قراءة في البيان الختامي للقاء بكركي: تجاهل لمرض الاحتلال واستفاضة في توصيف أعراضه

كما كان معلوماً ومتوقعاً فقد جاء بيان لقاء بكركي الماروني التشاوري الختامي منمقاً ورمادياً وانشائياً ودون جدوى عملية حيث استفاض واضعوه في شرح أعراض المرض السرطاني الذي يفتك بلبنان وبشعبه وبدستوره وبمؤسساته وبهويته وبتاريخه وبرسالته وبالقرارات الدولية الخاصة به وبأمنه وبدوره وبلقمة عيش بنيه… لكنهم للأسف قد تعاموا عن سابق تصور وتصميم ذميين عن تسمية المرض الذي هو “الاحتلال الملالوي” ودون الإشارة إليه بشجاعة وعلنية دون خوف أو تردد، والأهم دون ذمية وتقية، وكذلك دون خلفيات نرسيسية لحسابات سلطوية ونفعية وأرباح شخصية وغير وطنية.

لم يأتي البيان لا من قريب ولا من بعيد، ولا مباشرة ولا حتى مواربة أو تلميحاً، على ذكر كارثة احتلال حزب الله الإيراني والإرهابي للبنان، والذي هو واقعاً معاشاً على الأرض “المرض السرطاني” المسبب الأساسي وربما الوحيد حالياً لكل الأعراض التي ذكرها البيان وتفنن في جردها بمفردات رمادية ومموهة…

أليس هذا التعامي المتعمد هو ما تعنيه الآية الإنجيلية: “مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا المَطْلُوبُ وَاحِد” (لوقا10/38حتى42)؟!!.

اقرأ أيضاً: لقاء بكركي أمام الحقيقة: أُكلت يوم أُكل الثّور الأبيض

عملياً ما معنى قول البيان بأن على لبنان أن يلتزم بالشرعتين الدولية والعربية دون أن يوضح ما يعنيه تحديداً، ودون التطرق بجرأة ودون لف ودوران “لاتفاقية الهدنة الدولية بين لبنان وإسرائيل”، وللقرارين الدوليين رقم 1559 و1701، اللذين يطالبان ببنود واضحة ومحددة بتجريد سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من سلاحها (وحزب الله ميليشيا) وبسط سلطة الدولة بقواها الذاتية على كامل الأراضي اللبنانية؟

وعملياً ما فائدة وجدوى المطالبة بضرورة سرعة تشكيل الحكومة وبالبكاء على الوحدة الوطنية، والعويل على الوضع الاقتصادي الدركي، ما لم يُسمى جهاراً من يقف وراء كل هذه العراقيل والذي هو الاحتلال الإيراني الإرهابي؟
وما جدوى ونفع تشكيل لجنة متابعة من نواب قرار بعضهم ليس ملكهم وهم ينفذون ولا يقررون، ووطنياً لا يجمع بينهم أي رابط فكري أو سيادي أو استقلالي أو دستوري أو أية رؤيا إستراتجية واحدة، في حين أن بعضهم يقدس سلاح المحتل ويشكل غطاءً له؟

وأليس هذا التصرف الإستعمائي هو قمة في التناقض وينطبق عليه قول رسول الأمم، بولس: “لا يُمْكِنُكُم أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ الرَّبِّ وَكَأْسَ الشَّيَاطِين! ولا يُمْكِنُكُم أَنْ تَشْتَرِكُوا في مَائِدَةِ الرَّبِّ ومَائِدَةِ الشَّيَاطِين”. (رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس10/من10حتى24)؟

وهل ما جاء في البند الثامن من البيان مصداقية حيث تم التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان دون التطرق لدور حزب الله الذي يسبب هذه الانتهاكات؟

وهل المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية دون القول “القرارات الخاصة بلبنان” وذكر هذه القرارات وأرقامها أي معنى عملي؟
وهل المطالبة بدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية للقيام بواجبهم في الدفاع عن لبنان وحفظ أمنه وسيادته بوجود دويلة وجيش احتلال رديف يشارك نيابة عن إيران في كل الحروب الإقليمية وينفذ عمليات إرهابية في العديد من الدول؟
وهل الوجدان الماروني الذي طالب البيان الالتزام به يسمح ويقر ويبرر المواقف الرمادية التي جاءت في البيان؟
وهل واضعو البيان على معرفة بالآية الإنجيلية القائلة: “لأنك لست ساخناً ولا بارداً، بل فاتراً سوف أبصقك من فمي”.

(الرؤيا03/15و16)

يبقى أن اللقاء كان مشهديه مسرحية ليس إلا ولن يكون له عملياً أية نتائج سيادية أو استقلالية كما أن مفاعيله حقيقة انتهت مع انفضاضه.

السابق
إسمع يا دولة الرئيس (50): الوصية، مجدداً
التالي
النائبة الطبش تعتذر من الله… والديّانون لا يقنعون!