the kordz رحلة روك من لبنان إلى العالم

نشأت موسيقى الروك وترعرعت في الولايات المتحدة. تحولت مع العولمة إلى لغة موسيقية عالمية. لكن هذا لا يعني أنها بقيت في صيغتها الخام التي تقوم على الموسيقى الصاخبة. هناك تجارب عديدة حول العالم مزجت بين ثقافات موسيقية عدة، منها فرقة «the kordz» (ذا كوردز) اللبنانية التي عملت منذ انطلاقتها في العام 2004 على المزج بين الروك و«الشرقي». يقول في هذا الصدد أحد مؤسسي الفرقة محمد حمزة: «بدأت الروك في الولايات المتحدة وراجت في نهاية السبعينيات، ثم تطورت مع ألفيس بريسلي. لفتنا نوع الآلات المستخدمة في موسيقى الروك وإمكان إدخال نغمات جديدة عليها. ولأنها موسيقى غريبة عن ثقافتنا، فقد حاولنا منذ انطلاقتنا المزج بين الروك والشرقي. لم يكن هذا هو هدفنا الأساسي بالطبع. لكن مع الممارسة شعرنا بإمكانية التمايز عن غيرنا، رغم محاولات كثيرة سابقة عملت على هذا المزج»، ويضيف «عملنا على ذلك من دون تكلف وفي المواضع التي يمكن المزج فيها».

لا تزال «the kordz»، كما غيرها من الفرق، تعيش أزماتها المتنوعة والمتفرعة. فهي تبدأ باللون الذي يندرج ضمن الجسم الموسيقي الغريب عن الثقافة المحلية، ولا تنتهي بأزمة الإنتاج الموسيقي في البلاد العربية واستطراداً في العالم. لكن ليس الواقع بهذا القدر من السوء. إذ إن النجاح لا يقاس فقط بنسبة رواج موسيقى الروك. هناك حتماً من يفضلونها على غيرها من أنواع أخرى من الموسيقى. النجاح يكون بالقدرة على استقطاب مستمعين جدد من جمهور «نمطي» موسيقياً. ونجاح «the kordz» في هذه المهمة كان جزئياً.

المجموعة التي تألفت أواخر التسعينيات من خمسة أشخاص لم يكوّنوا فرقة بالمعنى الواضح للكلمة. فأغلب هؤلاء ليسوا خريجي معاهد موسيقية، بل أتوا من اختصاصات مختلفة. لكن مواهبهم مجتمعة كانت السبيل حينها إلى تطوير فكرة تشكيل فرقة بعد التخرج. فكانوا قبل تخرجهم يتشاركون العزف في حفلات عديدة. ولأنهم وقتها لم يكونوا قد أنجزوا بعد إنتاجهم الخاص، فقد عزفوا مقطوعات لموسيقيين مشهورين في عالم الروك.

في العام 2004 تشكلّت الفرقة بشكل رسمي، فضمت محمد حمزة (غناء) ومازن سبليني (keyborad) نديم سيوفي (غيتار) وسهيل (Drums) وآلان عازار (غيتار) ونديم بو شقرا (bass)، وشرع أعضاؤها في كتابة مقطوعات خاصة بهم. سجلوا الألبوم التجريبي الذي تميز بنجاح ملحوظ، وهو ما شجعهم على المضي بتسجيل أول البوم تجاري،Beauty & the east. لكن ظروف البلد السياسية والأمنية من مطلع العام 2005 أخّرت صدوره حتى العام 2007.

يشير محمد حمزة إلى المشاكل التي واجهت الفرقة قبل إصدار ألبومها الأول. فهي لم تعثر على الجهة التي تتكفل بالإنتاج والتوزيع. صدر الألبوم بجهود مالية خاصة. وكذلك الأمر عندما قرر أعضاء الفرقة طرح الألبوم على حسابهم الخاص في ألمانيا، وذلك سعياً إلى تحقيق شيء من الانتشار في أوروبا، «لم يروج للألبوم في لبنان بالشكل المطلوب، وشعرنا بأننا لم نعد نحرز أي تقدم حيث نحن».

لا يعتاش أعضاء الفرقة من الموسيقى. فكل منهم يشغل وظيفة مختلفة. هذه إحدى المشكلات التي يتحدث عنها آلان عازار، مؤكداً «أن هذا الوضع يؤخرنا، فكلنا ملتزمون بوظائف خاصة، بحيث نجد صعوبة بالغة حتى في ترتيب موعد للقاء يجمع أعضاء الفرقة»، ويلفت في الوقت عينه إلى مسألتين أكثر أهمية هما: «محدودية الجمهور ورواج الموسيقى التجارية فقط في لبنان، الأمر الذي يعيق تطورنا ويخفف من حماستنا».

رغم أن البوم Beauty& the east أنجز وفق مواصفات عالمية، سواء على صعيد الكلمات والموسيقى، لم تجد الفرقة من يدعم تجربتها حتى الساعة. ولعل الفرصة الذهبية التي تلوح في أفق مستقبل the Kordz حالياً، هي مشاركتهم في حفلات Deep Purple tour، حيث سيقدمون معزوفاتهم في أربع مدن ألمانية، من 15 وحتى ٢٣ تموز المقبل.

جاءت الدعوة من وكيل «Deep Purple tour» الذي أعجب بألبوم the Kordz فأفسح لهم مجال المشاركة، خاصة أن القيمين على الموضوع أحبوا فكرة استضافة شبان يحكون عن مشاكل بلدانهم العربية بلغة «الروك». لكن هذه الاستضافة لم تشمل تكاليف الإقامة والسفر. فوقعت الفرقة في المشكلة نفسها التي واجهتها قبل إصدار ألبومها الأول. لا وجود لراع ٍ رسمي لحفلاتهم المزمع إطلاقها ولا من يغطي التكاليف. بأي حال لا تبحث الفرقة عن دعم آني. سواء حصلوا على مساعدة أم لا فهم لن يفوتوا على أنفسهم هذه الفرصة «التي لن تتكرر».

رغم عدم تعويل أعضاء الفرقة على مؤسسات الدولة المعنية، فقد طرقوا باب وزارة الثقافة. كل ما حصلوا عليه هو كتاب توصية إلى من يهمّه الأمر. لم يلتفت أرباب «الثقافة الرسمية» أن نجاح الفرقة قد يكون ذا مردود إيجابي على غير صعيد. فهو أولاً مهم للتعريف بلبنان غير بلد الحروب الأهلية وغير الأهلية، وأيضاً، إلى الغارقين في مقولة لبنان الأسطورة العالمية، أن بإمكان الفرقة أن تعرّف الغربيين وغيرهم ببلد اسمه لبنان موجود على خريطة العالم. هذا فضلا عن دعم الاتجاه السياحي والثقافي في البلد.

«المبدأ هو أن هناك فرصاً متاحة لا نستطيع انتهازها لغياب الدعم المادي والمعنوي والدعائي. نحن لا نسعى للحصول على مبالغ كبيرة، بل على دعم يساعدنا على الترويج. كدعم مالي لتصوير فيديو كليب مثلا. من الممكن أيضاً أن يكون هذا الدعم لهدف استثماري من قبل الجهة الداعمة. لا يوجد غطاء ثقافي داعم حيث بإمكان وسائل الإعلام المرئية أن تلعب دوراً مهماً عبر الإعلان، أو عبر برنامج فني أسبوعي يفسح مجالاً لهذا النوع من الموسيقى»، يقول محمد حمزة.

يطغى المستوى التجاري على ما عداه. فموسيقياً بات من النادر العثور على أعمال جيدة. «كل يوم في كليب جديد، تافه وشبه إباحي. استمرار هذا النوع يجعل الناس تعتقد انه هو وحده الموجود على الساحة الموسيقية. من المفروض إفساح المجال لأنواع أخرى من الموسيقى»، يشير آلان عازار. ويشاركه محمد في مسألة النقص بالموسيقيين وكذلك الأمكنة التي تستضيف هذا النوع من الموسيقى.

جلّ ما تبحث عنه the Kordz الدعم الذي يتيح لها تطوير تجربتها واستمراريتها والتي ستفسح المجال لآخرين كي يسعوا إلى تحقيق أحلامهم أيضاً. أن يصبح للفرقة مكانها على الخريطة الموسيقية الخارجية. الأمر الذي في حال تمّ فإن the kordz ستكون السباقة إلى ذلك في العالم العربي. تبحث The kordz عن تشريع نافذة للتطور الموسيقي. أن يصبح الموسيقيون اللبنانيون في مرحلة يستطيعون فيها وضع لمساتهم على الموسيقى التي يقدمونها إلى العالم الخارجي.

السابق
حذاء وشتائم مذهبية في حرم محكمة شرعية
التالي
مهرجانات لبنان:بلديّات تتنافس على الأفضل