زياد الاسود من حضانة “لحد”… إلى حصانة البرلمان

كان الاحتلال الإسرائيلي، وكانت بلدة جزين الجنوبية تعيش شأنها شأن قرى الجنوب تحت سيطرته. وكان جيش لبنان الجنوبي أو ما يسمّى بـ"جيش العميل أنطوان لحد"، وفق مفردات قاموس المقاومة، وكان "علّوش" أحد أبرز قيادييه، قياديٌ تعرّض لمحاولات اغتيال عدة من قبل مقاومي "حزب الـله" قبل أن يفرّ إلى إسرائيل مع اندحار قواتها من جنوب لبنان يوم 25 أيار 2000.

كان "علّوش" يحظى بدلال إسرائيلي قلّ نظيره، مكّنه من فرض نفسه كحيثية أمنية سياسية في المنطقة. فوجد فيها أحد أبرز الناشطين العونيين في جزين ملجأ للحماية يوم اشتد ظلم النظام الأمني على مناصري قائد الجيش السابق العماد ميشال عون.

ويروي أحد كبار الناشطين في الشأن العام الجزيني، أنّ ذاك المناضل الجزيني قصد بلدته الأم وسأل "علّوش" الحماية، فكان له ما أراد، وكانت له علاقة شخصية وطيدة به، فبات تارة ناشطا سياسيا في "التيار الوطني الحر" في بيروت، وتارة أخرى مواطنا معزّزا مكرّما في جزين، يعيش تحت أجنحة "علّوش" وقائد عسكري آخر في جيش لبنان الجنوبي من آل نصر، نجا من محاولات اغتيال عدة قبل أن يتم اعتقاله في 25 أيار.

ويروي الناشط في الشأن العام الجزيني أنّ ذاك "المناضل" عُرف في الأوساط الجزينية بتحذيره الدائم من خطر التمدّد الشيعي في البلدة. وفي هذا الإطار، لم يتردّد يوما في حث الجزينيين على عدم بيع أراضيهم.

فتمكّن عبر دعواته تلك، ونشاطه الاجتماعي في المنطقة، من تكوين حيثية له سوّقت اسمه على نحو كبير، إلى حين قرّر العماد عون المشاركة في الانتخابات النيابية في دائرة جزين، فوجد فيه مرشّحا قويّا، فكان سعادة النائب زياد أسود.

يومها، تأكد "التيار الوطني الحرّ" من الفوز الكامل للائحته في قضاء جزين، حيث جذور الجنرال الذي كلّف المحامي زياد أسود البحث عن مموّلين اثنين يضمهما إليه في تكوين اللائحة، فأتى أسود بمحامي بنك المدينة ميشال الحلو، الذي يعتبر نفسه حليف الجنرال لا صنيعته، كما أتى بعصام حداد الذي استبدله جبران باسيل قبل فترة قليلة من إقفال باب الترشيحات بعصام صوايا لدفعه مبلغا ماليا يفوق المبلغ الذي وعد بدفعه حداد.

فازت اللائحة بأعضائها الثلاثة، فكانت المفاجأة أنّ لدى النائب الجديد عصام صوايا ملفا قضائيا للاشتباه فيه في قضية اختلاس مئات ملايين الدولارات.

تم تجميد الملف عقب الفوز، إلّا أنّ صوايا ترك البلاد متناسيا أنه ممثل لأبناء المنطقة.

ويروي الناشط الجزيني أنّ صوايا أرسل تفويضا خطيا للعماد عون لتسمية رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي في الاستشارات النيابية الأخيرة.

سافر المموّل الكبير، وبات لجزين نائبان، الأوّل ميشال الحلو الذي يعتبر نفسه حليفا للعماد ميشال عون، ويرفض الاعتراف بحيثية أسود الذي أتى به العماد عون.

أمّا الثاني وهو أسود، فيعتبر العكس، ويحاول فرض سيطرته على جزّين ولا سيما على بلديتها، ما دفع نجل حلو ورفاقه بعدما ثملوا في إحدى سهراتهم في مطعم "الكوان روج"، إلى التوجّه نحو دار البلدية والتبويل على بابها "نكاية" بأسود.

اشتد الصراع بين حلو وأسود، الذي فتح إلى جانب حربه مع حلو، حربا أخرى مع النائب السابق سمير عازار، فراح يرسل بين الفينة والأخرى رجاله لـ"خلق مشكل" مع أنصار عازار، كما يروي الناشط الجزيني الذي يؤكّد أن فتح أسود معركة مستشفى جزين ضد رئيس مجلس إدارته الدكتور بشارة الحجّار لم تكن إلّا بغية إطلاق نار سياسي على عازار، بحجة أنه استغل المستشفى واحتكره لأسباب سياسية وغير سياسية، علما، يضيف الناشط، أنّ الحجّار يخدم أبناء المنطقة منذ سنين طويلة، ورفض مغادرتها أيام الحرب، فكان الجرّاح الوحيد في المستشفى، وما التجمّع الحاشد لأبناء جزين في منزله يوم هاجمه أسود بعنف سوى تأكيد على وقوف الجزينيين إلى جانب من وقف معهم لا العكس.

ومن السيطرة على البلدية إلى محاولة وضع اليد على المستشفى، وصولا إلى "خلق المشاكل" في المنطقة، مشوار أسود لم يتوقف، كما يروي الناشط، كاشفا أنّ أسود الذي تقدّم بورقة عمل حول قضية بيع الأراضي في اللقاء الماروني في بكركي، شكّل فترة طويلة "السمسار الأوّل" في هذا الميدان، إذ كان يعمد، ودائما وفق الناشط في الشأن العام الجزيني، إلى إيهام المسيحي الجزيني المعوز بوجود متموّل مسيحي مستعد لشراء أرضه، ليتبيّن بعد فترة وجيزة أنّ المتمول المذكور هو مجرّد اسم وهمي يخفي وراءه شبكة يقودها غير المسيحيين لشراء أراضي المسيحيين في المنطقة.

في 2 حزيران الحالي، يقال إن زياد أسود حمل معه إلى لقاء بكركي ملف بيع أراضي المسيحيين في جزين التي تعاني عمليات منظمة في هذا الإطار، فروى في دراسة سوّقها عبر أكثر من وسيلة إعلامية قبل أيام، كيف أنّ مِساحات واسعة من الأراضي الواقعة في خراج بلدة كفرجرّة (قضاء جزين) بيعت في منتصف السبعينيات خلال الأحداث، وأنشئت عليها لاحقا مجمّعات سكنية مملوكة من عائلات صيداوية، متخوّفا من تغيير ديمغرافي مفترض في تلك المنطقة.

إلّا أنّ أسود المتخوّف هنا على التغيير الديمغرافي، لم يتطرّق إلى مسألة شراء الأراضي من قبل غير المسيحيين.

يوم غادر قائد الجيش السابق العماد ميشال عون لبنان متجها إلى منفاه الباريسي القسري، ترك وراءه جماعة سمّيت حينها بـ"العونيّي"، وسرعان ما انتشرت على مِساحة الوطن، إلى أن باتت تيارا شعبيا سياسيا لديه أكبر تكتّل نيابي مسيحي، ضمّ بين صفوفه عدد كبير من "العونيي" الأوائل الذين قاوموا "الاحتلال السوري"، تارة عبر الزمور الشهير، وتارة أخرى عبر بيع الخضروات والفاكهة والكعك على مفترقات الطرقات العامة. من بين هؤلاء كان زياد أسود مناضلا في مراحل وجوده في بيروت، حيث رفض الوضع السياسي، فانضم إلى صفوف هذه الحالة العونية… ومن "عمود لعمود صفّا بالبرلمان!قيم المقال
654321التعليقات

السابق
الاتوار: المطلوب استراتيجية وليس مجرد بيان من لقاء بكركي
التالي
الاتباء: ريفي المستهدفون بالمذكرات السورية يقاضون مصدريها بلاهاي