دبلوماسي أميركي لشباب لبنان:التغيير يبدأ منكم

نظّم دبلوماسي اميركي اوراقه، وانتقى كلماته التي يَودّ أن يخاطب بها مجموعة من الشباب الجامعيين، عن مبادئ الديمقراطية في الولايات المتحدة.

إستهَلّ الدبلوماسي المخضرم حديثه عن طريقة عمل المؤسسات الدستورية من قضائية وتشريعية وتنفيذية في بلاده واستقلاليتها، وأسهب في الحديث عن الكونغرس، وما يملكه الرئيس الاميركي من صلاحيات امامه، ولا سيما لجهة حَق النقض" الفيتو" لأي قرار لا يرغب الرئيس فيه.

حديث استحوَذَ على اهتمام قسم من الشباب، فيما شبّهه قسم آخر، بمحاضرة قانون دستوري في سنة اولى سياسة.

شباب جلسوا في حماس ينتظرون لحظة إنهاء الدبلوماسي تقديمه، لينهالوا عليه في ما بعد بأسئلتهم عن موقف إدارته من التطورات التي يشهدها الشارع العربي.

اسئلة كانت أشبه بسهام، حاول السياسي المحنّك احتواءها، مبررا مقاربة إدارته للثورات العربية، وعدم التزامها القيم الديمقراطية التي تدافع عنها، بعبارة "لكلّ بلد خصوصيته".

خصوصية حَتّمت تردّد إدارة الرئيس باراك اوباما وتريثه حيال ما تشهده الساحة السورية منذ منتصف آذار الماضي، ما خلق له إشكالية فاضحة بسبب انحراف البوصلة الأخلاقية والأسلوب الانتقائي للسياسة الأميركية ما بين سوريا كنظام وبين العراق أو ليبيا على سبيل المثال، ما يتعارض مع محاولة أميركا للحفاظ على صورة عرّابة الديمقراطية العالمية.

إشكالية لا ينكرها الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه لدواع وظيفية، لكنّه حاول التنَصّل منها عبر التذكير بموقف سيّد البيت الابيض، عندما خاطب الرئيس السوري بشار الاسد في وضوح قائلا: "قُم بالإصلاح او تَنَح".

تقليم أظافر؟

يستجمع قواه لبرهة، لتعود علامات الإرباك وترتسم على محيّاه، حين تتوجّه اليه إحدى الشابّات بالقول، إنّ بلاده تنوي تقليم أظافر النظام السوري، وليس تغييره، مذكرة اياه بأنّ وزيرة الخارجية السابقة كوندوليسا رايس أوضحت للنائب وليد جنبلاط، اثناء زيارته نيويورك في العام 2005، أنّ واشنطن "لا تريد إسقاط النظام بل تغيير سلوكه"، مختتمة بالقول "إنّ مراعاتكم أمن اسرائيل والخوف من أن ينشأ نظام مُعاد على حدودها، منع اوباما من الضغط على الأسد حتى يتنحّى، كما فعل مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك". هجوم استفَزّ الدبلوماسي، لكنه اكتفى بالرد انّ "السياسة في تحوّل دائم، وهي ليست جامدة"، مُبديا سعادته لما يجري على الساح العربية، حيث تفتحت براعم الديمقراطية. ورفض اتهام إدارة اوباما بالسَعي إلى الاستيلاء على الثورات العربية عبر تقديم مساعدات مالية سخية، على غرار ما جرى في تونس ومصر، بعد أن عجزت عن حماية الأنظمة الحليفة لها، نافيا ان تكون غاية بلاده، التوَدّد الى بعض الدول العربية الخارجة للتَوّ من ثوراتها، بغية صرف نظرهم عمّا يجري على الساحة الفلسطينية.

وقد سمع من الحاضرين الكثير عن انحياز الإدارة الاميركية الى جانب الدولة العبرية، وتجاهلها مطالب الشعب الفلسطيني. وحاول احدهم تذكيره كيف صفّق أعضاء الكونغرس لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتناياهو، وقوفا له 29 مرة خلال خطابه الاخير الذي استغرق 48 دقيقة. وأظهر احد الشبان انعكاس العجز عن إيجاد حَل للقضية الفلسطينية على عدم الاستقرار في لبنان، طالبا من الدبلوماسي إطلاع إدارته على عدم رضى قسم كبير من اللبنانيين في شأن سياستهم في منطقة الشرق الاوسط.

حول لبنان

وبالانتقال الى الشِق اللبناني، بدأ الشباب في شرح مساوئ النظام اللبناني على اساس أنه "رئاسي وليس برلمانيا، بل بدعة توافقية" على حَد تعبيرهم.

وحمّــــل بعضهـــــم الارتهــــــان الى التوافقية، والشخصنة، وعدم الاحتكام الى المؤسسات الدستورية، وتفشي الطائفية والفساد في مؤسسات الدولة ووجود سلاح في يد حزب خارج سلطة الدولة مسؤولية ضرب ديمقراطية الكيان اللبناني. وأشار احدهم الى وجود نقص في الوعي بين المواطنين الذين لديهم ولاء مطلق للزعيم، ويستمرون في انتخابه وعدم مساءلته. الى جانب تفَشّي ظاهرة شراء الأصوات عند كل استحقاق انتخابي، ما يُفقد المواطن أهم وسيلة ديمقراطية للتعبير عن رأيهم، ومحاسبة المسؤولين عند إخلالهم بواجباتهم. تابع المسؤول الاميركي باهتمام شديد تذَمّر الشبان اللبنانيين من مساؤى النظام وآلية عمل المؤسسات في لبنان، مكتفيا بنصحهم قائلا: "التغيير يبدأ منكم، وعليكم التحرّك لترسيخ أسس الديمقراطية في بلدكم، وليس خافيا عليكم أنّها خطوة في مسيرة الألف ميل نحو الإصلاح".

نصيحة استدعَت من احد الشبان الطلب الى الدبلوماسي ابلاغ إدارته الكف عن دعم أركان الطبقة السياسية الحاكمة، والإصغاء الى أصوات الشعب اللبناني.

ومع انّ الجلسة الحوارية كانت مخصصة لمناقشة "مبادئ الديمقراطية"، إلاّ انّ ذلك لم يمنع الحاضرين من السعي إلى استشفاف موقف الإدارة الاميركية من موضوع تأليف الحكومة اللبنانية.

سؤال دفع المسؤول الاميركي الى إعادة التذكير بما عَبّر عنه مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فليتمان، والسفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيللي، مجددا رفض واشنطن قيام اي حكومة لا تحترم القرارات الدولية، ولا سيما المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وقرار مجلس الامن 1701. وتجنّب الدخول في عواقب اذا ما تمّ استيلاد حكومة لا ترضى عنها واشنطن، ممتنعا عن إيضاح مشروع القانون الذي أعَدّه عدد من النواب الاميركيين في الكونغرس تحت عنوان "قانون "حزب الله" لمكافحة الإرهاب لعام 2011"، The Hezbollah Anti- Terrorism Act ، والذي يهدف الى وضع ضوابط كبيرة على المساعدات الاميركية الى لبنان، "في الأوقات التي يكون حزب الله جزءا من الحكومة اللبنانية".

ورفض الإجابة عمّا إذا كان الأميركيون في صدد تهديد لبنان اقتصاديا، والتلويح بورقة المصارف في شكل خاص.

وختمَ حديثه مبتسما: "لا حكومة في القريب العاجل"، مضيفا بلهجة ساخرة "انّ ذلك سيستغرق وقتا طويلا".

السابق
البناء: حزب الله وقباني يدينان إحراق المستوطنين مسجد المغير في رام الله
التالي
لماذا لن تُصبح سوريا “ليبيا أخرى”؟