السفير: أبيدجان: واتارا يقرّر تجويع غباغبو

يبدو أن رئيس ساحل العاج المعترف به دولياً الحسن واتارا اقر بعدم قدرة قواته على القيام بعملية عسكرية حاسمة تطيح الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو، معلناً انه قرر «تجويع» غباغبو، الذي يتحصن في مقره في أبيدجان، فيما أعلنت باريس أن لبنان سيقوم بالإجراءات اللازمة لإجلاء رعاياه من ساحل العاج عبر العاصمة الغانية أكرا.

فيما تستمر قوات الرئيس العاجي الحسن واتارا بمحاصرة الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو في قصره المحصن في العاصمة، بدأت شوارع أبيدجان تشهد حركة حذرة للمدنيين، في ظل بداية حركة انتشار للقوات الفرنسية والدولية في الشوارع الرئيسية والساحات العامة لطمأنة الأهالي المحاصرين في منازلهم منذ أكثر من عشرة أيام.

غير أن هذا الانتشار لم يشكل عنصر اطمئنان جدياً، خاصة في ظل استمرار المعارك وتضارب التقديرات حول قدرة غباغبو على الصمود وربما إمكان فك الحصار المفروض على مقره حسب تقديرات بعض أركان الجالية اللبنانية هناك.
وفيما وصلت قافلة ثالثة من لبنانيي أبيدجان، أمس الى بيروت،

من المتوقع أن تشهد الساعات المقبلة ازدحاماً في حركة العائدين، في ضوء موافقة الفرنسيين على هبوط طائرة «تشارتر» تتسع لمئة وعشرة أشخاص، اليوم، في مطار أبيدجان، استأجرتها وزارة الخارجية اللبنانية، من غانا، على أن تقوم يومياً بأربع رحلات، فيصل مجموع من ستقلهم الى حدود الـ 450 شخصا، فيما تواصل القوات الفرنسية نقل بعض اللبنانيين بالطائرات العسكرية الى أكرا، التي وصلت اليها صباح اليوم لجنة دعم وإغاثة افراد الجالية اللبنانية التي شكلها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري.

وستقوم اللجنة بالتنسيق مع الفرنسيين بنقل من يرغب من اللبنانيين من أبيدجان الى أكرا في رحلات متتالية على طائرة تتسع فقط لخمسين راكبا تم استئجارها من شركة مازن البساط، حيث ستتولى شركة طيران الشرق الاوسط نقل كافة الركاب اللبنانيين من أكرا الى بيروت عبر رحلات متتالية على أن يتم بداية نقل وإجلاء المصابين والنساء والأطفال ومن ثم نقل بقية الرعايا اللبنانيين الراغبين.

يذكر أن عدد اللبنانيين الذين ما زالوا متواجدين في مطار أبيدجان حتى ساعة متأخرة من ليل أمس بلغ حوالى المئة، أي أنهم يحتاجون إلى طائرة واحدة، لكن السؤال يتعلق بكيفية اجلاء اللبنانيين من مناطق سكنهم في العاصمة والضواحي.
وعلم أن السفير اللبناني في ساحل العاج علي عجمي، تفقد أمس اللبنانيين في مطار أبيدجان الذين يعيشون ظروفا وصفوها بأنها «أصعب بكثير من تلك التي مروا بها في سنوات الحرب الأهلية اللبنانية، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا أجهزة تكييف في المطار». وتم التوافق على تنظيم لوائح اسمية لمن سيغادر، على أن تكون الأولوية للنساء والأطفال والمسنين والمرضى.

وتلقى عجمي اتصالاً هو الأول منذ بدء الأزمة من نظيره الفرنسي في أبيدجان، حيث أبلغه بأن الحكومة الفرنسية تضع إمكاناتها بتصرفه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن لبنان «يقوم بالإجراءات اللازمة لإجلاء رعاياه» من ساحل العاج، موضحاً أن عملية الإجلاء ستتم عبر أكرا. وستنقل طائرات شركة طيران الشرق الأوسط الأشخاص الذين يتم إجلاؤهم. وأوضح «سيحصل ذلك في الساعات المقبلة»، من دون تقديم مزيد من المعلومات عن عدد الأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم.

وكان تم جمع مئات من الرعايا اللبنانيين وتأمنت حمايتهم في قاعدة عسكرية فرنسية في أبيدجان. وساعدت القوات الفرنسية فرنسيين وأجانب آخرين، فيما تدهور الوضع الأمني في الأيام الأخيرة بسبب المعارك بين قوات واتارا وغباغبو.
في هذا الوقت، طالب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في ساحل العاج للتمكن من الوصول إلى آلاف الأشخاص المحاصرين من جراء أعمال العنف. وأوضح، في بيان، انه وزع مساعدات غذائية تكفي لمدة ستة أيام في دويكويه غربي البلاد حيث هناك خصوصا آلاف اللاجئين في مقر إرسالية كاثوليكية. وأضاف انه يعتزم الأسبوع المقبل توزيع مساعدات على حوالى 30 ألف نازح في دانانيه غربي البلاد، و20 ألفا في بواكيه وبونا وكورهوغو في الشمال، وتييبيسو وسط ساحل العاج.

ويواجه واتارا تحدياً رئيسياً يتمثل في إحلال الأمن في البلاد، ولا سيما في أبيدجان، حيث يبقى غباغبو متحصناً في مقر إقامته الرئاسي. وهدأ الوضع في محيط القصر الرئاسي وقرب مقر الإقامة الرئاسي حيث يتحصن غباغبو. وقال احد سكان حي كوكودي «نسمع فقط بين الحين والآخر بعض رشقات الأسلحة الفردية لكننا لا نسمع شيئاً شبيهاً بمعارك».

ودعا واتارا، في كلمة متلفزة، إلى المصالحة الوطنية، معلناً فرض حصار على مقر غباغبو، فيما أعلن مستشار الرئيس المنتهية ولايته توسان آلان أن غباغبو «جالس في كرسيه الرئاسي» ولن يغادر لأنه لا يريد «التخلي عن شعبه»، مشدداً على أن دعوة واتاراً إلى المصالحة الوطنية هي خطاب «مخادع».

وأعلن واتارا انه تم فرض حصار في محيط مقر الإقامة حيث يتحصن غباغبو «مع أسلحة ثقيلة ومرتزقة». وأشار إلى أن الهدف هو «تجويع» غباغبو عبر انتظار انتهاء الطعام والماء لدى غباغبو والداعمين له.
وبعد المأزق السياسي الناجم من الانتخابات الرئاسية في 28 تشرين الثاني والوقوع في الحرب العسكرية، تواجه أبيدجان المتروكة للصوص حالة إنسانية طارئة مع انهيار النظام الصحي وانقطاع المياه والكهرباء في غالب الأحيان وشح المخزونات الغذائية.

وطلب واتارا من المسؤولين عن قواته «اتخاذ كل التدابير لضمان المحافظة على النظام وسلامة الأملاك» إضافة إلى حرية الحركة في البلاد.
وأعلن المتحدث باسم القوة الفرنسية (ليكورن) فريدريك دوغيلون أن القوات الفرنسية ستقوم بدوريات مشتركة مع الشرطة الموالية لواتارا لإعادة الأمن إلى أبيدجان. وقال «الهــدف الرئيسي لقوة ليكورن اليوم سيكون تقديم مساعدة من اجل عودة الحياة إلى طبيعتها بالإضافة إلى عودة السلطة للقيام بدورها».

ومع إعلانه تخفيفا قريبا في حظر التجول بهدف السماح «بعودة تدريجية إلى الوضع الطبيعي»، دعا واتارا شعبه إلى الوحدة لتحريك إعادة إعمار البلاد والى «استئناف النشاط الاقتصادي». وقال «طلبت رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مرفأي أبيدجان وسان بدرو وعلى بعض الكيانات العامة بفعل النظام غير الشرعي للوران غباغبو».
وفي واشنطن انضمت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتنديد بـ«الهجمات غير المقبولة على جنود الأمم المتحدة» في ساحل العاج. وشددا على «وجوب أن تتجاوب الأسرة الدولية بسخاء مع تزايد الحاجات الإنسانية بشكل مطرد» في هذا البلد.

وفي غربي البلاد، الذي بات بين أيدي القوات الموالية لواتارا، عثر محققون من الأمم المتحدة على 115 جثة في الساعات الأربع والعــشرين الأخيرة. وقال متحدث باسم المفوضية العليا لحــقوق الإنــسان في جنيف «تم العثور على 115 جثة في ثلاثة أماكن في الغرب» وهي دويكويه وبلوليكــان وغيــغلو، موضحا أن عمليات القتل هذه يبدو أن وراءها أسبابا «اتنية». ووعد واتارا «بكشف ملابسات كل المجازر» و«معاقبة» منفذيها.

السابق
الإين-سين تنجد الاسد
التالي
الراي : لبنان يرقص فوق حبل السرّة السوري