12 عاماً على الجريمة والتحقيق…. مكانه

بعد مرور اثني عشر عاماً على الجريمة التي هزت لبنان وعرش قضائه في وضح نهار الثلاثاء 8 حزيران 1999، فقضت على حياة أعضاء هيئة محكمة جنايات لبنان الجنوبي، على قوس محكمتهم، وهم الرئيس حسن عثمان والمستشارين: عماد شهاب، وليد هرموش، والمحامي العام لدى النيابة العامة الاستئنافية القاضي عاصم أبو ضاهر، إضافة إلى عدد من الجرحى من بينهم سالم سليم، وهو رئيس قلم المحكمة ومحامٍ، قد نجا بأعجوبة ،حيث أصيب في يده وبترت أصابعه، بعدما اخترقت رصاصات الغدر والخيانة أجساد زملائه.

الجريمة التي هزّت عرش القضاء. ولم تكتشف حتى هذه اللحظة الجهة التي قامت بتنفيذها، والأسباب التي دفعتها إلى استهداف هؤلاء القضاة، نفذت عند الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق من ظهر ذاك اليوم المشؤوم، عندما أقدم مجهولان بفتح النار من أسلحة حربية عبر إحدى النوافذ الخلفية لقصر العدل القديم في صيدا، أثناء إنعقاد جلسة لمحكمة جنايات لبنان الجنوبي ليسقط القضاة الأربعة قرابيين على قوس العدالة، ويصاب 5 أشخاص بين محامين ومواطنين.
وبعودة عقارب الزمن إلى الوراء، فإن الجريمة وقعت بعد تكليف القاضي حسن عثمان بالتحقيق في قضية محاولة اغتيال النائب الراحل مصطفى سعد، حيث وُجّهت أصابع الاتهام إلى عملاء «إسرائيل» في لبنان، وكشفه خيوطاً قانونية تدين وتكشف الفاعل. كما أنها تزامنت بعد أربعة أيام على تحرير منطقة جزين من رجس الإحتلال الصهيوني وعملائه. ومع بدء الحديث عن محاكمتهم من قبل القضاء اللبناني .

وتؤكد مصادر متابعة لقضية اغتيال القضاة الأربعة، على أن المجرمين القتلة ما زالوا مجهولين وأحرار، من دون أي محاسبة على ما اقترفته أياديهم، إضافة إلى عدم التقدم في التحقيقات التي ترواح مكانها، على الرغم من أن المغدورين، هم من أهل العدل في لبنان.

إحياء الذكرى
وإحياءً للذكرى الثانية عشرة لاغتيال القضاة، أقيم أمس لقاء في البهو العام لقصر العدل في صيدا، حضره عدد من القضاة وأفراد من عوائل القضاة الشهداء.

وبعد النشيد الوطني، والوقوف دقيقة صمت عن ارواح الشهداء الاربعة. ألقت الرئيسة الاولى لمحكمة الجنايات في صيدا والجنوب القاضية رلى جبرايل كلمة قالت فيها: «صمتنا اليوم كما صمتنا لالامس، صمت تضج فيه العبر، فبصمتنا هذا تسترجع في كل سنة، في كل يوم وفي كل ساعة ذكراهم، ذكرى القضاة الاربعة الكبار سالت دماؤهم الزكية على ارض صيدا الابية».
وأضافت: «ايها القضاة الكبار، لقد سرقتكم يد الغدر. اما من اغتالكم فقد قصد اغتيال القضاء والعدالة وصيدا الحرية ولبنان حيث ضاع كل مقصده لأن السهم الذي استهدف الطعن بالقضاء ما حقق في القضاء الا مزيداً من التصميم على متابعة المسيرة، رغم العوائق ورغم الصعاب».
شهاب
ثم ألقى المحامي محمد شهاب كلمة نقابة المحامين التي أكد فيها انه «على الرغم من المرارة، فإننا كمحامين نكمل مع القضاة كيان العدالة، وسنبقى على الايمان بأن القضاء هو الاساس في بنيان الدولة، ونصرّ على تحصينه واستقلاليته، ونؤكد على ان القضاء المستقل، هو من أهم مقومات الدولة والوطن، وأن لا دولة حضارية من دون قضاء مستقل»، معاهداً على البقاء والعمل سعيا للاقتصاص من القتلة المجرمين، متسائلاً «إلى متى يبقى الامن والقضاء مغلولي اليدين، فلا يقتص من مجرمين لم يستهدفوا فقط شهداءنا الاربعة، وانما استهدفوا القضاء بحد ذاته، والعدالة وحكمها».

سليم
ورأى المحامي سالم سليم في كلمته «إن العدالة مقياس تقدم الاوطان ورقيها، اذا كان العدل اساس الملك، فما هو مصير الملك عندما يتعرض العدل للاغتيال؟»، معتبراً ان المعادلة سهلة ممتنعة في وطن يصعب فيه السهل ويسهل الصعب، وطن التسويات الدائمة التي لا تحدث الا على حساب الوطن والمواطن، وحتما تكون العدالة احدى ضحاياه.
وشدد على أن العدالة لا تتحقق الا وفق معايير تحددها القوانين، مشيراً الى ان ملف اغتيال القضاة الشهداء يمكن الوصول فيه الى النتائج المرجوة بالبحث عن الادلة ومنها الاستماع الى الشهود .
وقال: «أنا الشهيد الحي كما يطلق علي، لم يسألني أحد عما شاهدته حتى الآن، وقد امتزجت دمائي بدماء الشهداء».

أبو ضاهر
ثم كانت كلمة اهالي الشهداء التي ألقاها المحامي بلال ابو ضاهر وقال فيها: «اذا كان العدل اساسا للملك كيف يمكن لملك ان يستقيم وللدولة ان تقوم بواجباتها تجاه افراد المجتمع، والعدالة قد نحرت في محرابها، مناشدا «قضاة لبنان بأن يبقوا اوفياء لتلك الدماء الزكية التي سالت، وأن يبقى هذا الحدث الجلل ماثلا في أذهانكم الى الابد».

وأضاف: «إن مسيرتكم في الحياة التي كانت مفعمة بالكد والتحصيل والعناء، وتكللت بالعلم والنجاح والعطاء حتى الشهادة، ستبقى مفخرة لنا، واسماؤكم الاربعة هي بمثابة وسام رفيع سنضعه على صدورنا، طالما بقينا احياء».

أكاليل
وفي الختام وضعت رئيسة المحكمة القاضية جبرايل والمدعي العام الاستئنافي في الجنوب الحاج، اكاليل من الزهر باسم نقابة المحامين في بيروت وقضاة صيدا والجنوب، على اللوحة التذكارية للقضاة الاربعة.

السابق
السياسة: “حزب الله” يقود حملة قمع آلاف السوريين المعارضين في لبنان!!
التالي
أسئلة عريقات في واشنطن من دون إجابة