الحركة التجارية في سوق النبطية تترحم على “أيام العزّ”

لا حركة ولا بركة في السوق التجاري لمدينة النبطية، بل صمت وهدوء يلفان الحركة فيه، بدلاً من الازدحام والانتعاش الاقتصادي، اللذين كانا يطبعانه أيام العزّ، التي يبدو أنها ولت إلى غير رجعة، وذلك نظراً للأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية المتردية في لبنان، وسوريا، والدول العربية الأخرى، وأوضاع المغتربين وانعكاسها سلباً على الحركة بحسب الكثير من التجار.

جعلت تلك الصورة السوداوية عدداً من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية، لا سيما منها محال بيع الألبسة والأحذية، وبهدف تحريك العجلة الاقتصادية والتجارية في المدينة بعد ركودها المزمن، يلجأون إلى سياسة المنافسة والمضاربة في ما بينهم بطريقة مكشوفة تمثلت في الإعلان عن أسعارهم المخفضة بواسطة لافتات كبيرة، تصدرت واجهة محالهم ومؤسساتهم أو رفعت فوق مداخلها، لكن ذلك لم يغر المواطنين بالولوج إلى تلك المحال والمؤسسات، بعدما آثروا التفرج على واجهاتها من الخارج، من دون شراء أي شيء، حتى أن «سوق الاثنين» التجاري في النبطية، الذي يشهد عادة زحمة خانقة بالتجار والبائعين والمواطنين، تحول إلى يومٍ عادي بامتياز يفتقر الى الحركة والبركة.
وإذا كان هناك من حركة ضئيلة يشهدها السوق التجاري في الوقت الحالي، فإنها تقتصر على محال بيع الخضار والفاكهة واللحوم والمواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية التي لا بد منها، في غياب أي إقبال على شراء السلع الأخرى من
الملبوسات والأحذية وغيرها، بالرغم من خفوضات الأسعار التي تتراوح بين 30 و50 و 70 في المئة.

وبسبب الأوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية السيئة، وفي محاولة منه لحلحلة حركة البيع والشراء في محله بعد الركود القاتل الذي عانته في الفترة الأخيرة، وتلافياً لوقوعه تحت وطأة الالتزام بتعهداته المالية للتجار الكبار، اضطر التاجر محمد حمدان إلى اعتماد سياسة المنافسة المكشوفة على الأسعار لملاءمتها مع الظروف الحالية التي يعانيها المواطنون والتجار على حدٍ سواء، بينما سياسة البيع بالرأسمال من دون أي أرباح أفضل من عدم البيع على الإطلاق والتفرج على البضاعة كما يفعل جيرانه من التجار الذين يتشمسون خارج محالهم بالنسبة للتاجر زهير عياش، لكنه يأسف لأن «كل تلك الإغراءات لم تجدِ نفعاً، ولم تجذب المواطنين للتسوق، لانشغالهم بالهموم المعيشية والحياتية الأخرى».

ولم تعرف المدينة أسوأ من الجمود الذي تشهده اليوم منذ زمن بعيد، حتى في أثناء الحرب، وفي ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي على تخوم منطقة النبطية في وقتٍ سابق، كما يقول التاجر علي الساحلي، والدليل على ذلك أننا نتمشى خارج محالنا أو نلعب الورق والزهر، أو نتجمع حول التلفزيون لمتابعة آخر المستجدات السياسية المحلية والعربية والتعليقات عليها بانتظار الفرج الذي يبدو أنه لن يأتي أبداً. ونظراً لوقوعهم تحت أعباء ومسؤوليات مادية باهظة، تتوزع بين تسديد ثمن البضاعة وإيجار المحال والمؤسسات ورواتب العمال وبدلات الكهرباء والضرائب والمتطلبات العائلية الكبيرة، تحذر مي حجازي وهي تدير إحدى المؤسسات التجارية في النبطية من أوخم العواقب التي قد تصيب التجار جراء تراجع الأحوال التجارية والاقتصادية بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في لبنان والمنطقة، وتقول: «إذا استمرت الحال على ما هي عليه، فالله يسترنا من الأعظم»، آملة في «صمود التجار في وجه الأزمة الاقتصادية المتمادية التي يعانونها مع المواطنين على حدٍ سواء».

ويتساءل رئيس «جمعية تجار النبطية» علي بيطار عن «الأهداف الكامنة وراء استمرار الحكومة، والهيئة العليا للإغاثة، بالتلكؤ والمماطلة في دفع التعويضات لأصحاب المحال والمكاتب والمؤسسات التجارية في منطقة النبطية، لا سيما أن مجلس الجنوب قدم لهما كل المستندات المطلوبة والمتعلقة بالملف»، مطالباً بـ»الإسراع في دفع التعويضات لهم، بسبب حاجتهم الماسة لتلك الأموال للنهوض من كبوتهم التي ألمّت بهم جراء تلك الحرب». وطالب بيطار «رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ونواب الجنوب، وكل المخلصين والحريصين، للاهتمام بالملف، لأنه من غير المعقول تجميده إلى ما شاء الله»، محملاً «المسؤولين في الدولة والحكومة المسؤولية الكاملة عن تراجع الأحـــوال المعيشية والاقتصادية للتجار المتـــضررين، لأن إعادة النهوض بالقطاع التجاري في النبــطية متـــوقف على دفـــع التعويضات المذكورة لأصـــحابها، بعدما فقد العشرات منهم مقــومات الصمود والاستمرار».

السابق
تكدس النفايات في مخيمي البصّ والبرج الشمالي
التالي
لقاء الأيوبي ـ سرتي: لا جريمة منظمة في الجنوب