السفير: سوريا: إصلاحات الأسد تتلقى دفعاً شعبياً مؤثراً وبوتين يجدد معارضته لأي تدخل دولي… والاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته

خرج عشرات الآلاف في عدد من المدن السورية أمس، في مسيرات مؤيدة للرئيس بشار الأسد، ومشروع الإصلاح الذي اعلنه في خطابه امس الاول قابلتها تظاهرات معارضة، واحتكاكات أسفرت عن وقوع سبعة قتلى في حماه وحمص ودير الزور بحسب ناشطين، فيما أصدر الأسد عفواً عاماً هو الثاني في غضون ثلاثة أسابيع، «شمل الغالبية العظمى من الجرائم ولم تستثن إلا جرائم محدودة للغاية»، وسط انباء عن ان معارضين من الداخل يعدّون اوراق عمل خاصة بهم قبل الاجتماع مع هيئة الحوار الوطني، لكنهم يشترطون لمثل هذا الاجتماع وقف الحملة الأمنية على المحتجين.
وفي خطوة جديدة ضمن الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس السوري، عرضت الحكومة السورية مشروع قانون الأحزاب الجديد، للنقاش على الموقع الالكتروني لرئاسة الوزراء. ويسمح القانون بتشكيل أحزاب سياسية «بقصد تداول السلطة والمشاركة في مسؤوليات الحكم»، ضمن شروط أبرزها عدم قيام الحزب على أساس ديني أو فئوي من أي نوع، وان يضم أعضاء مسجلين في السجلات المدنية لأكثر من نصف المحافظات السورية على الأقل، ويعكسون «النسيج الوطني السوري».

وغصت ساحة الامويين في وسط العاصمة السورية بعشرات آلاف الاشخاص واقفلت الطرق المحيطة بها، وحمل المتظاهرون القادمون من احياء العاصمة وريفها، اعلاماً سورية ورددوا شعارات مؤيدة للنظام منها «بالروح بالدم نفديك يا بشار» و«الله وسوريا وبشار وبس». وأفاد التلفزيون الرسمي ان تظاهرات ضخمة اخرى مؤيدة للاسد نظمت ايضا في حمص، حلب، اللاذقية، دير الزور، ادلب، ودرعا. واكدت وكالة الانباء السورية «سانا» أن «ملايين السوريين قد احتشدوا… لدعم خطة الإصلاحات الشاملة» التي اعلن عنها الاسد.
لكن تظاهرات معارضة خرجت في مواجهة المسيرات المؤيدة في عدد من المدن السورية، وقال ناشطون إن قوات الامن و«الشبيحة» قتلوا بالرصاص 7 أشخاص. وقال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا عمار القربي ان «الشبيحة» أطلقوا الرصاص على المحتجين في حمص وحماه والميادين قرب دير الزور وقتلوا سبعة مدنيين على الاقل واصابوا عشرة بجروح. وقال مقيم في بلدة الميادين «من الصعب قول من الذي بدأ أولاً، لكن ناقلات جند مدرعة تابعة للجيش تحرّكت وسط تظاهرة (مناهضة
للاسد) وأطلقت النار على الناس. وتأكد مقتل شخص واحد لكن سبعة أشخاص آخرين يعانون من اصابات خطيرة».
وقال اثنان من المقيمين في حمص ان قوات الامن أطلقت النار على المحتجين الذين نظموا تظاهرة في مواجهة الاجتماع الحاشد المؤيد للأسد. وقال شهود في درعا إن قوات الامن فتحت النار لتفريق آلاف من المحتجين في الحي القديم من المدينة الذين نزلوا الى الشوارع في رد فعل ازاء اجتماع حاشد مؤيد للحكومة في منطقة المحطة التي قالوا إن موظفين وقوات من الجيش صدرت لهم الأوامر بحضورها. وأكد الناشطون المعارضون لوكالات الأنباء الغربية، أن الحكومة جنّدت متظاهرين موالين، واجبرت طلاباً على المشاركة في المسيرات المؤيدة، ونقلت موالين لها في باصات من مناطق الساحل إلى المدن الداخلية.
من جهته، أصدر الأسد الذي التقى وفداً من سكان معرة النعمان، مرسوماً تشريعياً يمنح عفواً عاماً عن الجرائم المرتكبة قبل يوم أمس، وقال وزير العدل القاضي تيسير قلا عواد في تصريح لوكالة «سانا» إن مرسوم العفو تضمن حالات عدة لم يتضمنها مرسوم العفو السابق كمنح عفو عن كامل العقوبة أياً كان نوع الجرم أو العقوبة لمن كان مصاباً بمرض عضال غير قابل للشفاء وعن كامل العقوبة بالنسبة للجرائم التي تضمنها المرسوم التشريعي رقم 12 للعام 1974 المتعلق بالتهريب ما عدا تهريب الأسلحة والمخدرات.
وأضاف إن المرسوم شمل كامل العقوبة بالنسبة لمتعاطي المخدرات وجميع الجرائم الجنحية الواردة في قانون المخدرات رقم 2 للعام 1993 فضلاً عن تضمنه العديد من الجرائم الواردة في قانون العقوبات العام رقم 148 للعام 1949. وأكد قلا عواد أنه «بموجب مرسومي العفو رقم 61 و72 يكون المشرع قد شمل الغالبية العظمى من الجرائم ولم تستثن إلا جرائم محدودة للغاية تتضمن أشد الجنايات خطورة على الأشخاص والمجتمع».
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن سوريا وافقت على توسيع نطاق وصول عاملي المنظمة إلى المدنيين والمناطق التي تشهد احتجاجات.
في المقابل، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن المعارضين لؤي حسين، عارف دليلة، وميشال كيلو، أنهم سيجتمعون في العاصمة دمشق الإثنين المقبل، لإعداد برنامج للدخول في حوار محتمل مع السلطات. ولكن كيلو وحسين، أكدا أنهما لن يشاركا في حوار مع الحكومة قبل انهاء العملية الأمنية ضد المحتجين. كما قال «زعيم كردي» للصحيفة إن مجموعات كردية تنظم اجتماعاً منفصلاً لإعداد نوع من ورقة حوار مع السلطة قبل نهاية الأسبوع الحالي.
الموقف الروسي
أما دولياً، فأكد رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين عقب لقاء في باريس امس مع نظيره الفرنسي فرانسوا فييون، مجدداً موقف موسكو المعارض بشدة لأي تدخل في سوريا. وقال في هذا الصدد ان «التدخل في شؤون دولة ذات سيادة لا افق له». وأضاف في اشارة واضحة الى ليبيا، حيث يتدخل الحلف الاطلسي منذ اكثر من ثلاثة اشهر «ان تطور الاوضاع في بعض دول المنطقة يؤكد لنا ان الوضع لن يكون افضل عندما نحاول قيادة العملية».
واضاف بوتين «لا نفهم جيداً ما يجري فعلاً» في سوريا، وتساءل «هل انتم على علم بميزان القوى؟ من هم المتظاهرون؟ ماذا يريدون؟ وما هي أهدافهم؟». وكرر التأكيد على الموقف الروسي فقال انه يجب «عدم التدخل بل فقط المساعدة». وخلص الى القول «في الواقع ان الوضع هو موضع محادثات في اطار الامم المتحدة. إن خبراءنا يعملون معاً مع زملائهم وسيستمرون في العمل». لكن بوتين قال أيضاً «نحتاج إلى ممارسة ضغوط على القيادة في أي بلد يشهد احتجاجات واسعة وسفك دماء».
أما فييون، فقال «مجلس الامن الدولي لا يمكن ان يصمت لفترة اطول» حيال ما يجري في سوريا، مؤكداً انه «اقترب الوقت الذي سيكون فيه على الجميع تحمل مسؤولياتهم».
واتفقت دول الاتحاد الاوروبي على فرض عقوبات إضافية على 4 مؤسسات مرتبطة بالقوات العسكرية السورية، وشخصيات «مرتبطة بقمع الاحتجاجات»، بحسب دبلوماسي أوروبي. وتم التوافق على كامل اللائحة الفرنسية المقترحة لهذه العقوبات، فيما اعترضت إحدى الدول على اللائحة البريطانية. وأكد الدبلوماسي أنه من المتوقع أن تتم الموافقة الرسمية صباح اليوم على اللائحة الفرنسية كاملة، إذا لم يصدر أي اعتراض رسمي.

السابق
bbc: بان كي مون يدعو سورية إلى السماح بدخول بعثات تقصي حقائق
التالي
السفير: صافـرات الإنـذار تـدوي فـي إسـرائيـل وسيناريوهات حرب كيميائية… ومقرات اقتصادية بديلة