السفير: سلة أسماء لـ”الداخلية” تختبر النيات الرئاسية بالتأليف

أعطت صدمة النائب وليد جنبلاط مفعولها، وتحركت المياه الراكدة في بركة مساعي تأليف الحكومة، بعدما رمى اللقاء الثلاثي الذي عقد أمس بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي و«المعاونين السياسيين» علي حسن خليل وحسين خليل حجرا فيها، تمثل في ابتكار تسوية لعقدة حقيبة «الداخلية «، حظيت بحسب المعلومات بفرصة متقدمة لتجاوز الفيتوات المتبادلة، وهي تنتظر على ما يبدو تجاوز امتحان قصر بعبدا بنجاح، بعدما ابدى العماد ميشال عون استعداده للتعامل معها بإيجابية، من دون ان يتخلى عن حذره، لان الامور بخواتيمها.

ويمكن القول ان الساعات المقبلة ستكون حاسمة لجهة تحديد مصير التسوية المستجدة، فإما ان تُجهضها شياطين التفاصيل وإما ان يولد اسم وزير الداخلية «الخارق»، العابر لخطوط التماس السياسية، الممتدة من بعبدا الى الرابية، بما يُفترض ان يعطي عملية التأليف زخما قويا.

وقد حمل الرئيس ميقاتي الى الرئيس ميشال سليمان مساء أمس الصيغة المطروحة، لينال موافقته عليها، لكن الصورة لم تتبلور بشكل نهائي في هذا الاجتماع، لأن سليمان أرجأ البت في جوابه القاطع الى اليوم، على الارجح، فيما قالت أوساطه لـ«السفير» ان الاجواء باتت أفضل، إلا انها ما زالت بحاجة الى مزيد من التشاور، مع الاشارة الى ان المعطى الايجابي الذي طرأ على الصعيد الحكومي تزامن مع زيارة السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي الى سليمان.
من ناحيتها، أبلغت أوساط ميقاتي «السفير» ان هناك مشروع تسوية جديا قيد التداول، لكنه لم يصل بعد الى مرحلة حاسمة، موضحة ان الرئيس المكلف يتحفظ عن تفاصيله، لحمايته وللحؤول دون ان يحرقه الضوء، ومتوقعة ان تكون الساعات الأربع والعشرون المقبلة مفصلية لجهة ترجيح كفة التفاؤل او التشاؤم.

وفي سياق متصل، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» ان أجواء اللقاء بين الرئيس ميقاتي و«الخليلين» كانت إيجابية ومثمرة، موضحة انه أنتج طرحا جديدا لمعالجة عقدة الداخلية، كسر حالة المراوحة التي كانت سائدة.
وكشفت المصادر عن ان اقتراحات عدة قُدمت من أكثر من جهة للمساعدة في رسم معالم الحل المنشود، وانه تمت غربلتها في اللقاء المذكور، بحيث تم في نهاية المطاف وضع سلة بأسماء حيادية، غير محسوبة على أحد، وليست معنية بالتجاذب بين سليمان وعون، على ان يخرج الى النور الاسم الذي يشكل نقطة تقاطع بينهما.

وأشارت المصادر الى ان السلة تضم أسماء تتمتع بمواصفات ممتازة، وتنتمي الى مجالات مدنية وعسكرية، مؤكدة ان الاسم الذي سيتم اختياره سيكون من النوع الذي يقف بالفعل على مسافة واحدة من الجنرالين، وبالتالي يُفترض ان يحظى باحترامهما وثقتهما. لكن المصادر نصحت بعدم استباق النتائج النهائية للمسعى المتجدد، داعية الى عدم المبالغة في التفاؤل قبل اكتمال التوافق بين سليمان وعون حول الاسم المقترح، وذلك على قاعدة: «ما تقول فول، حتى يصير بالمكيول».
في هذا الوقت، أعربت أوساط سياسية تواكب الاتصالات الجارية لـ«السفير» عن امتعاضها من التسرع في الايحاء بأن مشكلة حقيبة الداخلية قد حُلت نهائيا. وأشارت الى انه كان من الخطأ الترويج لفكرة ان الكرة أصبحت في ملعب رئيس الجمهورية وأن عليه ان يقبل بالصيغة التي توصل اليها ميقاتي والخليلان، منبهة الى ان تظهير مثل هذه الصورة بشكل علني وفاقع لا يخدم المسعى المبذول، حتى لو كان يعكس واقع الحال، لأن المطلوب الآن التصرف بدقة شديدة لحماية فرصة الحل، وليس إحراج أحد او حشره في الزاوية.

وإذا نجحت الموجة الجديدة من المساعي في تفكيك عقدة «الداخلية»، فإن ذلك سيشكل اختبارا بالذخيرة الحية لحقيقة النيات المضمرة لدى مختلف الاطراف، إذ يفترض في حال صفت النيات وتوافرت الارادة السياسية ان تُفتح حينها أبواب الاتفاق الشامل على الحكومة، بحيث تولد خلال الايام القليلة المقبلة بعد وضع اللمسات الاخيرة عليها. أما إذا برزت عقد من نوع آخر، فإن الامر سيصبح مشبوها بالفعل، وسيتأكد من ان هناك قرارا متخذا بعدم تشكيل الحكومة، عن سابق تصور وتصميم.
جنبلاط: إشارات إيجابية
الى ذلك، قال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» انه تلقى إشارات إيجابية تفيد بحصول تقدم على طريق حل عقدة «الداخلية»، لافتا الانتباه الى ان الاسماء التي جرى تدارسها ممتازة، وآملا نجاح الوساطة التي يقودها حزب الله بالتعاون مع الرئيس نبيه بري.
وعما إذا كان يعتبر ان الحلحلة التي سُجلت هي نتاج الصدمة التي أحدثها موقفه أمس الاول، قال: من أجل المصلحة العامة ومن أجل مصلحة التحالف العريض الذي يضم قوى 8 آذار والرئيس نجيب ميقاتي والحزب التقدمي الاشتراكي، لم يكن مقبولا ان نظل ندور في الدوامة من دون ان نحاول كسرها.
عون حذر
وبينما أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان ما يطالب به عون هو حقه الدستوري الذي لا نقاش فيه، تجنب رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون مجاراة مناخات التفاؤل التي سادت أمس، معتبرا بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح، انه «لا إرادة لتشكيل الحكومة»، مشيرا الى انه «عندما تُحل قصة الداخلية فستكون هناك وزارة الطاقة او الاتصالات او غيرهما».
وأكد عون انه «اذا كانت لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي صلاحية تأليف الحكومة، فنحن لدينا صلاحية اعطائها الثقة او حجبها عنها». واضاف: نحن لنا حقوق لا حصص.

السابق
انطلاق حلقة نقاشية في منطقة الفردوس
التالي
سقوط أسطورة بن لادن: العرب يدفعون ضريبة الدم مرتين!