السفير: التفاؤل الحكومي ينتعش … مجدداً

 
 
سجلت أمس، بعد فترة طويلة من المراوحة الممزوجة بالتشاؤم، مؤشرات إيجابية حول إمكان تحقيق اختراق جدي في جدار العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة، بعدما تجددت الاتصالات بين المعنيين بورشة التأليف، على إيقاع مرونة متبادلة وأفكار متطورة، ستكون عرضة للاختبار في الايام القليلة المقبلة.

وبينما بقيت قضية مخالفة اللواء اشرف ريفي لأوامر وزير الداخلية مادة للتجاذب الداخلي، بانتظار موقف وزير العدل من طلب رئيس الجمهورية إحالة ريفي الى القضاء، بدأت الانظار تتجه نحو الحدود الجنوبية، ترقبا للمسار الذي ستتخذه التظاهرة المتوقعة في 5 حزيران الجاري، في ذكرى النكسة.

وفي حين بدت إسرائيل متوترة و«اليونيفيل» قلقة، قالت مصادر عسكرية رفيعة لـ«السفير» ان الجيش اللبناني يضبط الوضع جيدا على الحدود، ولن يسمح لأحد بان يعبث بالامن، مؤكدة ان ما حصل في مارون الراس مؤخرا لن يتكرر هذه المرة.
وأشارت المصادر الى ان الجيش سيتخذ الاجراءات المناسبة التي من شأنها ضمان السيطرة على الموقف، موضحة انه لن يكون مسموحا للمتظاهرين بالوصول الى الشريط الشائك، لئلا تُمنح إسرائيل فرصة لممارسة القتل العبثي والعشوائي مجددا.

وأكدت المصادر ان الجيش استخلص الدروس من التجربة السابقة في مارون الراس، وهو سيمارس دوره بأعلى درجات المسؤولية، بالتعاون والتنسيق مع «اليونيفيل»، لافتة الانتباه الى ان حرية التعبير عن الرأي مصانة بالتأكيد، لكن يجب ان تكون هناك ضوابط لها، حتى لا يجري إدخال لبنان في نفق المجهول من خلال خطوات انفعالية، غير مدروسة.
في هذه الاثناء، كشفت مصادر غربية في باريس لمراسل «السفير» أن القائد العام لقوات «اليونيفيل» الجنرال البرتو اسارتا سيتوجه قريبا إلى اسرائيل وسيبحث مع الاسرائيليين في موضوع التظاهرة اللبنانية التي ستتوجه إلى «بوابة فاطمة» الأحد المقبل.

وقالت مصادر في «اليونيفيل» لـ«السفير» (مرجعيون) إنها ستلتزم مواقعها يوم الأحد المقبل موعد التظاهرة المقررة إلى «بوابة فاطمة» بذكرى الخامس من حزيران، باعتبار أن حفظ الأمن هو من مسوؤلية الجيش اللبناني، مبدية قلقها من هذا التحرك وخشيتها من انفلات الأمور كما حصل في الذكرى الـ63 للنكبة في 15 ايار الماضي في بلدة مارون الراس في قضاء بنت جبيل.

وباشر الجيش الاسرائيلي منذ ايام قليلة على طول الحدود من الناقورة الى مزارع شبعا، باستحداث عدد من دشم المراقبة الحدودية وإحاطتها بعوارض اسمنتية سميكة بالاضافة الى اجراءات التمويه. وعملت الجرافات والآليات الاسرائيلية على رفع سواتر ترابية وتعزيز تلك الموجودة امام المواقع القديمة. كما اجرت الفرق التقنية عملية مسح على طول الشريط الفاصل بين الجانبين للتأكد من سلامته.

إعتداء الرميلة
الى ذلك، تواصلت التحقيقات في ملابسات حادثة الاعتداء على القوة الدولية في الرميلة، حيث قالت مصادر عسكرية رفيعة لـ«السفير» ان تقدما قد تحقق على هذا الصعيد، كاشفة عن ان كل الخيوط التي تجمعت حتى الآن تشير الى تورط جهة أصولية في الهجوم، ولفتت الانتباه الى ان بعض المناطق المحاذية للرميلة تحوي أصوليين، مرجحة ان يكون المسؤولون عن الاعتداء قد أتوا من مكان قريب، وأوضحت ان السعي حثيث لإلقاء القبض عليهم.
وفي سياق متصل، أكدت المصادر العسكرية ان الجيش اللبناني نجح قبل ايام في إحباط محاولة إطلاق صاروخ في اتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، وانه تم إلقاء القبض على الشخص الذي تولى نقل الصاروخ وإعداد المنصة لإطلاقه، بعد إخضاعه لمراقبة دقيقة، مشيرة الى ان التحقيق متواصل معه لمعرفة الجهة التي تقف وراءه وما إذا كان هناك خيط يربط بين هذه المحاولة والهجوم على القوة الدولية.

سليمان يدافع عن قراره
في هذه الاثناء، استمرت قضية مخالفة اللواء اشرف ريفي أوامر وزير الداخلية زياد بارود بالتفاعل، في ضوء طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير العدل إبراهيم نجار إحالة ريفي على القضاء لامتناعه عن تنفيذ قرار بارود سحب القوى الأمنية من مبنى وزارة الاتصالات في العدلية.

وأكدت أوساط سليمان لـ«السفير» أن الأسباب التي دفعته إلى خطوته تتمثل، أولا، في واقعة استقالة بارود وتحرره من مسؤوليته في وزارة الداخلية، وثانيا، ما دام وزير الدفاع الياس المر هو وزير الداخلية بالإنابة، وقد غادر البلاد فورا مع اعتكاف بارود، وما دامت الحقيبتان الأمنيتان (الدفاع والداخلية) في ظل اعتكاف بارود وغياب المر أصبحتا شاغرتين، ذلك أن بارود هو وزير الدفاع بالانابة أيضا، وما دام ان ذلك تزامن مع وجود رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري خارج البلاد، فان هذا الوضع أوجد ثغرة دستورية دفعت برئيس الجمهورية الى سدها من خلال لجوئه إلى المادة 49 من الدستور، لا سيما الفقرة الأولى منه، التي تنص على الآتي: "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور. يرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء».

وحول القول ان رئيس الجمهورية لا يمكنه أن يخاطب الوزراء خطيا، اشارت اوساط رئيس الجمهورية الى ان هذا الأمر صحيح «فالرئيس لم يخاطب وزارة العدل خطياً إنما شفهياً، إذ أعطى توجيهات ترجمها المدير العام لرئاسة الجمهورية بالإنابة (ايلي عساف) بكتاب خطي أكد فيه التعليمات الشفهية لرئيس الجمهورية، بعدما أبلغ الوزير بارود رئيس الجمهورية ان قراره لم ينفذ».
وأكدت الأوساط نفسها أن «رئيس الجمهورية استخدم حقه الدستوري فسحب الموضوع من الاطار السياسي ووضعه في عهدة القضاء»
 
يذكر أن كتاب رئاسة الجمهورية كان أمس موضع بحث قانوني في اجتماع ضم الوزير نجار والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، فيما لوحظ أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي استقبل عصر أمس اللواء أشرف ريفي.
الحكومة: التفاؤل ينتعش
على صعيد ملف تأليف الحكومة، عادت الحرارة الى اسلاك التواصل بين الأطراف المعنية، بعد الاجتماع الرباعي الذي عقد أمس الاول في عين التينة وضم كلا من الرئيس نبيه بري والرئيس المكلف نجيب ميقاتي والمعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين خليل.
ويبدو ان هذا الاجتماع قد أعاد إطلاق دينامية التأليف، بحيث سجلت تحركات للخليلين في اكثر من اتجاه، في موازاة مشاورات أجراها الوزير جبران باسيل بتكليف من العماد ميشال عون مع بعض اقطاب الاكثرية الجديدة.
وفيما قال الرئيس نبيه بري: ان أجواء الاجتماع الذي عقده أمس الاول مع الرئيس نجيب ميقاتي بحضور الخليلين كانت جيدة، وان هناك خطوة ما يُعمل على بلورتها لكسر حالة الجمود في عملية التأليف، أبلغت مصادر واسعة الاطلاع «السفير» انه جرت خلال اجتماع عين التينة قراءة معمقة لكل المراحل السابقة التي مرت فيها مفاوضات التشكيل، وتمت إعادة توزيع البيادق فوق رقعة التأليف.
 
وأشارت الى انه تخللت اللقاء عملية «غسل» و«تطوير» لأفكار كانت قد طرحت في السابق، وانتهى النقاش الى توزيع «أوامر مهمة»، للمساعدة ، كل من موقعه ، في تجاوز العراقيل، انطلاقا من حيث انتهى النقاش قبل توقفه مؤخرا، متوقعة ظهور نتائج الاختبار الجديد خلال الساعات المقبلة، ومشددة على ان أهمية اللقاء تكمن بالدرجة الاولى في انه يعكس إصرارا على مواصلة المساعي لتشكيل الحكومة وعدم الاستسلام للصعوبات القائمة.
ولفتت الانتباه الى ان الرئيس ميقاتي بدا مرنا ومستعدا للتجاوب مع أي صيغة حكومية معقولة.

وأكدت أوساط قيادية بارزة في التيار الوطني الحر لـ«السفير» ان البحث قد استؤنف من المكان الذي تم الوصول اليه، عند التوافق على تسوية لحقيبة الداخلية، لافتة الانتباه الى انه إذا كانت هناك نية جدية للتشكيل لدى الرئيس المكلف فان ذلك يعني اننا أصبحنا قريبين من إنجاز التأليف، آملة في ألا يعود ميقاتي الى سياسة التقدم خطوة والتراجع خطوتين.

تجدر الاشارة الى ان أوساط ميقاتي قالت ردا على شائعات عن سفره سرا الى الخارج: ليس من أصحاب الهامات التي يخفى حلها وترحالها وهو لم يغادر لبنان الى أي مكان بل مستمر في مساعيه لتشكيل الحكومة ويأمل أن يلاقيه الآخرون في هذا الاطار.

بري يرد على 14 آذار
وفيما تواصلت حملة قوى 14 آذار على الرئيس نبيه بري بعد قوله ان ثورة 14 آذار أعادت البلد 60 عاما الى الوراء، قال بري لـ«السفير» تعليقا على هذه الحملة: لقد أصاب كلامي فيهم مقتلا.. ولهذا السبب كانت كل تلك الضجة.
وعلم ان بري سيترأس اليوم اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب، للبحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية التي حدد موعدها في الثامن من الشهر الحالي.

وردا على سؤال لـ«السفير» حول الخطوة التالية التي سيقدم عليها إذا رفض أعضاء الهيئة المنتمون الى 14 آذار مناقشة جدول الاعمال، اعتراضا منهم على مبدأ انعقاد الجلسة، أجاب: كل شيء في وقته حلو.. كله في أوانه.
وتعليقا على ما تردده بعض أطراف 14 آذار عن محاولة لتمرير موضوع المحكمة الدولية ضمن جدول الأعمال، اعتبر بري ان هذا الكلام يندرج في إطار العمل لعرقلة الجلسة، لافتا الانتباه الى ان جدول الاعمال ينشر علنا، وليس هناك ما نخفيه.
وشدد بري على انه يتحرك في وقت واحد على خطين متوازيين، الاول الدفع نحو تشكيل الحكومة بأسرع ما يمكن، والثاني تنشيط دور مجلس النواب من خلال الدعوة الى عقد جلسة عامة.

 

السابق
اختفاء شبلي العيسمي في عاليه لغز لم تُكشف تفاصيله
التالي
بري: كل شيء في وقته وأوانه حلو