البناء: حردان يصف الخطاب بخارطة طريق شاملة وروسيا بـالبرنامج الكامل والرئيس الاسد يقول:الدستور ليس مقدَّساً والأولوية للإصلاح وسنُفسِح المجال أمام المعارضة البنّاءة

الحدث الأبرز كان في دمشق امس من خلال الكلمة الواضحة التي ألقاها الرئيس السوري بشار الأسد بحيث شكلت خارطة طريق شاملة للمرحلة المقبلة، ولكل مفاصل الوضع الذي تعيشه سورية منذ فترة. ما يعني ان مرحلة ما بعد الخطاب ستكون مختلفة عن مرحلة ما قبله.
لم يكن خطاب الأسد عاديا فقد وضع الرئيس السوري برنامجا مفصلا للإصلاحات الداخلية التي أعلنت عنها الحكومة. في حين أنه لم يعر الخارج اهتماما بما يضج به من تحريض سياسي وإعلامي كان له الأثر الكبير في الفوضى التي عمت المدن السورية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ظهر الرئيس السوري ثابتا في خضم الأزمة، فهو ركز على الأزمة الداخلية، وفند ما تفعله الحكومة لكن الرئيس السوري بدا جريئا بالإعتراف بالآخر حيث أفسح المجال أمام المعارضة البناءة وأعطاها حقها في المشاركة بإدارة شؤون البلاد بالممارسة الديمقراطية ومن خلال المؤسسات الدستورية التي تخضع بموجب الإصلاح الجاري الى تعديل وربما الى نسف كامل وإعادة بناء بما يتلاءم ومصالح الشعب السوري الذي بات على قاب قوسين أو أدنى من المشاركة الفعلية في إدارة شؤونه عبر تصحيح التمثيل بالانتخابات التي وضع قانونها على نار حامية.
لم يكتف الأسد بقانون الانتخاب، بل تعداه الى المس بالدستور على قاعدة أن لا شيء مقدس بخاصة إذا كان لا يتوافق مع مصالح الناس ولا يحفظ لها كرامتها، وذهب الى أبعد من ذلك عندما وضع نظام البعث الذي يحكم من خلاله بموجب المادة الثامنة من الدستور والتي تحصر قيادة الدولة بالحزب على طاولة التشريح وجهز مبضعه لإجراء ما يلزم بغرض الوصول بالإصلاحات الى ما لم يطمح اليه المعارضون أنفسهم.
وقد تحدث الرئيس الأسد بكل شفافية عما تواجهه سورية من مؤامرة متعددة الجوانب، وعن حاجات الناس من مختلف جوانبها، وعما تحقق من اصلاحات. وما هو مطلوب على كل المستويات، فاتحا الطريق امام تجاوز الأزمة وتحقيق ما ترغب به كل مكونات الشعب السوري.
واذا كان الرئيس الأسد تجنب الحديث عن العوامل الخارجية للمؤامرة، وادواتها. فإنه من خلال رؤيته الشاملة للوضع الداخلي في سورية وضع النقاط على الحروف، وكشف عن الكثير من الامور التي لم تعلن حتى الآن.
واذ لفت الرئيس الأسد في بداية كلمته التي القاها في جامعة دمشق، الى ان تأخره عن الحديث حتى اليوم فتح المجال امام الكثير من الشائعات، وقال مرت علينا ايام صعبة دفعنا ثمنا كبيرا بفعل عمليات قتل وتخريب وسقط شهداء وجرحت اعداد كبرة اخرى.
وشدد الأسد على أن «خيارنا الوحيد هو التطلع الى المستقبل، وعندما نسيطر على الأحداث نصنع المستقبل»، لافتا الى أن «رؤية المستقبل تتطلب قراءة للماضي وفهماً للحاضر»، وأكد أن سورية لم تمر بمرحلة لم تكن فيها هدفا لمؤامرة معينة بعضها مرتبط بالجغرافيا السياسية ومواقفها السياسية، وقال:» المؤامرات كالجراثيم تتكاثر، ومواجهتها لا تكون بإضاعة الوقت بالحديث عنها، بل بالبحث عن نقاط الضعف الداخلية وترميمها، ولا يكون بالأهمية بمكان الحديث عن مخطط رسم في الخارج ونفذ داخليا والحل بمعالجة مشاكلنا بأيدينا».
(وأكد أن الكلام عن عدم وجود مؤامرة غير طبيعي، سائلا «ماذا نقول عن المواقف السياسية الخارجية والضغط الإعلامي والتزوير والهواتف المتطورة بيد المخربين وهذه بالتأكيد مؤامرة؟».
وأشار الأسد الى أن «ما يحصل في الشارع السوري له 3 مكونات، الاول صاحب حاجة يريد تلبيتها ويجب على الدولة تحقيق هذه المتطلبات وعلينا الاستماع اليهم ومساعدتهم فلا شيء يبرر عدم السماع للناس».
وقال سأطلب من وزارة العدل ان تدرس ما هو الهامش الذي سنتوسع به بالعفو ليشمل آخرين دون ان يضر مصالح الدولة ومصالح المواطنين».
ورأى أن «المكون الثاني فيمثله عدد من الخارجين عن القانون وجدوا بمؤسسات الدولة خصما، فالفوضى لهؤلاء فرصة ذهبية لاقتناصها، وتطبيق القانون لا يعفينا من إيجاد حلول اجتماعية لإبعاد هؤلاء عن الطريق السيئة، وتفاجأت بعدد هؤلاء والعدد 64 ألف و400 وكسور، وتخيلوا هذا العدد من المطلوبين».
وأشار الى أن «المكون الثالث الاكثر خطورة يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري الذي حاول منذ فترة سابقة التسلل الى سورية، وهو نفسه اليوم، وهو يقبع في الزوايا المظلمة، ويقتل باسم الدين ويخرّب تحت عنوان الإصلاح»، لافتا الى أنه «علينا تطويق هذا الفكر، كما ان هناك مكونات اخرى كالمكون الخارجي وهناك اشخاص يدفع لهم اموال، وبمراقبة مسار الاحداث كان التصعيد مرادفا لكل خطة إصلاحية وعندما فُقدت المبررات كان استخدام السلاح، وكانوا يعتدون على الشرطة ويستغلون المسيرات، اُغلقت المدارس والطرق العامة بقوة السلاح، وتعرضت المؤسسات العامة للتخريب وفُصلت المدن بعضها عن بعض، شوهوا صورة الوطن خارجيا ودعوا الى التدخل الخارجي، عملوا على استحضار خطاب مذهبي، وهؤلاء قلة قليلة لا تمثل سوى جزء بسيط من الشعب ولا بد من معالجة الموضوع».
وقال: «حاولوا ارتكاب مجرزة في معرة النعمان بحق مفرزة امنية وكادوا ينجحوا لولا تدخل اهالي المنطقة، ولولا الشعور الوطني لدى كثيرين لكان الوضع اسوأ بسورية، اهمية هذه التجربة اظهرت مدى الوعي الوطني، ما يحصل اليوم من البعض ليس له علاقة بالإصلاح والتطوير وهو تخريب، ولا اقصد التخريب المادي فقط لكنني اقصد التخريب النفسي والاخلاقي الذي يصعب إصلاحه».
وشدد الاسد على أن «لا تطوير دون استقرار، ولا إصلاح عبر التخريب»، مؤكدا أنه «علينا ان نصلّح ما تخرب ونصلّح المخربين او نعزلهم».
وقال: «شكلنا هيئة حوار وطني تكون مهمتها وضع الاسس والآليات لحوار شامل».
واشار الى أن «التنفيذ يبقى الفيصل وهدفي من اللقاءات معرفة الواقع بشكل افضل»، مشيرا الى أن «الحوار الوطني لا يعني نخبا محددة ولا السلطة مع المعارضة فقط، ولا يمكن التحدث عن حوار وطني بإهمال القسم الاكبر من الشعب. وقال: «من هنا كانت الفكرة بإطلاق حوار تشارك فيه فاعليات وطنية واجتماعية وغيرها، ووضعت لجنة للحوار ليفسح المجال لصياغة مستقبل سورية للعقود والاجيال المقبلة، ويدفع الحراك السياسي والاقتصادي ريثما تأخذ الاحزاب دورا في الحياة العامة بعد إقرار قانون الاحزاب»، مشددا على أنه «من اولى مهام هيئة الحوار التشاور مع كل الجهات لتفعيل دورها الوطني وكل شيء يجب ان يكون مرتبطا بجدول زمني».
واعتبر أن «الحوار عملية مهمة جداً يجب أن نعطيه فرصة، ومستقبل سورية يجب ان يبنى على هذا الحوار الذي يجب ان يشارك فيه كل اطياف الوطن»، وقال: «اما المطالب الملحة للشعب فبوشر بتنفيذها قبل بدء الحوار».
وتطرق الرئيس الأسد الى موضوع تعديل الدستور وقال «الدستور وضعه منفصل قليلا. هل نبدل بضع مواد من الدستور بما فيها المادة الثامنة ام نبدل كل الدستور على اعتبار انه مضى على عمر هذا الدستور حوالى الاربعين عاما، وربما يكون الافضل تبديله كاملا. وقال: «اذا انتخب مجلس الشعب الجديد في شهر آب المقبل فيستطيع ان يبدأ مباشرة بدراسة التعديلات الدستورية.. اما اذا كنا نريد مراجعة كل الدستور ووضع دستور جديد فالعملية مختلفة. عندها يكون هناك هيئة تأسيسية ونقوم بطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي، واوضح انه سيصار الى تشكيل لجنة لإعداد دراسة لموضوع الدستور وستعطى فترة شهر.
وقال ان المساواة والعدالة هما عناوين المستقبل الذي ننشده لبلدنا واللجنة انتهت من بحث قانون الانتخابات وسيكون هاما، وسيعطي الفرصة للمواطنين لانتخاب من يمثلهم، وشُكلت لجنة لإعداد قوانين للحد من الفساد ومكافحته وسيكون للمواطن دور في المراقبة والمشاركة في هذه العملية، وبدأنا بتعزيز مسؤولية الإعلام وسيُطرح قانون على النقاش العام لمناقشته قبل إصداره، اما قانون الادارة المحلية فهو قيد النقاش ومن اهم الخطوات التي ستتخذ لناحية التشاركية ولمعالجة العديد من المشاكل».
واشار الاسد الى انه «لا توجد لدينا حلول كاملة وهناك دور للشعب ودور للدولة، والدولة تقوم بدورها من خلال الإصلاح ومن خلال تقديم الخدمات، فهناك تقصير واجراءات أضرا بالمواطنين ولا بد من اصلاح هذا الضرر، كما ان من واجب الدولة ان تطارد المخربين، ويُطرح سؤال هنا هل الحل سياسي ام امني؟ ويُطرح ان الحل الامني فشل، ونظرتنا ان الحل سياسي ولكن ما يحدد طريقة الحل طبيعة المشكلة ولم نفرض وجود مخربين ولا يمكن ان نتعامل معهم سياسيا، ولكن نرغب بالحل السياسي وان يعود الجيش الى ثكناته بأقصى سرعة، لافتا الى ان «المشكلة ان جهاز الشرطة صغير ولم يؤهل لمثل هذه الحالات، وبدأنا حالات تطويع وعملية التأهيل طويلة، وبالنسبة الى الشعب نريد منهم دعم الاصلاح ونريد منهم العمل على منع الفوضى، نريد ان نحول التظاهرات الى قلم ورأي يُكتب، وعلينا ان نطوق الازمة ولو استمرت لسنوات وعلينا ان نساعد الجيش وهو الشرف والكرامة».
قانون جديد للأحزاب
وانسحابا على كلمة الرئيس الأسد، كشفت صحيفة «الثورة» السورية ان لجنة مشروع قانون جديد للاحزاب قد انجزت اعمالها، ووضعت اللمسات الاخيرة على هذا المشروع الذي قدم يوم أمس الى الحكومة، بعد ان عملت اللجنة على وضع صياغة جديدة لمشروع القانون آخذة بعين الاعتبار قوانين الاحزاب في عدد من الدول العربية، وبعض القوانين الاخرى، كي تخرج بقانون يتماشى مع حالة التطوير والتحديث التي ينتهجها قطرنا العربي السوري، ويواكب حالة الإصلاح التي تشمل كل مناحي الحياة..
كما ذكرت «الثورة» ان مشروع القانون قد توقف عند كيفية تأسيس الاحزاب ووضع انظمتها الداخلية واسس الموافقة على إشهارها والنظام المالي، حيث لاحظت اللجنة ضرورة اعفاء اموال الاحزاب من الضرائب والرسوم وان تكون هناك محكمة خاصة بالاحزاب تكون قراراتها مبرمة.‏
حردان
وقد لاقت مواقف الرئيس الأسد موجة ترحيب واسعة داخل سورية ومن جهات سياسية متعددة في لبنان والخارج.
وقد وصف رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي ألقاه اليوم (امس) بالهام، ورأى فيه خارطة طريق شاملة للمرحلة المقبلة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويواكب العصر والمستقبل، ويعبّر عن آمال الشعب وتطلعاته، وعن استقرار الدولة وثباتها على مواقفها في مواجهة التحديات.
وأشار حردان في تصريحه، إلى أن تركيز الأسد في خطابه على الشأن السوري الداخلي وعلى مقتضيات المصلحة الوطنية السورية، من دون الالتفات إلى الضغوط الخارجية المثقلة بالعدوانية تجاه سورية، يعبّر عن حقيقة امتلاك سورية لكل عناصر القوة والمنعة التي تمكنها من إحباط كل المحاولات والمشاريع الخارجية التي تحاك ضدها.
ورأى حردان أن ما تضمنه الخطاب يعكس حقيقة الإحاطة الشاملة من قبل الأسد بطبيعة المشاكل القائمة، وهذا ناتج من متابعة دقيقة لأوضاع البلد والناس، عبر لقاءاته اليومية مع مختلف الشرائح الاجتماعية والفاعليات والمواطنين أصحاب المطالب، أو من يمثلهم.
السفير الروسي في دمشق
وفي دمشق أكد السفير الروسي سيرغي كبيتشينكو أهمية خطاب الرئيس الأسد واعتبره بمثابة «برنامج سياسي كامل للفترة المستقبلية القريبة لكل النواحي المفصلية في سورية».
وشدد على «ضرورة المضي قدما في الإصلاحات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهذا أمر يسعد أصدقاء سورية في العالم»، وتمنى على الحكومة السورية والشعب السوري «تنفيذ هذا البرنامج بحذافيره».
وأعرب عن اعتقاده «أن كل من هو منصف في الخارج لا بد أن يقدر الانفتاح من الرئيس الأسد بشكل ديمقراطي على متطلبات العصر ومتطلبات المجتمع السوري»، مشيرا إلى «أن هذا الخطاب كان عبارة عن استجابة مهمة ودقيقة للتحديات التي تواجهها سورية في الوقت الراهن، وإذا كان مراقبا منصفا في الخارج فلا بد أن يقدّر كل هذه الأمور».
واعتبر السفير الروسي «أن سورية مفتاح الحلول المستقبلية»، مشيرا إلى «تقاطع بين ما تتمناه موسكو على سورية وخطاب الرئيس السوري اليوم (امس)».
… ولافروف
وفي المواقف الروسية ايضا، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو ستفعل كل شيء في سبيل الا ينزلق الوضع في سورية ويتحول الى السيناريو الليبي.
واشار لافروف خلال مؤتمر صحافي جاء عقب مباحثاته مع نظيره البيلاروسي سيرغي مارتينوف الى اننا «نريد أن نعرب عن قلقنا العميق حيال مقتل الناس في سورية»، معربا عن «اسفه الشديد لوجود قتلى بين المتظاهرين المدنيين، الذين يطالبون بحياة سياسية ليبرالية».
واضاف: «هناك اشخاص يفضلون استغلال الفوضى واستفزاز القوى الحكومية لتلجأ الى الإجراءات المسلحة لقمع هذه الفوضى، وروسيا تناقش هذه المسألة بشكل مستمر مع الشركاء في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة».
موقف أميركي!
وفي اول تعليق اميركي على خطاب الأسد، اعلنت وزارة الخارجية الأميركية «عدم اقتناعها بتصريحات الرئيس الأسد» وقالت ان «المطلوب أفعال لا أقوال»؟.
مواقف الاتحاد الأوروبي
إلى ذلك نقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصادر أوروبية استبعادها أن يقوم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يجتمعون في لوكسمبورغ بتعديل نص الإعلان الذي يجري التحضير له عن سورية بعد خطاب الرئيس الأسد. وقالت: «نعتقد أن كلام الرئيس السوري سيؤثر في لهجة الإعلان»، مستبعدة أن «يؤدي محتوى الخطاب إلى إحداث تغير في الموقف تجاه سورية».
وأفادت الوكالة أن الاتحاد قدم مشروع قرار لتوسيع العقوبات على سورية. وقالت المنسقة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون «إن الاتحاد الأوروبي يؤكد دائماً أن «استعمال العنف غير مقبول بأي شكل من الأشكال» داعية سورية إلى «إيقاف العنف».
كما عبّر وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل الموحد عن قناعتهم بأن «الوقت ما زال متاحاً أمام السلطات السورية لإحداث تغيير في طريقة تعاملها مع الاحتجاجات التي تعم البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر».
وأشار الوزراء في تصريحات متفرقة على هامش اجتماعهم الدوري في لوكسمبورغ، إلى «ضرورة أن يعمل الرئيس الأسد على تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، والتوقف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين المسالمين».
وفي هذا الإطار، عبّر وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله عن «إدانة بلاده للعنف الشديد الذي استخدمته السلطات السورية في تعاملها مع حركة الاحتجاجات»، قائلا «نأمل أن يفهم الرئيس السوري أن قيادته للبلاد تتعلق بمدى قدرته على تنفيذ الالتزامات التي قطعها على نفسه بشأن الإصلاحات في بلاده».
وشدد الوزراء على رؤيتهم بأن «الاضطرابات في سورية تهدد الاستقرار الإقليمي والداخلي، ونحن مصممون على العمل مع تركيا بشكل خصوصي ومع الشركاء الدوليين في المجالات الدبلوماسية من أجل إعادة الاستقرار وتصحيح الوضع السوري».
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني «إن المجتمع الدولي أعطى فرصة للرئيس الأسد، ونأمل أن يأخذها بعين الاعتبار وإلا فسيصبح الوضع غير قابل للاحتمال».
بدوره وصف وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن الوضع في سورية بـأنه «شديد التوتر» محذراً من مغبة اندلاع حرب أهلية في البلاد، داعياً الرئيس السوري بشار الأسد إلى «بذل ما باستطاعته لتجنب اندلاع حرب أهلية».
كذلك اعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه «أن الرئيس الأسد وصل إلى نقطة اللاعودة».
مستشار الرئيس التركي
كذلك أعلن المستشار السياسي للرئيس التركي أرشد هرمزلو في حديث لقناة «العربية» أن «أنقرة تمنح دمشق مهلة أسبوع لوقف النزيف الدموي في بلادها، وأنه يستحيل عليها تقديم أي غطاء للقيادة السورية ما لم يتحرك النظام السوري لاعتماد الإصلاحات المتماشية مع رغبة شعبه».
جولة لسفراء عرب وأجانب
في جسر الشغور
وفي الشأن الميداني نظمت وزارة الخارجية السورية جولة تفقدية لسفراء عرب وأجانب إلى منطقة جسر الشغور ومن بين الذين شاركوا في الجولة السفير الأميركي في دمشق حيث اطلع السفراء على واقع الحياة الطبيعية التي تعيشه المنطقة.
مقبرة جماعية جديدة
نفذتها المجموعات الإرهابية
إلى ذلك، أعلن التلفزيون السوري عن اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في مدينة جسر الشغور تضم جثثا لعناصر من الأمن والشرطة كانت قد اغتالتهم المجموعات الإرهابية المسلحة عندما اقتحمت المراكز الأمنية في المدينة قبل حوالى أسبوعين، وقتلت في حينها أكثر من 120 رجل أمن وشرطة ولاحقاً قام الجيش السوري بتطهير المنطقة من العناصر الإرهابية.
ضبط كميات كبيرة من السلاح
وبدورها، ذكرت وكالة «سانا» ان وحدات الجيش السوري «ضبطت خلال تنظيفها مدينة جسر الشغور من التنظيمات الإرهابية المسلحة، كميات كبيرة من الأسلحة الرشاشة والبنادق والمسدسات والقنابل اليدوية والسلاح الابيض، إضافة إلى كميات كبيرة من الذخائر المتنوعة وعبوات ناسفة شديدة الانفجار وأصابع ديناميت».
وأوضح التلفزيون السوري أمس، كما نقلت «سانا»، أن التنظيمات المسلحة في جسر الشغور استخدمت هذه المعدات في تفخيخ الطرقات والجسور المؤدية إلى المدينة التي كان من المفترض أن تعبرها وحدات الجيش، إلا أن وحدات الهندسة في الجيش استطاعت تفكيك هذه الألغام والعبوات الناسفة شديدة الانفجار بفدائية عالية نظرا للتنفيذ الدقيق الذي استخدمته التنظيمات المسلحة والخطر الكبير على حياة عناصر الجيش خلال العملية.
من ناحية اخرى، لفتت الوكالة الى ان «المواطنين عادوا إلى مدينة جسر الشغور وتحدثوا عن الحياة الطبيعية التي تعود تدريجيا بفضل تمكن الجيش من إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة والمناطق المحيطة بها».
وفي الشأن الأمني، نقلت صحيفة « الثورة» السورية عن مصادر عسكرية مسؤولة أن وحدات الجيش لم تدخل الى مدينتي معرة النعمان وخان شيخون ولا توجد نية حالياً للدخول اليهما وانما تتمركز وحدات الجيش على مداخلهما الرئيسية باتجاه أوتوستراد حلب-دمشق، بما في ذلك جميع المحافظات والمدن التي يعبرها هذا الطريق، ولضمانة عدم قطع هذا الطريق مستقبلاً من قبل أفراد التنظيمات الارهابية.‏
وأوضح المصدر أن طريق عام حلب – اللاذقية ينطبق عليه الأمر نفسه بالنسبة الى طريق حلب – دمشق ولذلك يمكن للمواطنين السفر على هذين الطريقين بأمان تام.‏ ودعا المصدر جميع المواطنين الذين هجروا مدنهم وقراهم الى العودة الى بيوتهم لأنها أصبحت آمنة ولم يعد هناك اي خطر على حياتهم وأملاكهم بعد أن اختفت المجموعات المسلحة التي روّعت المواطنين وشكلت خطراً على حياتهم من خلال قطع الطرق والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم، اضافة الى ما ارتكبته من اعتداءات على مفارز أمنية ودوائر حكومية.‏
إلى ذلك ذكرت وكالة «رويترز» وكعادتها في فبركة الأخبار أو تضخيمها أن احتجاجات حصلت في ضواحي دمشق واللاذقية أمس بعد خطاب الأسد.
اجتماع اللجنة الوزارية اليوم
أما على صعيد الوضع الداخلي اللبناني، فينتظر أن تعقد اللجنة الوزارية المكلفة إعداد مسودة البيان الوزاري، اجتماعها الثاني قبل ظهر اليوم في السراي الكبير برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وستدرس اللجنة الصيغة الأولية التي سيقدمها الرئيس ميقاتي، وينتظر أن تنتهي اللجنة من إعداد الصيغة في نهاية الأسبوع الحالي أو منتصف الأسبوع المقبل.
الأوضاع الأمنية
وكان ميقاتي قد ترأس امس اجتماعاً وزارياً ـ أمنياً لبحث الوضع الأمني في البلاد، خاصة الأوضاع في طرابلس بعد الاشتباكات التي كانت قد حصلت يوم الجمعة بين باب التبانة وبعل محسن.
وأكد ميقاتي خلال الاجتماع أن دور القوى الأمنية واحد في كل المناطق وهو حفظ الامن دون تمييز، وان لا فرق في حفظ السلامة العامة بين موال ومعارض، فالجميع لبنانيون ومن واجب الدولة حمايتهم وتأمين الاستقرار لهم. وبحسب بيان صادر بعد الاجتماع، فقد نوه ميقاتي خلاله بالجهود التي بُذلت لتطويق احداث طرابلس الاخيرة، مؤكدا انه لا بد للتحقيق من ان يأخذ مجراه لمعرفة ملابسات الاحداث.
وأكد «أنه لن تتكرر مع حكومتنا تجاوزات القانون، فلا تسلط ولا هيمنة»، مشددا على أهمية التنسيق بين الاجهزة الامنية لانه يمكن آنذاك استباق وقوع احداث وتطويقها قبل حصولها، مقترحا تفعيل مبدأ غرف العمليات المشتركة لان الفائدة منها كبيرة لجهة المحافظة على أمن الناس وسلامتهم.
كذلك وضع الرئيس ميقاتي السفراء العرب المعتمدين في لبنان في الأجواء التي رافقت تشكيل الحكومة، لافتاً إلى أنه كان أمينا لقناعاته عندما حاول إقناع كل الافرقاء بالمشاركة في الحكومة، «إلا أنه عندما ترفض إحدى المجموعات السياسية المشاركة، وفي ضوء المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والأمنية القائمة، كان لا بد لي من التحرك وتقديم تشكيلة حكومية».
واعتبر انه «على لبنان أن يكون دائما على أفضل العلاقات مع كل الدول الشقيقة والصديقة»، مؤكداً أنه سيحاول أن يطبق هذا الأمر خلال تحمله مسؤولياته.
وفي موضوعي المحكمة الدولية وقرارات الأمم المتحدة، جدّد ميقاتي القول أنّ لبنان من مؤسسي المنظمة الدولية ويحترم قراراتها لا سيما منها القرار 1701، لكنه لفت إلى وجود شقين لموضوع المحكمة بمعنى شق خارجي وآخر داخلي، موضحاً أنّ الشق الخارجي له علاقة بقرار صادر عن الأمم المتحدة، وليس في استطاعة لبنان أن يلغيه بقرار أحادي، «أما في الشق الداخلي فأنا على يقين بأن كل القوى والمجموعات السياسية اللبنانية تريد إحقاق الحق والعدالة وتجنيب لبنان أي مخاطر أمنية تهدد استقراره».
ميريل لينش
وفي المواقف من تشكيل الحكومة رأت مؤسسة ميريل لينش ان «تشكيل الحكومة اللبنانية من شأنه ايقاف التدهور الحاصل في الاداء الاقتصادي في النصف الثاني من العام الحالي». واوضحت المؤسسة في تقرير لها ان «تشكيل الحكومة اللبنانية بعد فترة جمود استمرت خمسة اشهر يعكس اعتبارات جيوسياسية اقليمية بدلا من ضرورات اقتصادية محلية»، معربة عن «قلقها على الاداء الاقتصادي في المدى القريب».
ولفتت الى ان «الاضطرابات الاقليمية وانخفاض ثقة المستهلك والمستثمر أديا الى تباطؤ النشاط الاقتصادي على نطاق واسع في النصف الاول من العام الحالي». وتوقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي الى «ثلاثة في المئة اذا شهد النصف الثاني انتعاشا في النشاط الاقتصادي».

السابق
تركيا تستعِدّ لدخول سوريا؟
التالي
اللواء: ميقاتي يطمئن العرب لمصير المحكمة … ويكثّف إتصالاته مع حزب الله وبري