4 أسباب لتماسك سوريا

"أصبح جَليّا أن سوريا تعاني أزمة داخلية، إلا انها لم تصل حتى الآن الى المستوى الذي ينذر أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيسقط". هذا ما أكده تقرير استراتيجي تمّ نَشره حديثا في واشنطن، وكشف "أنّ أصحاب المصالح في المنطقة، من تركيا واسرائيل والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية الى ايران يفضّلون بشكل عام بقاء عائلة الأسد في الحكم، بدل التعامل مع عواقب محتملة تزعزع الاستقرار على اثر تغيير النظام".

ومن أبرز ما جاء في التقرير:

في الواقع، هناك أربع ركائز أساسية تُبقي نظام الأقلية العلوي – البَعثي قائما في سوريا:

1 – السلطة في أيدي فريق الأسد

2 – وحدة العلويين

3 – سيطرة العلويين على جهاز المخابرات العسكرية

4 – احتكار حزب البعث للنظام السياسي في البلد.

وعلى رغم أن النظام السوري يتعرّض لضغوط كبيرة، غير أن هذه الركائز الأربع لا تزال قائمة. وفي حال سقطت أي واحدة منها، سيكون نظام الأسد في مواجهة فِعليّة مع أزمة وجود حقيقية.

ولقد دفعت المظاهرات في معظم زوايا سوريا، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، بالعديد الى الاعتقاد أن النظام السوري يلفظ أنفاسه الأخيرة. غير أن مثل هذه الافتراضات لا تأخذ بعين الاعتبار العوامل الحاسمة، التي أبقت هذا النظام قائما طيلة عقود، أبرزها يكمن في أن النظام لا يزال يرأس جيشا موحدا الى حدّ بعيد، وملتزما بقمع المتظاهرين بالقوة.

والجدير بالذكر أن من بين 200 ألف جندي في الجيش السوري، يشكّل العلويون 70 في المئة منهم. كما يُعتقد أن نحو 80 في المئة من ضباط الجيش هم من الطائفة العلوية أيضا. الى جانب ذلك، تُعد شعبة النخبة في الجيش، الحرس الجمهوري، التي يرأسها شقيق الأسد الأصغر ماهر الأسد، قوّة علوية.

أما الثلاثي الذي يدير الحملات على المتظاهرين، فيتألّف من شقيق الأسد ماهر، وصهره آصف شوكت، ومدير المخابرات السورية علي مملوك. وكانت استراتيجيتهم تقضي باستخدام الجنود المسيحيين والدروز وقوى الأمن ضدّ المتظاهرين السنّة، بغية إنشاء فجوة بين السنّة وأقليّات البلد (العلويون، الدروز والمسيحيون). إلاّ أنه يُخشى أن تأتي هذه الاستراتيجية بنتائج عكسية خطيرة، إذا اشتدّت الطائفية الى درجة لا يعود النظام قادرا على احتواء المجتمع السوري الأوسع. اضافة الى ذلك، دعا الرئيس الأسد الجنرالات العلويين المتقاعدين الى العودة الى العمل معه كمستشارين، للتأكّد أن ليس لهؤلاء أي رابط مع المعارضة.

ونظرا للديناميات الطائفية التي تميّز الجيش السوري، لم يعد مستغربا انه لم تحدث انشقاقات ملحوظة داخل الجيش خلال الأزمة الحالية. وكان النشطاء في جنوب غرب البلاد أبلغوا عن انشقاقات محدودة في صفوف بعض الضباط والجيوش ذوي مرتبة متدنية.

وقد أصدرت حركة معارضة، أطلقت على نفسها اسم "المبادرة الوطنية من أجل التغيير"، بيانا من نيقوسيا – قبرص، يناشد وزير الدفاع السوري علي حبيب (علوي) ورئيس أركان الجيش داود راجحة (مسيحي، روم أورثوذكس) لترؤس عملية التغيير السياسي في سوريا، في محاولة واضحة لنشر فكرة أن المعارضة تُحرز تقدما بالنسبة لمشاركتها في اختيار الأعضاء العسكريين الكبار في النظام، مع الإشارة الى أن راجحة تمّ تعيينه مكان حبيب كرئيس لأركان الجيش. أما صهر رئيس الجمهورية آصف شوكت، فهو بالشكل نائب رئيس الأركان، ولكن في المضمون هو رئيسها الحقيقي.

وبالتالي، لا يُمثّل بالضرورة انشقاق كلّ من راجحة وحبيب، غير المرجّح في هذه المرحلة، قطيعة حقيقية داخل النظام. ولكن، اذا حصلت انشقاقات على نطاق واسع داخل الجيش، فإنّ ذلك سيشكّل إشارة بالغة الأهمية الى انقسام العلويين، وبالتالي فقدانهم السيطرة على القوى المسلّحة. ومن دون هذه السيطرة، لا يستطيع النظام أن يستمرّ. ولكن، حتى الآن، لم يحصل ذلك.

على المستوى الداخلي، تشكّل وحدة العلويين وسيطرتهم على الجيش، بالإضافة الى ولاء حزب البعث، عناصر أساسية للحفاظ على سلطة نظام الأسد. أما على المستوى الخارجي، فهناك واقع يلعب دورا مساعدا للنظام السوري، يكمن في أن أصحاب المصالح في المنطقة، بما فيهم تركيا واسرائيل والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وايران، يفضّلون بشكل عام بقاء عائلة الأسد في الحكم بدل التعامل مع عواقب محتملة تزعزع الاستقرار على أثر تغيير النظام.

باختصار، قد يُزعج النظام السوري العديد، غير أن ذلك لا يعتبر سببا كافيا للدفع بأصحاب المصالح في المنطقة الى تكريس جهودهم في سبيل تغيير النظام في دمشق.

السابق
الانباء: الاجتماع الماروني الثاني في بكركي اليوم
التالي
الربيع العربي: الدور على أوروبا