربية والتعليم العالي د. حسان دياب، عقد سلسلة اجتماعات ليل أمس الأول، ونهار أمس، مع المسؤولين عن الامتحانات، وأتبعه باجتماع أمس مع المفتش العام التربوي شكيب دويك في حضور المدير العام للتربية رئيس اللجان الفاحصة فادي يرق، واطلع منه على دور التفتيش الذي باشر التحقيقات في ما نشر حول تسريب جزء من مسابقة الاجتماع. وأكد دويك أن العملية أصبحت بين يدي التفتيش وهو يتابعها، «وفي حال ثبوت أي مخالفة، فسيتخذ في شأنها العقوبات القانونية اللازمة». كما أنه سيرفع كتاباً للطلب إلى النيابة العامة عن طريق وزارة العدل، التوسع في التحقيقات.
وأشار الوزير إلى أنه تم التعاون مع خبراء في الخطوط لتفحص المخطوطة اليدوية التي سلمت إليه وإلى المدير العام للتربية، لمقارنتها مع خطوط المعنيين بالامتحانات في مراحلها كافة.
وأكد الوزير أنه سيذهب في الموضوع إلى النهاية، حتى لو كانت مجرد شائعة، ولن يغطي أي مخالف، وقد استغلت الضجة للتشدد في الإجراءات الإدارية والتقنية علما أنه تم اعتماد أساليب متطورة تمنع إمكان إجراء أي تواصل شخصي أو إلكتروني طوال فترة العمل على الأسئلة التي تخرج من «بنك الأسئلة» إلكترونياً. كما تشاور مع اختصاصيين في مجال الاتصالات والمعلوماتية والأمن لاتخاذ تدابير وقائية ومنع أي محاولة للتأثير على صدقية الشهادة وعلى نزاهة الامتحانات الرسمية، في المستقبل، حتى لو تبين أن ما أثير غير حقيقي.
واستغربت مصادر تربوية التفسيرات الصادرة في أعقاب ما رشح من تسريب سؤال مادة الإجتماع، أو المطالبة بإلغاء الامتحانات. واعتبرت أن حجم الإشاعة أكبر من الفعل، خصوصاً أن الأمر محصور بأربعة مراكز للامتحانات تدور الشبهات حولها.
وأوضح نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض موقفه الذي أدلى به لـ«السفير» أمس بقوله: «سنعطي فترة لوزير التربية للتدقيق بالمستند الذي سلم له، للتأكد من صحته، وإذا ثبتت ذلك، سنطالب كنقابة بإلغاء مادة الاجتماع، وليس كل الامتحانات».
وطرحت المصادر التربوية جملة اسئلة منها: في حال كان المسؤول هو أحد أعضاء اللجان، هل كتب الأسئلة بخط يده؟ وكيف تم تهريب الأسئلة وبأي طريقة؟ ولماذا لم يحصل الحديث عن التسريب إلا بعد عملية التسلم والتسليم بيومين بين الوزير السابق حسن منيمنة والحالي حسان دياب؟ وما هو المقصود من وراء ذلك؟ وكيف تم حل المسابقة بنصف ساعة كما ذكر، بينما يمنع على الطلاب تسليم مسابقاتهم قبل مضي نصف الوقت المخصص للامتحان أي ساعة ونصف الساعة؟ وأوضحت المصادر أن كتابة صفحة بخط اليد تحتاج الى أكثر من نصف ساعة، فكيف هي الحال مع كتابة أربع صفحات وأكثر؟
وأشارت المصادر الى ان ما ذكر عن أن «الباريم» أي أساس التصحيح للمسابقة المذكورة، قد سرّب عشية يوم الامتحان، غير صحيح، سيما أن العمل بالباريم بدأ عند الواحدة والنصف فجر الاثنين، وانتهى العمل به عند الرابعة والنصف، وطبع عند الثامنة والنصف صباح الاثنين. فكيف يسرب الباريم بين منتصف الليل والواحدة فجراً وبخط اليد؟
وتابعت المصادر: «أسئلة مادة الاجتماع باللغات الثلاث، لماذا سربت اللغة العربية دون سواها؟ ولماذا لم تسرب معها أسئلة الجغرافيا التي جرت في اليوم ذاته؟».
أسئلة عديدة طرحت على بساط البحث، في وقت عملت إدارة الوزارة على تركيب أجهزة تشويش، كما علمت «السفير»، لمنع استعمال أي هاتف جوال في مركز اللجان، بعدما كان الحظر قائماً على استعمال الهاتف الأرضي.
وأوضح مصدر في التفتيش المركزي لـ«السفير» أن التفتيش التربوي تسلم القضية فور تبلغه بالحادثة من رئيس اللجان الفاحصة، وبدأ التدقيق والتحقيق في معطيات الملف، وتحديد المسؤوليات لاتخاذ الإجراء المناسب. وأشار الى أنه «تم تكليف مفتشين إثنين منذ صباح أمس للتحقيق في القضية، مع مواكبة مركزية، وأيضاً مع الاستعانة بخبراء الخطوط وعلى نفقة التفتيش التربوي لكشف اللثام عن القضية».
وعلمت «السفير» أنه من بين نحو خمسة آلاف مسابقة تمّ الإطلاع عليها لمعرفة ما إذا كان الطلاب في المراكز التي تدور الشكوك حولها قد استفادوا فعلاً من عملية تسريب أسئلة الاجتماع، تبين أن ما نسبته إثنين في المئة فقط تستحق علامات عالية، «وهذه النسبة لا تشكل أي دليل على وجود تسريب على مستوى عالٍ». ومع ذلك، فقد أكدت المصادر لـ«السفير» أن «التحقيق يتجه الى معرفة مدارس الطلاب الذين نالوا هذه العلامات، للتأكد ما إذا كانت من المدارس الجيدة أم ذات المستوى الوسط و.. حتى لا يتم ظلم أحد».
وقد أثارت القضية موجة من الاستنكارات في صفوف أعضاء لجان التصحيح لمادتي الاجتماع والفلسفة، سيما أن التصحيح الأولي لم يظهر استثناءات غير طبيعية في المسابقات، أو أي إشارة تدل على وجود مسابقات متشابهة، فـ«كل طالب كتب على طريقته الخاصة».
وسأل رئيس اللجنة العليا للاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي في بيان أصدره أمس، «ما ذنب الآلاف من الطلاب الذين لم تسرب إليهم الاسئلة والذين سهروا وكدوا في الدرس؟». ودعا الى عدم إلغاء الامتحانات، وأكد ان «الحل هو ما قرره وزير التربية بتحويل القضية الى التفتيش التربوي»، لافتاً إلى «اننا نعطي كل الثقة للجنة الفلسفة ومصداقيتها».
امتحانات الشمال المؤجلة
في الشمال («السفير»)، أنهى الطلاب أمس امتحاناتهم الرسمية للشهادة الثانوية في فرعي العلوم العامة وعلوم الحياة، بعدما تأجل اليوم الأخير من الامتحانات والمصادف في يوم السبت الماضي، بسبب الأحداث الأمنية التي شهدتها طرابلس.
وتفقد الوزير دياب، بتكليف من الرئيس نجيب ميقاتي، سير الامتحانات في طرابلس والميناء، وزار «ثانوية سابا زريق» في الميناء ومركز «ثانوية حسن الحجة» في طرابلس، يرافقه مدير عام وزارة التربية فادي يرق ورئيس المنطقة التربوية في الشمال حسام شحادة، حيث استمع الى آراء الطلاب بالأسئلة.
وعن معلوماته حول تسريب بعض الأسئلة، قال دياب: «هذا الموضوع سيتابع بدقة، من خلال ملف ستتم إحالته إلى التفتيش المركزي، والوزارة ستتابع هذا الملف بكل جدية».
وحول إعطاء علامات استرحام للامتحانات المؤجلة، قال: «هذا الأمر سيعالج في الإطار التربوي ولا توجه معيناً حالياً»، مؤكدا أن «الأمور تسير على ما يرام».

السابق
كما ايران والعراق: سورية جائزة تركية
التالي
العامل الأميركي في الثورات العربية