ازمة الحكومة تتسبب بغياب السياح عن لبنان

إن ما يتعرض له القطاع السياحي في لبنان عموماً إن دلّ على شيء فهو يدل على مدى إنهيار هذا القطاع بسبب الأزمة الحكومية المستشرية في البلد، وبالتالي انعدام الثقة نتيجة عدم الإستقرار السياسي والأمني· الأمر الذي بات لا يطمئن العديد من السياح الذين كانوا قد اعتادوا تمضية عطلتهم الصيفية في ربوع لبنان·

هذا الواقع انعكس بشكل سلبي في مختلف القطاعات السياحية التي أقفل بعض منها أبوابه بسبب عدم قدرته على الصمود وتحمّل المزيد من الخسائر، بينما البعض الآخر ما زال يحاول أن يواجه هذا الواقع بكثير من التحدي لإيمانه بأن لبنان سيبقى ويستمر بالرغم من كل هذه الأزمات التي يتخبط بها حاليا لأنه كطائر الفينيق الذي ينهض دوماً من بين الرماد·

الأشقر < نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر أكد أن الوضع العام في منطقة الشرق الأوسط يؤثر على القطاع السياحي، إضافة إلى ذلك فإن عدم وجود الحكومة يدل على انعدام الإستقرار في البلد، يقول: <إن عدم الإستقرار السياسي في لبنان يخيف من تطوّر الأزمة السياسية إلى أزمة أمنية، وبالتالي هذا الهاجس لا يشجع السائح العربي أو الأجنبي وحتى المغترب اللبناني للمجيء إلى لبنان ومنطقة الشرق الأوسط عامة خصوصا عندما يشاهد المشاكل التي تحصل في تونس، الأردن، مصر··· الأمر الذي انعكس سلبا على المنطقة ككل· لكن بالرغم من ذلك، نحن ما زلنا نراهن على إخواننا العرب وخاصة الخليجيين منهم ولا سيما <أن الأعور بين العميان ملك> لهذا السبب بدأنا نلحظ تحسّناً تدريجياً منذ 20 يوماً تقريباً لأنهم بدأوا يتلمسوا أن الوضع في لبنان إلى حد ما مستقر ولا سيما أنه ما يزال الأفضل كوجهة سياحية إنما هناك تخوّف· كما أن الفرصة التي كان بإمكاننا أن نستفيد منها كانت تتمثل بتشكيل الحكومة إلا أن هذه المسألة لم تتحقق مع الأسف علما أنها كانت ستعطي الكثير من الطمأنينة>·

وبالنسبة لعدد السياح مقارنة بالسنوات الماضية، يقول: <خلال أول شهرين من بداية السنة وبعد أن سقطت الحكومة كان هناك تراجعا بنسبة 50%، حاليا التراجع بات يقارب الـ 25% مقارنة مع السنوات الماضية لكن المهم أن يبقى هناك إيجابية في الخطاب السياسي وأن نتمكن من تشكيل حكومة في مدة لا تتجاوز الشهر لأن هذا سيمكننا أن ننعم بموسم إصطياف مقبول وإن كان هذا الموسم لا يتعدى الشهر تقريباً نظراً لقدوم شهر رمضان المبارك وبدء الموسم الدراسي في منتصف أيلول مما يوفر لنا ما يقارب الـ 45 يوم إصطياف>·

عريس < نقيب أصحاب المطاعم في لبنان بول عريس تحدث عن الواقع الذي يتخبط به أصحاب المقاهي بسبب الأزمة الحكومية القائمة، يقول: <إن المطاعم التي تقدم الأسماك والمأكولات اليابانية والفرنسية واللبنانية فإن أهم هذه المطاعم أستطيع أن أؤكد لك أن نسبة أعمالها تراجعت 20% أما المطاعم المتبقية فقد سجلت تراجعاً بنسبة 50% مقارنة مع السنة الماضية· فإن بقيت الأوضاع السياحية على حالها ولم نستقطب السياح أو المغتربين اللبنانيين فمعنى ذلك أننا سنشهد أزمة حقيقية خصوصاً أنه في السنوات الثلاث الماضية تأسس ما لا يقل عن 1500 مؤسسة سياحية جديدة وكل هذه المؤسسات كانت تراهن على الطلب الخارجي أكثر منه الطلب الداخلي· وفي ظل هذا الوضع فإن الطلب الداخلي لا يفي بالعرض الموجود·

وما يؤسف أن هناك العديد من هذه المؤسسات التي أقفلت أبوابها، منها 20 مؤسسة في الجميزة، 10 منها أقفلت أبوابها تماما بينما الـ 10 الآخرين حوّلوا هذه المؤسسات لاتجاهات أخرى· كذلك في منطقة انطلياس هناك 10 مؤسسات أقفلت أبوابها تماما علما أن هذه المنطقة شهدت نمواً ممتازاً على الصعيد السياحي·

لذلك نأمل أن يتم تشكيل الحكومة في أقرب وقت كي نعطي الثقة للسياح اللبنانيين والأجانب ونؤكد لهم أننا ننعم بالإستقرار كي يأتوا وملؤهم الطمأنينة وإلا فإن الصناعة السياحية ستمر بمرحلة عاطلة جدا>·

حمد < عضو المؤسسات السياحية في بيروت وصاحب مطعم <بيتي> محمد حمد تحدث لـ <اللـــواء> عن الأوضاع السياحية المتردية الناتجة عن تأخّر تشكيل الحكومة وما أنتجته من انعكاسات سلبية، عن كيفية صموده وسط الأزمة الحاصلة، يقول: <كما تعلمين إن السياحة لدينا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسياسة ولا سيما أننا في لبنان لا نملك البترول وليس لدينا صناعة··· فرصيدنا الأول والأخير هو السياحة، لكن مع الأسف منذ مدة والوضع السياحي غير مستقر نتيجة الأوضاع المحيطة بنا·

إلا أن ما يحصل حالياً من تعرقل في تشكيل الحكومة بات كارثة بحد ذاتها لأنه لا يطمئن السائح للقدوم إلى لبنان· فيما مضى كنا نستفيد من السائح الخليجي والمغترب اللبناني، اليوم وجود السائح بات معدوماً مما لا يبشّر بقدوم أي موسم سياحي>·

وعن كيفية تعامله مع الوضع السياحي المتأزم، يقول حمد: <الوضع القائم بات يفرض علينا سياسة معينة للمطعم فبدلاً من شراء المواد الغذائية (لحوم، خضار، فواكه···) بشكل أسبوعي وحفظها في الثلاجات بتنا نشتريها بشكل يومي لأن الحركة في المطعم باتت خجولة مقارنة بالسنوات الماضية إذ أنها كانت ناشطة في السابق، وبطبيعة الحال البضاعة عندما لا تستهلك نتلفها لأننا لا نستطيع أن نقدم لزبائننا إلا ما هو طازج وذات جودة عالية·

كذلك، كما تعلمين أننا نقدم كل يوم سبت حفلة فنية، وبالتالي علينا أن ندفع أجرة هؤلاء الفنانين سواء كان هناك زبائن أم لا لأننا نتعاقد معهم دون أن نعلم ما إذا كان هناك حجوزات أم لا مما يرتب خسارة مادية أخرى>·

يضيف: <بالإضافة لكل ما أوردته فإن موقع المطعم كونه يجاور منزل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي والتدابير الأمنية المتخذة يؤثر علينا أيضاً لأن الزبون الذي يود أن يقصد مطعمنا عليه أن يقوم بجولة قبل وصوله نظراً إلى الطريق الذي بات باتجاه واحد، علماً أن الأمن بسبب الترتيبات يطمئن أكثر لكن الزبون دائماً يفضّل ما هو بعيد عن هذه الإجراءات·

باختصار 40% من الحجوزات اختفت إن لم نقل 60%، فالحجوزات لدينا كانت تبدأ من شهر 5 لتمتد إلى شهري 6 و7، اليوم الحجوزات باتت لا تتعدى 10% فقط· هذا بالرغم من أننا نتعامل مع العديد من المؤسسات التي نقدم لها أيضا التسهيلات، فمطعمنا هو مطعم عائلي ونحن نأخذ هذه المسألة بعين الإعتبار لذلك أسعارنا مدروسة لأقصى حد لكن الواقع الذي نتخبط فيه بات يخيف المواطن ويجعله يشد الحزام·

نأمل أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت كي يتحسن الوضع السياحي في البلد ولا سيما أن هذه الأزمة تطال غالبية المطاعم لأن إبقاء الوضع على حاله معناه إلغاء لبنان عن الخريطة كونه بلداً قائماً على السياحة ولا شيء غير السياحة، فإن شاء الله تجري الرياح بما تشتهي السفن لننعم بالموسم السياحي>·

بيلاني < مدير مطعم <آموري> غسان بيلاني بدوره عبّر عن سخطه من الوضع السياحي القائم، قائلا: <نحن نشهد تراجعاً كبيراً فيما يخص إقبال السياح، وبالرغم من ذلك ما زلنا نحاول الصمود في وجه هذا الواقع علما أننا نتكبد العديد من الخسائر المادية·

كل ما نأمله هو قدوم السياح في الأسابيع المقبلة، علماً أن ذلك مرتبط بوضع البلد، فإن لم نشهد أي إستقرار أمني وحكومة تكون بمستوى آمال اللبنانيين فمعنى ذلك أن الوضع السياحي سيبقى على حاله وخصوصاً أن موسم الصيف قصير جداً هذا العام·

كل ما يسعنا أن نقوم به هو أن نبقى في حالة تأهب بانتظار قدوم السياح، على الرغم من الخسارة المادية التي نتكبدها في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية· ونحن بالرغم من أننا مؤسسة سياحية كبيرة إلا أننا نواجه الصعوبات، فكيف بالمؤسسات السياحية الصغيرة فهي بالتأكيد على شفير الإنهيار؟· لذلك كل ما نتمناه على المسؤولين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويشكلوا الحكومة في أقرب وقت لنتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه>·

دقدوق < ولمعرفة أوضاع مكاتب تأجير السيارات التقينا نقيبها محمد دقدوق الذي أكد بدوره أن الخسارة التي ألمت بمكاتب تأجير السيارات لا تقل ضرراً عن الخسارة التي ألمت بالقطاع السياحي عموماً، ويقول: <إن الواقع الذي وصلنا إليه نتيجة عدم الإستقرار الأمني أدى إلى تراجع السياحة بشكل كبير، وبالتالي إلى غياب 80% من السياح مما تسبب بخسائر كبيرة في قطاعنا أدت إلى إقفال ما يقارب الـ 21 مكتباً·

وكما تعلمين غالبية مكاتب تأجير السيارات تشتري سياراتها بالتقسيط على أن تدفع الأقساط من الربح الذي تنتجه من خلال حركة الزبائن· في السنوات الماضية شهدنا حركة لا مثيل لها، أما اليوم فالخسائر غير طبيعية، ولا سيما أنه تمت سرقة العديد من سيارات التأجير، والمضحك المبكي أنه بالرغم من ذلك ما زال يتوجب علينا دفع <الميكانيك> لهذه السيارات أي أنه فوق مصيبتنا مصيبة!

كذلك هناك العديد من المراسيم والقوانين المتعلقة بعمل تأجير السيارات والتي تحتاج إلى متابعة وتفعيل لكن الأمور مقيدة نتيجة عدم تشكيل الحكومة، لذلك كل ما نتمناه أن تتشكل الحكومة في أقرب فرصة كي تنظر في أوضاعنا ولا نضطر لإقفال ما تبقى من مكاتبنا>·

أما بالنسبة لمكاتب السياحة والمحلات التجارية فحالها أيضاً لا يرضي على الإطلاق لأن نسبة الإقبال عليها تضاءلت بشكل كبير نتيجة خوف الناس عما يخبئه الغد في طياته فهم يفضّلون <إبقاء القرش الأبيض ليومهم الأسود> وخصوصا أن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط عموما لا يطمئن نهائيا، هذا عدا عن الوضع الداخلي الذي نتخبط به·

فلنأمل أن تتشكل الحكومة في القريب العاجل لتتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه·

السابق
البيرق: بري: سادعو الى جلسة ثانية وثالثة ورابعة اذا لم يكتمل النصاب
التالي
خليل:نتمسك بمقياتي ولا عوائق سورية