تخيّل توعى بكرا وما يكون في موسيقى

عبارة قرأتها على أحد جدران بيروت الوسخة، مكتوبة بخط اليد. إلّا أنّها كانت تستوقفني كلما مررت من هناك، فأحاول أن أتخيّل الحياة من دون موسيقى. فأجدني أرى الحياة من دون حياة! وفي عيد الموسيقى، كان للقاء مع التينور بيار سميا تحدثّنا فيه عن "صاحبة العيد".

تذكّر سميا قصة من أيام الطفولة بعنوان "La petite note La s’en va" تحكي عن رحيل نوتة "اللا". ومع اختفائها توقفت الحياة واختفى الفرح، ولم تعد على طبيعتها

وحلّت كارثة. فالإنسان مجبول من روح الله الذي نفح فينا الحياة وجعلها مفعمة ذكاء وعطاء وحبّا. فكل شيء يسير بتناغم، ومع اختفاء الموسيقى يختفي التناغم. وكما يقولون في المجمع الفاتيكاني السامي إنّ أسمى الفنون هو الموسيقى المقدّسة. فهذه الموسيقى تسمو على كل الفنون الكنسيّة.

يشدّد سميا ويقول: "لا أتخيّل الحياة من دون موسيقى، إلّا أنّني إذا عدت إلى الحياة فلن أدخل عالم الموسيقى، فهي أنانيّة. كلّما أعطيتها طلبت أكثر، ووجدت نفسك في بداية الطريق. وكلّما تعمّقت رأيت نفسك صغيرا أكثر. والعمل الفنّي يتوّج التفاعلات بين الإنسان والمادّة".

لست بافاروتي

حين سألناه عن رأيه في الموسيقى التي نسمعها اليوم، قال: "يجب ألا نسمح لأحد أن يستخفّ بعقولنا. التنوّع ضروريّ إلّا أنّ المعدن يجب أن يبقى أصيلا. فحضارتنا عمرها آلاف السنين، ويجب ألا نستخف بها ونقبل أمورا لم نكن نقبلها سابقا، ولكن، مع الوقت، اعتدناها. إنّ التنوّع ضروري لنتمكّن من الاختيار، إنما لا يمكن مقارنة العمل الفنّي الكبير بأي عمل آخر. اليوم نسمع الألحان التجاريّة التي قد لا يكون مستواها هو المطلوب، إلّا أننا اعتدناها.

الموسيقى تعبّر عن تفكير الشعب وثقافته، والشعب الفينيقي، مع كل المصاعب التي مرّ بها، كان مناضلا. الإنسان يتغيّر ويصبو إلى الأفضل، وبالتالي يجب ألا نسمح تحديدا في الفنّ أن نضع "حيَالله شي".

ولكن على رغم تقدّم الفنان، يجب ألا يتخطى حدوده، فأنا بيار سميا، مغنّي أوبرا عظيم،

ولكن أبقى بيار سميا وليس بافاروتّي.

المشكلة الأساسيّة في مجتمعنا هي ضآلة الثقافة الفنيّة، فنجدنا نضع في أوقات الحزن الموسيقى الكلاسيكيّة، إلّا أنّ الموسيقى الكلاسيكيّة ليست للأوقات الحزينة فقط".

أصوات جديدة

أمّا في ما يتعلّق بجمعية موسيقى اليوم Music Today Association، وهو من مؤسّسيها، فقال: "هذه فكرة انطلقت من تجارب فريق عمل مكوّن من ثلاثة أشخاص: الأستاذ مارون الراعي والأستاذ منصور أبو هوبَر وأنا. وجدنا نقصا في مكان معيّن، فقرّرنا أن نؤسّس هذه الجمعيّة لتساعد في كثير من الأمور، تحديدا نشر الموسيقى كما نراها. نحاول الجمع بين الموسيقى الجيّدة، الإعلام، الكمبيوتر والأصوات البشريّة والآلات الحيّة، هكذا بدأنا بهذه الجمعيّة في آذار الماضي. وهدفنا أيضا مساعدة كل شخص يتمتع بإمكانات موسيقيّة ولا مَن يساعده. من هنا أتت فكرة "أصوات جديدة"، هذا الاحتفال الذي أقيم السبت الماضي ضمن مهرجانات الدكوانة. كان هدفنا من هذا المشروع مساعدة كل شخص لديه موهبة فنيّة، لكن تنقصه الإمكانات الماديّة. وهكذا تمّ إغلاق شارع سلاف في الدكوانة وإقامة مهرجان كبير أطلقنا خلاله هذه الأصوات الجديدة، وهي عبارة عن أشخاص لديهم موهبة في الغناء، ومنهم من جمعوا الغناء والكتابة والتلحين معا، فاجتمعوا وقدّموا أفضل ما لديهم. وبالنسبة إلى أول تجربة، أراها جيدة جدّا".

وحين طلبنا منه قول كلمة للموسيقى في عيدها، ختم قائلا: "نحن الفنانين نظلمك ولا نعرف أنّك غالية جدا. أنت نعمة الله على الأرض، ولم نتمكّن من إعطاء هذه النعمة روحها الجميلة ونفسها الإلهيّ وجعلها بلسما لكل جروح شعوب الأرض".

السوبر ستار"ولّعها"

ولكي يستمرّ عرس الموسيقى من الدكوانة إلى الأشرفية، احتشد الآلاف في مهرجان "عيش الأشرفيّة"، إذ شهدت ساحة ساسين حضورا كثيفا من أهاليها من مختلف الأعمار، وتجاوز عدد الحاضرين الـ4 آلاف مواطن، ما أضفى على مهرجانها جوّا من الفرح العارم. وقد شارك فيه أكثر من فنّان وفنانّة، على رأسهم السوبر ستار راغب علامة الذي أشعل الساحة بأغانيه.

وكان الفنّان ميشال أبو سليمان افتتح المهرجان، داعيا الجميع إلى تناسي خلافاتهم واختلافاتهم، والوقوف يدا واحدة وقلبا واحدا للنشيد الوطني اللبناني. ثمّ أنشدت الفنّانة ميرنا شاكر أغنية Ave Maria.

إشارة إلى أنّ البرنامج الفنّي تضمّن أيضا إطلالة لعازفة الكمان اللبنانيّة Vanesse V والفنّانة اللبنانيّة بريجيت ياغي والفريق العالمي SupaFly inc الذي حضر خصوصا من لندن، إضافة إلى الفنّان راغب علامة. كما سبقه "كارنافال" خاص للأولاد، منذ ساعات بعد الظهر، عمّ الشوارع المحيطة بساحة ساسين. وشاركت في تقديمه الإعلاميّتان نوال ليشع عبّود ودوللي عيّاش.

السابق
اكتشاف نواويس رومانية في صور
التالي
الإيطالية تكرّم الصليب الأحمر