بن لادن أولى ضحايا الثنائي بترايوس وبانيتا

يعتقد أحد كبار مسؤولي الانتربول الدولي ان عملية اغتيال زعيم القاعدة اسامة بن لادن خلال الساعات القليلة الماضية في مخبئه السري في باكستان تستحق ان تكون "عملية العصر" بكل ما للكلمة من معنى. ذلك انها من العمليات الخطيرة التي لا مثيل لها، بعد ان بدأت عملية مطاردته من الانتربول منذ عقد ونصف من الزمن، بعد ان طلبت المملكة العربية السعودية إلقاء القبض عليه وتسليمها إيّاه، قبل ان تصدر الأمم المتحدة مذكرة أخرى بجَلبه بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي قبل العام 2000.

كان هذا قبل أن يتحوّل اسامة بن لادن مطلوبا من الولايات المتحدة الأميركية بعد عملية بُرجي التجارة العالمية في نيويورك في 11 ايلول من العام 2001، وقبل ان يعلن عن مسلسل المكافآت الأميركية لمن يَدلّ الى مكان وجوده ومجموعة من انصاره ومعاونيه الأشد خطرا على العالم، وفق لائحة جرى تعديلها غير مرة ما بين 11 ايلول والعملية العسكرية التي شهدتها باكستان امس الأول.

ويضيف المسؤول الدولي، الذي رفض الكشف عن اسمه، ان الانتربول الدولي يتطلع الى كل ما يَتصل بقتل بن لادن على انه إنجاز كبير و"صيد ثمين". ولذلك كشف المسؤول عن برقية وجّهها المدير العام للانتربول الدولي رونالد نوبل صباح امس الإثنين من مقر الانتربول في ليون في فرنسا الى مكاتب الانتربول الدولي في 188 دولة، تركز مضمونها على عنوانين أساسيين:

– اولهما توجيه التهنئة الى الولايات المتحدة الأميركية وقواها العسكرية والمخابراتية على نجاحها في تحقيق هذا " الإنجاز العظيم" مرفقة بالتقدير الكبير للجهود التي بذلتها في مكافحة الإرهاب منذ 11 ايلول 2001 الى الأمس.

– وثانيها، قالت البرقية، إنّ على جميع دول العالم اتخاذ التدابير الاحتياطية التي تراها مناسبة لمواجهة ردات الفعل الانتقامية المتوقعة ممّن نجوا من مساعدي بن لادن، وممّن يمتلكون القرار بتنفيذ أية عملية في اي مكان من العالم. مع الإشارة الى صعوبة ان تدل المنظمة الدولية على المواقع والدول التي يمكن ان تتم فيها ردة الفعل الفورية من جانب القاعدة، بعدما أثبتت الوقائع التي تترصدها المنظمة صعوبة مثل هذا الخيار.

وعليه، قالت المعلومات خاصة مستقاة من مصادر دولية واسعة الإطلاع ان عملية الاغتيال قد تقررت قبل فترة تتجاوز الأسبوعين، بعدما تبلغت قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي في شرق آسيا التي تدير العمليات العسكرية في أفغانستان وباكستان ومحيطهما، وصولا الى العراق بقيادة الجنرال دايفيد بترايوس، معلومات دقيقة حول مكان وجود بن لادن في منطقة "ابوت اباد" الباكستانية الراقية، على بعد 800 متر من اكبر الثكنات العسكرية الباكستانية للتمويه، بعدما نجح في الاختفاء في مخبئه الجديد قبل عامين، والذي قيل انه جرى تحصينه بأفضل الوسائل للحماية.

وتابعت المعلومات ان الرئيس الأميركي اقتنع بأهمية تنفيذ العملية في اسرع وقت ممكن، فأجرى التشكيلات التي تضمن سلامتها، فنقل الجنرال بترايوس قبل ايام قليلة من قيادة المنطقة الوسطى، ليكون المدير الجديد للمخابرات المركزية الـ "سي آي آي"… وليتسنى لبترايوس تنفيذ العملية، نقل الرئيس اوباما مدير الـ "سي آي آي" الجنرال ليو بانيتا من المديرية الى وزارة الدفاع، خلفا للوزير روبرت غيتس.

واردفت أن الثنائي بترايوس وبانيتا تعهّدا للرئيس الأميركي بهذه العملية سرا قبل فترة قصيرة، ما جعله يتقدم بخطوة مفاجئة بتعيينهما في اسرع وقت ممكن، ومن دون اي مقدمات لإدارة العملية، باعتبارها من اكبر العمليات التي خاضتها بلاده في العقود الأخيرة وأعظمها، مع الإشارة الى انهما كانا في طريقهما الى التقاعد. ولذلك اعتبر نجاح العملية من أولى ثمار الثنائي بترايوس وبانيتا.

ويعتقد احد اكبر الخبراء في مواجهة الإرهاب ان منطقة الشرق الأوسط والخليج وشمال افريقيا لم تعد المنطقة التي يمكن للقاعدة ان تنطلق منها في ردها على اغتيال بن لادن، فالوقائع الجديدة التي انتجتها الثورات الشعبية، ولا سيما في اليمن وليبيا والمملكة العربية السعودية، حيث تبدو الدول والحكومات قادرة على ضرب الخلايا التابعة للقاعدة بقوة، لم تكن متوافرة من قبل.

ويجزم الخبير نفسه ان لبنان ليس على لائحة الدول التي يمكن ان يأتي رد القاعدة منه، فالحرب التي شنّها الجيش اللبناني في نهر البارد وما سبقها وتلاها من تفكيك لشبكات ارهابية كبيرة، أنهت مثل هذه الاحتمالات. مع الاعتراف بأن ما تبقّى على الأراضي اللبنانية من شبكات، كان سعى ليكون على لائحة وكلاء بن لادن، لكنها لم تنجح في ذلك حتى الأمس القريب!

السابق
بن لادن دفن في البحر وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية
التالي
وردة علـى بـحر العـرب