البحرين ليست لبنان

أسوأ ما يمكن أن ترتكبه المعارضة الشيعية في البحرين هو قبول وساطة خارجية لحل إشكاليتها مع الحكومة، لأن ذلك سيعود بعواقب وخيمة على المعارضة نفسها، ولو كان الوسيط الكويت.
فمجرد قبول المعارضة للوساطة الكويتية فإن ذلك يعني طائفية حقيقية من قبل المعارضة، فكيف تنتقد المعارضة الشيعية إرسال قوات «درع الجزيرة» للبحرين لحفظ الأمن، وليس التعامل مع المتظاهرين، وتعتبره، أي المعارضة، احتلالا سعودياً وتشهر بالرياض في الإعلام الغربي، رغم أن القوات السعودية لم تكن وحدها، بل برفقة قوات «درع الجزيرة» التي دخلت البحرين بناء على اتفاقيات خليجية عمرها يقارب الثلاثة عقود.. كيف تقول المعارضة ذلك ثم تقبل وساطة كويتية بينها وبين الحكومة؟ فهل تفعل المعارضة ذلك لأن الكويت ترددت في إرسال قوات للبحرين، أم استجابة لنصائح طائفية من داخل الكويت؟

بالطبع أكن كل محبة واحترام للكويت، ومثلما أشدت هنا بمبادرة أمير الكويت لحل الخلاف العماني – الإماراتي فإنني أيضاً أنتقد الوساطة الكويتية بالبحرين، فما تم بين أبوظبي ومسقط كان أمراً حميداً، ومطلوباً، لأنه نقى علاقات دولتين خليجيتين، لكن الوساطة في البحرين تعني تدخلا بين مكون من مكونات الشعب والحكومة، وهذا نموذج لا يوجد له مثيل بمنطقتا إلا في لبنان، حيث يتوسط الجميع من أجل حل مشاكل البلاد مع حزب الله الإيراني، فهل هذا ما تريده المعارضة البحرينية؟ أمر لا يعقل، حتى لو ارتضته الحكومة البحرينية، ولو كانت المبادرة حتى إماراتية أو قطرية أو سعودية.

فيجب ألا تكون البحرين لبنان جديداً بيننا، بل يجب أن نعمق حس المواطنة في دولنا، ومنطقتنا، وليس الحس الطائفي الذي يستعين بالخارج، فمشكلة دول الخليج مع نظام إيران وليس الشيعة، وتحديداً مواطنيها؛ فالمواطنة للجميع ومن الخطأ الفرز، ليس في البحرين فقط، بل في كل دول الخليج. والخوف كل الخوف أن المعارضة البحرينية أرادت أن تلعب على ملف الوساطة الكويتية من أجل إحراج دول الخليج، لكن الحقيقة هي أن المعارضة لم تحرج إلا نفسها، لأنها تكرر نموذجاً مرفوضاً وهو نموذج حزب الله.

وكما نقول لدول الخليج بأن الشيعة مواطنون، نقول للمعارضة البحرينية إنها ترتكب غلطة العمر حين تؤكد أمام الجميع أنها طائفية، وتدشن مشروع الاستعانة بالخارج لحل مشاكل داخلية، وهذا آخر ما يتمناه العقلاء، حتى لو كان الوسيط موضع ثقة مثل الكويت. وبالتالي فإن على المعارضة البحرينية أن تختار النموذج الذي تريد أن تكون عليه، فهل تريد أن تكون مثل الحوثيين يوم وسطوا القطريين، أم مثل حزب الله، وهذا الأسوأ، أم يريدون أن يكونوا مثل المعارضة الكويتية، سنة وشيعة، الذين لم يقبلوا بتدخل خارجي بينهم وبين حكومتهم حتى في أحلك الظروف، بل لم يرفعوا سقف مطالبهم كما تفعل المعارضة البحرينة استغلالا لمشهد عربي، أو أي ظرف طارئ، كما تفعل المعارضة الشيعية في البحرين اليوم، خصوصاً أن الكويت هي الأعرق ديمقراطياً بالخليج، ولذا فعلى المعارضة البحرينية أن تختار النموذج الأنسب، لأن لكل شيء ثمناً!

السابق
صحافة مؤجّلة
التالي
الفرزلي: الحكومة ستحمي المقاومة