سليمان وميقاتي تبلّغا رسائل تستدعي أخذها بجدية

برزت الاحداث التي اندلعت في طرابلس اثر تظاهرة مؤيدة للشعب السوري تحديا مهما للحكومة ليس لكونها اول تحد خطير يواجهها بل لحصول التظاهرة على واقع يناقض تأليف الحكومة التي لم تكن لترى النور في هذا الوقت لولا الدفع السوري المباشر لها. وعلى رغم ان هذه الحوادث هي تطور مفاجىء على صعد عدة وتشكل استحقاقا خطيرا لرئيس الحكومة في مسقط رأسه اضافة الى ثلاثة وزراء من الطائفة السنية من طرابلس، فانه يتوافق في شكل او في آخر مع المحاذير الكبيرة التي رسمها الخارج الغربي والاميركي تحديدا في موقفه من الحكومة الجديدة بالطريقة التي أتت بها وكذلك بتركيبتها وعملها المرتقب.
اذ تكشف مصادر ديبلوماسية مطلعة ان الموقف الذي عبرت عنه الخارجية الاميركية من الحكومة الجديدة إذ وصفتها بأنها "مخيبة للآمال" لم يعبر على نحو دقيق تماما عن حقيقة ما يستند اليه موقف واشنطن.
فالموقف الفعلي هو اكثر تشددا وفق رسائل ديبلوماسية وصلت الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وبحسب معلومات هذه المصادر فان ثمة اسبابا محددة لذلك بعضها معروف اعلاميا وربما سياسيا والبعض الاخر غير معروف، لكن لبنان الرسمي بات تحت المراقبة لاكثر من سبب. فثمة معلومات دولية تفيد ان الاسلحة الثقيلة التي كان يتردد ان "حزب الله" يحتفظ بها في الاراضي السورية القريبة من الحدود مع لبنان لاسباب داخلية وربما اقليمية ايضا قد نقلت الى لبنان اثر تفجر الانتفاضة الشعبية منذ ما يزيد على ثلاثة اشهر في المناطق السورية. وتفيد معلومات موازية ان واشنطن تعتبر ان تأليف الحكومة اللبنانية في الشكل والزمان قد ربط الوضع اللبناني بالنفوذ السوري اكثر من اي وقت مضى.
اذ انه بحسب هذه المعلومات فان الحكومة تألفت بقرار سوري حين توافر القرار في هذا الاتجاه في حين ظل تأليفها ما يقارب الاشهر الخمسة لعدم وجود قرار سوري بالتأليف.
ويسري هذا الامر على التوقيت بحيث ان النظام السوري لم يرغب بذلك كان التأخير امرا واقعا بصرف النظر عن انعكاسات ذلك على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في لبنان.
وهذه الوقائع تفيد ليس ربط لبنان بالازمة السورية بما عرف لاعوام عدة بوحدة المسار والمصير علما ان المفهوم المعتمد لهذا التعبير في السابق ينطبق على نحو بديهي على الحكومة الجديدة حتى في غياب اي امل لمفاوضات سلام مع اسرائيل، بل بتفاصيل الحياة الاقتصادية والامنية والقضائية وسواها.
ففي ضوء العقوبات الاميركية والاوروبية التي فرضت على عدد من المسؤولين السوريين تتردد معلومات عن حركة اموال سورية غير معلنة في اتجاه لبنان هي تحت المراقبة والمتابعة وستكون اكثر تتبعا في المرحلة المقبلة بما يخشى معه ان يطاول تقييد حركة مسؤولين سوريين في اتجاه لبنان.
فاذا كان هناك هروب من العقوبات عبر لبنان فان ذلك قد ينسحب على القنوات اللبنانية المعنية بهذه العملية وخصوصا ان ليس الاميركيون وحدهم في هذه الطريق بل دول الاتحاد الاوروبي المستنفرة اكثر في موضوع العقوبات على سوريا وتستعد لفرض المزيد على شركات سورية مرتبطة بالنظام بما يمكن ان يطاول ايضا امتدادات هذه الشركات في لبنان.
وتفيد المعلومات ان هناك تفاصيل كثيرة اطلع الرئيس سليمان والرئيس ميقاتي على اجوائها بحيث لا يمكنهما الا اخذ التحديات امام الحكومة الجديدة على محمل الجد للاسباب المذكورة في الدرجة الاولى. اذ تفيد المعلومات نفسها عن تحفظ مستمر عن اداء السلطات اللبنانية في موضوع النازحين السوريين وتسليم الجنود الذين هربوا من الجيش السوري الى لبنان والذين أمكن تقصي اوضاعهم من المسؤولين اللبنانيين اميركيا واوروبيا. و
مع الاخذ في الاعتبار ان لبنان قدم مساعدات الى النازحين من دون ان يطلب مساعدة خارجية فان الاجوبة التي قدمها المسؤولون اللبنانيون في هذا الاطار كانت متعددة وغير منسقة في ما بينها وتركت تساؤلات معلقة حول ما حدث فعلا من دون تقديم عناصر كافية تطمئن الى ان لبنان تصرف وفق ما تمليه القوانين الانسانية على رغم الاعتقاد ان ما حصل يرتب على لبنان تبعات على اكثر من مستوى. وقد طاولت الاسئلة على رغم التحفظ الكبير عن تفاصيل رد الفعل الاميركي دور الجيش في منطقة الشمال على الحدود مع سوريا.
وهذا الواقع يتصل بما يتعلق بلبنان في ضوء مترتبات النفوذ السوري وما يريده في هذه المرحلة من لبنان من حماية او تغطية ليس سياسية فحسب بل تشمل اكثر من مستوى.

السابق
شمبانيا وعلقم داخل التيّار الوطني الحر
التالي
ألخطايا العشر!