الشعب يريد إسقاط المكبّ في الشرقية

تركُ ملف النفايات بيد شركات تسعى إلى الربح المنفلت من الضوابط، جعل مدن الجنوب وقراه، أحياءه وطرقاته، تغرق في النفايات. أما البلديات، فتهرب من تحمّل مسؤولياتها في مواجهة الأزمة عملاً بالمثل الشعبي «حادت عن ظهري بسيطة»

النبطية | منذ مكب كفرتبنيت، الذي تعتمده «شركة الجنوب للمقاولات» ملاذاً لنفايات اتحاد بلديات الشقيف، تشتعل أزمة النفايات في قضاء النبطية ثم تخمد، بسبب جملة من الأخطاء التي كانت ترتكبها الشركة المكلّفة أمر إدارة النفايات، عن قصد وعن غير قصد، وسعيها الدائم إلى الربح الذي جعلها تأتي إلى المكب بنفايات «قوات الطوارئ الدولية» تارة، وبعض نفايات غربي جزين تارة أخرى، وهو مخصص فقط لنفايات الاتحاد، لتزيد في اتساع الأزمة، الذي دفع ببلدية كفرتبنيت إلى إقفال هذا المكب، إلى غير رجعة، قبل أن تعطي الشركة، بعد تدخل الاتحاد مهلة واثنتين وثلاثاً.

يرى اتحاد بلديات الشقيف منذ عام 1998 أن الحل الأنجع يكمن في إيجاد معمل فرز وتوضيب للنفايات، مدعوماً بهبة من الاتحاد الأوروبي، إلى أن قيّض له البدء بإنشاء هذا المعمل على أرض اشتراها في خراج بلدة الكفور، بعد معارضة العديد من بلديات الاتحاد أن يكون المعمل في نطاقها العقاري؛ وصار همّ القيمين عليه أن يبدأ المعمل نشاطه خلال 18 شهراً بعد تأهيل الأرض وإعدادها، ليخف عبء هذه الأزمة المتجددة بين شهر وآخر؛ بيد أن معارضة شعبية في الظاهر، سياسية في المضمون جعلت المشكلة، تتشعب والطرقات تغرق بالنفايات.
بعد إقفال مكبّ كفرتبنيت الذي كانت تعتمده الشركة لقاء مبلغ يقارب الملياري ليرة سنوياً، رفع اتحاد بلديات الشقيف سقف المبلغ إلى مليارين و800 مليون ليرة «تجنباً للوقوع في أية أزمة جديدة قبل قيام المعمل، بيد أن «أبواب» المكبات المعتمدة سابقاً أو مجدداً في عدد من بلدات الاتحاد، سُدت في وجه هذه الشركة، التي يقع على كاهلها إيجاد المكب، بحسب دفتر الشروط، فتركت النفايات للطرقات وللبلديات المعنية». يقول مصدر في اتحاد بلديات الشقيف. أما لماذا لم تتحمل الشركة المعنية مسؤولية التعهد الذي رسا عليها وما يلزمها قانونياً؟ «فلأن هذا التعهد لم يصدَّق، ما جعل الشركة تتفلّت من مسؤوليتها القانونية»، يتابع المصدر.
هذه المشكلة دفعت برئيس اتحاد بلديات الشقيف الطبيب محمد جابر إلى الاعتكاف؛ وخصوصاً بعد انطلاق تحرك شعبي من بلدة الشرقية المنضوية بلديتها في الاتحاد، ليس ضد مكب يقع في خراجها أو يجاورها، بل ضد المعمل الذي يقع في النطاق العقاري لبلدة الكفور المجاورة لمدينة النبطية و«لم يظهر بعد خيره من شره، ويحتاج على الأقل إلى سنة كاملة كي يصير جاهزاً للعمل».
التحرك المفاجئ وبهذا المنحى التصاعدي الذي تمثّل في رفع لافتات في شوارع بلدة الشرقية منددة بالمعمل ومنتقدة الاتحاد بلافتة كتب عليها «لم يأتنا منك إلا النفايات»؛ ثم باعتصام نفذه عدد من المواطنين في باحة النادي الحسيني، ورفعوا لافتات كتب عليها «أهالي الشرقية يرفضون تحويلها الى فوكوشيما بمفاعل النفايات»، «الشعب يريد إسقاط المكب»، جعل مسؤولين في الاتحاد يعتقدون أن وراء الأكمة «حراكاً سياسياً».
واكبت بلدية الشرقية التحرك الاحتجاجي، وهي الموافقة، بحسب مسؤولين في الاتحاد، على صيغة المعمل. ثم واكبها تحرك تمثّل في لافتات ارتفعت في بلدة الكفور التي تستضيف العمل وبموافقتها، ممهورة بتوقيع البلدية المحسوبة كذلك على «الحزب».
بلدية الشرقية، وفي بيان وجهته إلى جريدة «الأخبار»، بررت التحرك «الذي استضافته وشاركت فيه، أنه كان بدعوة من الجمعيات الأهلية، ولم يكن نابعاً إلا من الحرص على أرواح أبنائنا وأطفالنا الذين من حقهم العيش في بيئة نظيفة؛ ولم نكن يوماً أداة بيد أحد، علماً بأن التحرك فاجأ جميع القوى السياسية» بحسب البيان.
وإذ قدرت البلدية عالياً «الجهود التي يبذلها رئيس اتحاد بلديات الشقيف في سبيل حل المشكلة المستعصية»، أعلنت «انخراطنا الكامل في السعي إلى حل مشكلة النفايات لكن ليس على حساب بيوتنا وأهلنا».
وسط كل هذا الضجيج الشعبي والسياسي، تغرق طرقات النبطية ومنطقتها بالنفايات التي تفوح منها روائح مناكفات «سياسية» تظهر مدى الخلل الذي جعل بلديات المنطقة تتوزع محاصصة بين الأطراف السياسية التي تقف «متفرجة» حيال ما يجري.

السابق
عقيدة أوباما: تدخلات بالتشاور!
التالي
سينغ: إيجار مباني اليونيفيل على الحكومة اللبنانية