كيف سيؤثرّ “إنجاز” أوباما على إسرائيل؟

درج الإسرائيليون لدى حدوث أمر جلل أو تطور كبير على الساحة الدولية على ان يطرحوا على أنفسهم السؤال الآتي: "هل هذا جيد أم سيئ بالنسبة الى اليهود؟". وهم طرحوا هذا السؤال فور سماعهم خبر اغتيال أسامة بن لادن على يد قوة أميركية وبقرار اتخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما.

فمن حيث المبدأ تعتبر إسرائيل نفسها شريكة أساسية للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب وعلى الإسلام الأصولي، ولا بد أن تصفية أهم زعيم للمنظمات الأصولية مثل بن لادن مكسب ايضاً بالنسبة الى الإسرائيليين.
لكن الحسابات الإسرائيلية للعملية العسكرية والاستخبارية الأميركية الناجحة لها منطقها الخاص والمختلف. فقد جاء الاغتيال قبل ثلاثة أسابيع من الموعد الذي سيلقي فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابه أمام الكونغرس بدعوة من الحزب الجمهوري. وكان من المفترض أن يستغل نتنياهو التراجع في شعبية باراك أوباما واخفاق مساعيه في التوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل انهاء النزاع، ليوجّه الضربة القاضية الى حل الدولتين. كما كان من المفترض أن تستغل إسرائيل فشل أوباما في أفغانستان وفي العراق والمواقف المتناقضة للإدارة الأميركية من الثورات العربية وخصوصاً تخليها عن حسني مبارك، من أجل تأكيد موقفها الرافض لتقديم أي تنازل للفلسطينيين ولا سيما في هذه المرحلة من عدم الاستقرار الذي تمر بها المنطقة.

لكن اغتيال بن لادن قلب هذه الحسابات كلها، وبات على نتنياهو أن يدخل اليوم في مواجهة مع رئيس أميركي صلب وقوي أثبت قدرته على اتخاذ القرارات الجريئة والشجاعة والأهم من كل ذلك أنه نجح حيث فشل الآخرون. فعلى رغم تشديد الإسرائيليين في تقديراتهم على أن اغتيال بن لادن لن تكون له انعكاسات إيجابية على اعادة انتخاب أوباما لولاية ثانية، فان أحداً لا يستطيع تجاهل الانقلاب الذي حدث عقب نجاح عملية الاغتيال لمصلحة مرشح الحزب الديموقراطي الذي قد يجدّد ضغوطه على إسرائيل لمعاودة المفاوضات مع الفلسطينيين، وليس هذا "جيداً" لإسرائيل.

كما أثار تهليل العالم لإغتيال بن لادن عقدة إسرائيلية قديمة وعميقة إزاء إزدواجية المعايير الأخلاقية التي ينظر من خلالها العالم الى حوادث الاغتيال. وتساءل كثر في إسرائيل لماذا يُعتبر اغتيال بن لادن عملية أخلاقية ومبررة واغتيال زعيم حركة حماس الشيخ أحمد ياسين أمراً مستهجناً ومداناً؟ وما الفارق بين العملية المحدودة التي نفذها الأميركيون في ضواحي إسلام أباد والاغتيالات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة؟ باختصار، إنجاز أوباما ليس بالأمر "الجيد" بالنسبة الى إسرائيل في الظروف الراهنة.

السابق
عقاب صقر يحذّر حزب الله ويطالبهم بالكف عن ملاحقته
التالي
ميقاتي والوقت: من سيقول كلمته… ويمشي؟