السفير: دمشق: لقاء تشاوري وطني الأسبوع المقبل أنقـرة تبقـي أبوابـها مفتـوحـة أمـام اللاجئـين السـوريين

تواصلت أعمال هيئة الإشراف السورية على الحوار الوطني أمس، تحضيراً لمؤتمر تشاوري يضم المعارضة «المقيمة في سوريا» الأسبوع المقبل، فيما ارتفعت وتيرة الضغط الدولي على دمشق، مع طرح مشروع قانون جديد ضد سوريا في مجلس الأمن الدولي يتزامن مع محاولات إقناع روسيا بالامتناع عن استخدام حق الـ«فيتو» ضده، واتجاه الاتحاد الاوروبي لفرض عقوبات جديدة تستهدف الشركات السورية.

وفيما دفعت الأوضاع الأمنية المتأزمة في شمال سوريا، عشرات النازحين نحو تركيا، أعلنت أنقرة بقاء أبوابها مفتوحة أمام هؤلاء «في هذه المرحلة»، مشددة على رفض التدخل الخارجي وضرورة قيام السلطات السورية بإصلاحات «تقنع المدنيين»، ودعت دمشق إلى إعلان «خطة عمل».

وتابعت هيئة الإشراف على الحوار الوطني أعمالها التحضيرية باتجاه عقد مؤتمر تشاوري للحوار الوطني بحضور ما يزيد عن 100 شخصية وطنية غالبيتها مقيمة
داخل سوريا. وعلمت «السفير» أن الهيئة وضعت عناوين عريضة للقاء التشاوري الذي من المتوقع أن يعقد الاسبوع المقبل، من بينها الإعداد لمؤتمر وطني شامل على مستوى البلاد تترأسه القيادة السورية ويهدف إلى الاتفاق على معالم سوريا المستقبلية ومن أبرزها نظام تعددي سياسي وديموقراطي مع تركيز على حماية حقوق الإنسان.
ويبقى سقف الحوار، كما سبق وذكرت مصادر لـ«السفير»، هو الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي، ويهدف الى تعزيز السلم الاجتماعي وتوسيع قواعد المشاركة السياسية. وكانت الهيئة قد بدأت عملها منذ أسبوع تقريبا حيث استقبلها الرئيس السوري بشار الأسد لهذه الغاية، وقال مسؤول سوري كبير لـ«السفير» إن اللقاء التشاوري «مفتوح لكل من يرغب بالحوار شريطة أن لا تكون له أجندة خارجية»، متوقعاً أن يكون اللقاء التشاوري في حدود أسبوع إلى عشرة أيام وفقا لطبيعة الاتصالات التي ستجري مع الأطراف المعنية، وبينها من المعارضة السياسية والمستقلين وممثلي المنظمات الحزبية. وسيكون على عاتق اللقاء التشاوري تحديد آليات الحوار وأسسه تمهيدا للمؤتمر الوطني الشامل. وفي سؤال حول ما إذا كانت شخصيات من «الإخوان المسلمين» ستكون مدعوة، قال المصدر إن الدولة «مستعدة للحوار مع كل من هو جاهز لهذا الحوار».

وفي نيويورك، سلّمت بريطانيا وفرنسا بدعم أميركي، مجلس الامن مشروع قرار يدين دمشق. وقال دبلوماسي لوكالة «رويترز»: «نريد تصويتاً بأقرب وقت ممكن، قبل نهاية الأسبوع. ونتوقع بعض محاولات التأجيل من قبل روسيا والصين وربما الهند أيضا». ويشابه المشروع محاولة سابقة أطلقت الشهر الماضي، إذ يحثّ الدول على عدم تزويد دمشق بالأسلحة ولكنه لا يحدد أية إجراءات عقابية. ويدين المشروع الانتهاكات «المنهجية» لحقوق الإنسان من قبل السلطات السورية، ويعتبر أنها تصل إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، لكنه يدين أيضا العنف ضد قوى الأمن.
وقال أحد الدبلوماسيين إن تعديلاً أجري على نص المشروع لجعله يبدو أقل تمهيداً لعملية عسكرية لاحقة كما حصل في ليبيا وأغضب روسيا، وخصوصا بنداً جديداً يقول إن «الحل الوحيد للأزمة الحالية في سوريا هو من خلال عملية سياسية شاملة بقيادة سورية».

لكن، رغم التلميحات الروسية إلى استخدام حق النقض الـ«فيتو» ضد قانون يدين سوريا قال دبلوماسي إن ذلك ليس مؤكداً وان مسؤولين روساً في نيويورك أشاروا إلى «مساحة ما من الانخراط» في محادثات مع نظرائهم الغربيين، فيما كان دبلوماسي آخر أقل تفاؤلا، وقال: «أسمع أن الفيتو الروسي حتمي». أما المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فقال لدى دخوله اجتماع مجلس الأمن: «يتم حذف بعض الامور (من النص). أحتاج لرؤية نسخة نظيفة». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد قال أمام البرلمان البريطاني في لندن: «من يستخدم حق الفيتو ضد القرار أو يصوت ضده، فعليه أن يحمّل ضميره ذلك».
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن دول الاتحاد الاوروبي تفكر في تشديد العقوبات على سوريا لتستهدف خصوصاً المؤسسات، في ظل تزايد القمع في هذا البلد. وقال أحد هذه المصادر الاوروبية إن «هناك أفكارا للذهاب أبعد في العقوبات المفروضة على سوريا مع تدابير إضافية. هذه الافكار في الاجواء لكن لا نص مطروحا على الطاولة في الوقت الحاضر» لبدء التحضيرات الملموسة. وأكد دبلوماسي آخر في بروكسل ان «محادثات غير رسمية جرت» في هذا الخصوص، «لكن لا شيء نهائيا بعد»، موضحا ان الفكرة ان تحققت فستستهدف «مؤسسات معروفة بارتباطها بالنظام أو تدعمه».
وفي واشنطن عبر دبلوماسي أوروبي عن وضوح أكبر في هذا الصدد، فقال «اننا (الاتحاد الاوروبي) نعمل في الوقت الحاضر على حزمة ثالثة من العقوبات تستهدف مؤسسات القطاع الاقتصادي»، مضيفا ان هذا الامر يجري بالتعاون مع الولايات المتحدة مثل سابقاتها.

من جهتها، أعلنت أنقرة ان حدودها ستبقى مفتوحة أمام السوريين الهاربين من القمع في بلادهم، لكنها تخشى في الوقت نفسه من تدفق كثيف للاجئين قد يزعزع الاستقرار في تركيا. وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعد وصول مجموعات جديدة من اللاجئين السوريين «في هذه المرحلة، من غير الوارد ان نقفل الابواب» (الحدود مع سوريا). وأكد اردوغان بحسب وكالة انباء الاناضول التركية انه يتابع «بقلق» الأحداث في سوريا المجاورة. وقال ان «قلقنا يتزايد … فلنأمل في ان يقوم (النظام) السوري بخطوات عاجلة على صعيد الاصلاحات وبطريقة تقنع المدنيين».

وكان اردوغان يتحدث بعد وصول مجموعة جديدة من 141 لاجئاً سورياً فروا من البلاد ومعظمهم من النساء والاطفال الى منطقة في جنوب تركيا محاذية للحدود مع سوريا. ويتحدر معظمهم من مدينة جسر الشغور السورية حيث يقوم الجيش بعمليات أمنية. وكانت تركيا قد استقبلت أواخر نيسان الماضي حوالى 250 سورياً من سكان قرى حدودية. وفي الإجمال وصل حوالى 450 لاجئاً سورياً الى تركيا خلال الشهر الماضي. وفي الايام الاخيرة أدخل عشرات السوريين المصابين بجروح الى مستشفيات انطاكيا (محافظة هاتاي).

وأكد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو من جهته مخاوف بلاده من اضطرارها الى مواجهة تدفق اللاجئين السوريين. وقال ان تدفقا كثيفا للاجئين «ليس أمرا مستحبا على الاطلاق». وأضاف داود اوغلو في تصريح لشبكة «ان.تي.في» الاخبارية التلفزيونية «اتخذنا كل التدابير الاحتياطية الضرورية على الحدود»، مشيرا الى ان السلطات التركية «تسيطر على الوضع» في الوقت الراهن. وأعرب داود اوغلو عن «عدم اقتناعه بفكرة التدخل الأجنبي في سوريا في الوقت الراهن»، معتبرا أنه «إذا أسرعت الإدارة السورية بوتيرة الإصلاحات ووقف العنف والسيطرة على الوضع الداخلي، فلن تكون هناك حاجة لمثل هذا التدخل» واعتبر وزير الخارجية التركي ان «السوريين يأملون في رؤية آخر النفق (انتهاء الازمة)… يجب إعلان خطة عمل(من قبل
دمشق)» لإقناع الناس.

وأفاد ناشط حقوقي وكالة «فرانس برس» ان سكان مدينة جسر الشغور في شمال غرب سوريا واصلوا الفرار من المدينة خشية عملية عسكرية واسعة النطاق لقوات النظام السوري. وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» في نيقوسيا ان «قوات عسكرية شوهدت على بعد 15 كلم من جسر الشغور. السكان يواصلون الفرار خشية عملية عسكرية كبيرة». وأكد ان مدينة جسر الشغور الواقعة في محافظة ادلب (300 كلم شمال دمشق) والتي يقطنها خمسون الف شخص «باتت مقفرة». وفي مدينة حمص، دخلت دبابات أحياء عدة سبق أن شهدت تظاهرات، حسبما قال ناشط سوري لـ«فرانس برس».

وروى لاجئون سوريون في تركيا لـ«فرانس برس» ان المتظاهرين لم يمارسوا أعمال عنف، لافتين الى ان السلطات هي التي شنت الهجمات عبر إرسال قناصة ومروحيات لإطلاق النار على الجموع. وقال أحد اللاجئين «أطلق علي النار شرطيون في زي مدني. أصابت رصاصة ذراعي اليمنى». وأورد آخر ان قوات الامن «أحرقت المقر العام لحزب البعث (الحاكم) سعياً الى ذريعة لقتل الناس».

في المقابل، ذكرت وكالة «سانا» السورية للانباء أنه تم الكشف عن اتصال هاتفي بين عدد من «أفراد التنظيمات المسلحة في جسر الشغور (يظهر) تخطيطها لاستغلال جثث قوى الشرطة والأمن للنيل من هيبة الجيش ومهامه الوطنية بعد أن ارتكبت هذه التنظيمات مجزرة وحشية بحق هذه القوى ومثلت بالجثث ورمت ببعضها في نهر العاصي وعلى ضفافه وسرقت لباسهم العسكري».

السابق
البناء: مجلس الأمن يفشل في الاتفاق على مُسوّدَة بيان ضدّ سورية والمحاولات تُستكمل اليوم
التالي
الاخبار: تركيا تشهد موجة نزوح جديدة: لن نقفل أبوابنا