من لم يرغب

رئيس الوزراء نتنياهو سارع أمس الى التعقيب على اتفاق المصالحة المتبلور بين فتح وحماس – وطرح على ابو مازن انذارا: عليك أن تختار بين السلام مع اسرائيل وبين السلام مع حماس.
قد يرن هذا الانذار بنغمة طيبة في اذن وعين التلفزيون، ولكن على نتنياهو ان يتذكر بان الواقع في المنطقة وفي الدوائر الابعد حول اسرائيل هو أكثر تعقيدا من شعار يصيب الهدف صاغه مع مستشاريه. واذا كنا لا نزال في عالم الشعارات، فان ابو مازن يمكنه ايضا هو الاخر أن يقول: "من لم يرغب على مدى سنتين في ادارة مفاوضات سيحصل الان على الرئيس الفلسطيني والى جانبه زعماء حماس".
ولكن حتى لو كنت مكان ابو مازن ما كنت لاسارع الى الاحتفال. الطريق الى المصالحة الحقيقية بين فتح وحماس لا يزال طويلا. كما يجدر بالذكر ايضا بان كل محاولات المصالحة في السنوات الاخيرة فشلت. ولكن اذا كان التوقيع على الاتفاق سينضج حقا، فمن الافضل لنتنياهو ان يفكر جيدا بخطواته – والا يلتصق برد الفعل الاولي الذي يرفض رفضا باتا الاتفاق المتبلور.
في السنة الاخيرة باتت تنطلق اصوات متزايدة في اسرائيل – مثل رئيس الموساد السابق افرايم هليفي – تدعو الى السعي نحو الحوار مع حماس ايضا. الحجة المركزية لمؤيدي الحوار هي أن اسرائيل لا يمكنها ان تتجاهل ما يحصل في قطاع غزة: أكثر من مليون ونصف فلسطيني يعيشون هناك، وعليه فانه مرشح شرعي للحوار. الان شرعيته تتعاظم. الاختبار الاول الذي يمكن لاسرائيل أن تضعه امام ابو مازن – اذا كان راغبا في المفاوضات مع اسرائيل – هو ان تطالب حماس الانصراف عن المبدأ الذي يقول ان فلسطين ستحرر والوقف الفوري للمس بالمدنيين الاسرائيليين.
اذا نجح اتفاق المصالحة الفلسطيني، لا يمكن لاسرائيل أن تعول على تأييد الاسرة الدولية لها. فالدول الاوروبية على أي حال باتت ناضجة للحوار مع حماس، الامر الوحيد الذي منعها عن الاتصال المباشر والعلني مع المنظمة كان التخوف من رد فعل الولايات المتحدة. بسبب انعدام الثقة العميق بين اوباما ونتنياهو فانه هو وادارته شجعا في الاشهر الاخيرة الاوروبيين على اتخاذ خطوات لتعزيز ابو مازن والوصول الى الاعتراف بدولة فلسطينية. لنيل الدعم من الادارة الحالية يتعين على نتنياهو ان يعرض في خطابه امام الكونغرس في الشهر القادم صيغة عملية للتسوية مع الفلسطينيين تقوم على اساس انسحاب شبه كامل من المناطق. سيكون هذا صعبا: اهتمام اوباما مركز الان فقط على موضوع واحد: اعادة انتخابه لولاية اخرى في البيت الابيض.
كما أن بوسع نتنياهو بدلا من ذلك ان يصلي لان يفوت الفلسطينيون مرة اخرى الفرصة – مثلما حرصوا على تفويت الفرص السابقة في الوصول الى حل وسط نزيه مع اسرائيل.

السابق
وهاب: مواجهة التحديات تستدعي فكرا اسلاميا شاملا كفكر الخامنئي
التالي
صورة وحدة