تحت هذا العنوان، دعت "مجموعة زياد بارود وكل المواطنين" عبر الـ "فايسبوك" الى المشاركة في المسيرة التي تنطلق "لنسير معاً نحو دولة المواطنة ولنقدم قلوبنا هدية لمن رفض ان نشكره على واجباته تجاه الوطن وكل المواطنين، ومطالبين بعودته وزيراً في الحكومة العتيدة"، الأحد المقبل 1 أيار، من محلة السان جورج الى وزارة الداخلية.
لكن الوزير بارود تدارك الأمر الثلثاء بأن دعا الى "صرف النظر عن مسيرة التضامن، بعدما أردتموها عفوية ومستقلة، للدفاع، ليس عني، بل عن حق كل شاب وصبية في المطالبة بنهج جديد للحكم في لبنان، وهو ما سعيت الى انتهاجه طوال فترة خدمتي في الوزارة… حتى لا يصار الى استغلال تحرككم في أي اتجاه".
حسناً فعل بارود بالدعوة الى الإلغاء، "المتواطئ" ربما مع المنظمين، ولا أعلم هويتهم وأهدافهم وتطلعاتهم، وما اذا كان تحركهم ناجماً عن اقتناع حقيقي، أو عن نكاية سياسية بالذين يتعرضون للوزير بارود كل يوم.
ان خطر قيام المسيرة أكبر من الغائها، لأنها معرضة للفشل أولاً، لا لعدم الرغبة في مناصرة بارود، بل لأن الناس ملّوا الشارع، ولأن الذين يجذبهم الشارع بعد هم أبناء الميليشيات وقد اشتاقوا الى التحركات، أو أبناء الطوائف وغرائزهم القاتلة. أما الآخرون، فلا عصب يدفعهم الى مغادرة منازلهم، وهم ربما يعبرون غداً عن توجهاتهم في صندوق الإقتراع.
ثانياً ان التركيز على دعم زياد بارود كشخص يسيء الى منطق دولة المواطنة، لأننا نطلب العشرات ممن يؤمنون بمنطق الدولة، بل ربما نريد ان نطرد تجار الهيكل من مجلس الوزراء – وهم كثر- وعلينا ان نملك الشجاعة في المقابل لأن نقول "لا" للمجرمين والسارقين والكذابين الذين انتقلوا من ميليشياتهم، من أعمالهم الحربية، الى ممارسة زعرناتهم في داخل الحكومة، (وأيضاً في مجلس النواب)، وهم يواصلون أعمال التشبيح، ويوفرون الغطاء للسارقين والمعتدين على المال العام.
ثالثاً، ان الدعوة الى المواطنة يجب ان تتسع وتتجاوز شخص زياد بارود، منعاً للشخصنة وعبادة الفرد، لتصير حملة وطنية للمطالبة بوزراء أكفاء ولو توزعوا طائفياً، لأن لدى الطوائف أيضاً نخباً فكرية وقانونية وأكاديمية واجتماعية تستحق ان تحتل مناصب متقدمة لخدمة الناس وإرساء فكرة الدولة.
المواطن يريد اسقاط الهاتف الخليوي
في مقابل الدعوة الى مناصرة الوزير زياد بارود، برزت دعوة أخرى من مجموعة شبابية الى إغلاق الهواتف الخليوية لثلاث ساعات، احتجاجاً على "الفاتورة الأغلى في العالم، والخدمات السيئة المقدمة، اضافة الى احتكار القطاع من شركتين فقط".
لكن الدعوة لم تلقَ أي صدى، وربحت الشركتان الرهان على لامبالاة اللبنانيين بالمطالب المعيشية. فالكثيرون اعتبروا ان التحرك لن يفضي الى نتيجة، لأن المسؤولين اعتادوا تجاهل المطالب طالما ان لديهم الغطاء السياسي للإستمرار في مواقعهم، وربما العودة اليها لاحقاً.
هذا الإستسلام يعكس الحال المأسوية لمواطنينا، ويؤكد نجاح القيادات السياسية مجتمعة، في الهاء اللبنانيين عن كل القضايا الكبرى، وحتى عن القضايا المعيشية، ليظل اهتمامهم موجهاً الى ملفات سياسية عالقة لا حلول لها في المنظور، ويبقى اللبناني أسيرها، وأسير الذين يحركون اللعبة.
ان لا تجد مواطناً يتظاهر من أجل خفض سعر البنزين والمازوت، والرغيف، ويتحرك لخفض فاتورة الهاتف، ومنع زيادة الأقساط المدرسية، ولتفادي الوقوع في غش التاجر الذي يبيعه مواد وأدوية منتهية الصلاحية… ان لا يتحرك المواطن لكل هذه الأمور، ثم ينزل الى الشارع بناء لدعوة من 8 آذار أو 14 آذار، فهذا يعني بحق انه صار ألعوبة تتحرك بالريموت كونترول، لأنه في خلاف ذلك فإن كل انسان يناصر نفسه قبل مناصرة الآخرين. وهذا غير حاصل في لبنان.