«الصوت العالي» في لقاء قصر بعبدا مع مسؤول «حزب الله»؟

احمد عياش

عادت التمنيات بولادة الحكومة الجديدة الى صدارة الاهتمام بالتزامن مع تحركات بدأها الرئيس المكلف سعد الحريري في اليوم الاول من سنة 2019 حيث إختار اللقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليطلق مواقف واعدة بقرب هذا الولادة، محددا موعدا ما قبل إنعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت في وقت لاحق من هذا الشهر. فهل ستتحقق هذه التوقعات بعد خيبات مستمرة منذ ايار الماضي؟
في تصريحه المشار اليه، يقول الرئيس الحريري “لا تزال هناك عقدة وحيدة يجب أن ننتهي منها ونبدأ بالعمل”، رافضا الخوض في التفاصيل.لكن التكتم على “العقدة الوحيدة”، قابله كلام صريح من مستشار الوزير جبران باسيل السيد انطوان قسطنطين جاء فيه “ان ممثل اللقاء التشاوري هو حكما من حصة الرئيس عون ،أي ينتمي الى كتلة الرئيس وتقع مسؤولية ما حصل مع جواد عدرا على اللقاء نفسه، وعلى الثنائي الشيعي المساهمة في الحل، لانه داعم لمطالب اللقاء.” وفي أغلب الظن ان ما وصفه الرئيس المكلف بـ”عقدة وحيدة”، هو تحديدا ما تحدث عنه مستشار الوزير باسيل، أي عقدة تمثيل “اللقاء التشاوري” الذي يقف “حزب الله” وراء توزيره بقوة. فهل آن الاوان لفك هذه العقدة بتراجع أحد الفريقيّن، أو بإبتداع مخرج علمت “النهار” انه مطروح للتداول حاليا؟

اقرأ أيضاً: معارضون «عونيّون»: حدودُنا أبعد من «التيار»

قبل الخوض في التحركات القائمة، أصبح ثابتا نبأ الزيارة التي قام بها في الاسبوع الاخير من العام المنصرم، رئيس وحدة التنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا لقصر بعبدا ولقائه مع الرئيس عون. وكالعادة لا يبرز الحزب أنباء من هذا النوع بإعتبارها تندرج ضمن النشاطات غير الرسمية. وفيما ذكرت اوساط اعلامية ان البحث في اللقاء تمحور حول تأكيد صلابة العلاقة بين الجانبيّن بعد إهتزازها بسبب التباين في شأن تشكيل الحكومة، علمت “النهار” من مصادر واكبت اللقاء ان صوت الرئيس عون إرتفع خلال اللقاء لدرجة ان من كان قريبا من غرفة الاجتماع سمعوا رئيس الجمهورية يقول: “ما عاد لديّ القدرة على التحمل أكثر…”. فماذا حصل في اللقاء حتى كان للرئيس عون هذا الموقف؟
في معطيات اوساط شيعية قريبة من اصحاب القرار في ثنائي الطائفة ان العقدة التي لا تزال قائمة حتى كتابة هذه السطور تكمن في تشبث فريق العهد بحصة تبلغ 11 وزيرا في حكومة ثلاثينية، او ما يصطلح على تسميته ب”الثلث المعطّل”. وعندما قرر هذا الفريق ان يأتي تمثيل الفريق السنّي التابع ل”حزب الله” من حصة رئيس الجمهورية كان يضع في حسبانه عدم تكرار تجربة “الوزير الملك” أيام حكومة الرئيس سعد الحريري في عهد الرئيس ميشال سليمان. وكان ذلك الوزير هو الدكتور عدنان السيد حسين الذي إنشق عن فريق رئيس الجمهورية لينضم الى فريق “حزب الله” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” المؤلف من عشرة وزراء فأصبح عدد وزراء هذا الفريق مع إنضمام الوزير حسين 11 وزيرا، أي الثلث المعطّل ، ما اتاح يومذاك الاطاحة بالحكومة بموجب الدستور من خلال إعلان الاستقالة من على منبر وزير الخارجية جبران باسيل نفسه.وتضيف هذه الاوساط، ان الوزير باسيل الذي يمتلك خبرة الاطاحة بالحكومة بالثلث المعطّل ، لن يكون متجاوبا مع أي صيغة حل تضع مصير حكومة “العهد الاولى” بيد فريق خارج ارادته.
كل المبررات التي تؤكد على ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة لا تزال قائمة وهي تزداد إلحاحا يوما بعد يوم لاسيما ما يتصل منها بالاوضاع الاقتصادية البالغة الصعوبة التي يمرّ بها لبنان. ولهذا جرى التداول بعدد من المخارج التي تسمح بالخروج من عنق الزجاجة وفق معلومات مصادر وزارية في حكومة تصريف الاعمال والتي قالت لـ”النهار” ان من احد المخارج المطروحة تشكيل حكومة مصغّرة من 14 وزيرا تضم ممثلين للقوى الرئيسية، فيأتي باسيل ممثلا ل”التيار الوطني الحر” وزيرا للخارجية ،وعلي حسن خليل وزيرا للمالية ممثلا حركة “أمل، ووزيرا يتولى وزارة الداخلية ممثلا تيار المستقبل ، ووزيرا يتولى وزارة الصحة ممثلا “حزب الله”. أما سائر القوى فتتمثل بشخصيات من التكنوقراط ما يضع جانبا كل العقد المطروحة.والمحت هذه المصادر الى ان مثل هذه الصيغة تعني ان حقائب مقترحة حاليا لتكون من حصة أفرقاء محددين (وزارة الاشغال ل”تيار المردة”) لن تبقى كذلك، مشيرة الى ان حكومة مثل هذه ستلبي، ما دأب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على الدعوة الى إعتماده كي يتم تجاوز معضلة الحكومة السياسية الثلاثينية.
هل بالامكان تصور ان هذا المخرج المقترح قابل للحياة؟ لا جواب مؤكد حتى الان. لكن ما هو مؤكد ان الجهود المستمرة لتشكيل الحكومة توضح ان قوة الدفع لقيامها ما زالت موجودة مع الاخذ بالاعتبار ان الضغوط التي تساعد هذه الجهود لا تقتصر على معطيات داخلية بل تشمل أيضا معطيات خارجية لها وزنها في لبنان ومن بينها رغبة موسكو بإجتياز لبنان أزمته الحكومية.
بناء على ما سبق ،السؤال المطروح:هل كان “الصوت العالي” الذي تسرّب من إجتماع الرئيس عون مع الحاج صفا يشير الى إستحالة القبول بتراجع العهد عن حصة “الثلث المعطّل”؟ أم انه يعبّر عن عتب عالي النبرة من حليف على حليفه؟ لا بد من إنتظار الجواب عبر نتائج المساعي المتجددة!

السابق
إسمع يا دولة الرئيس (48): ماذا تعني الدعوة للدولة المدنية؟
التالي
اللبناني رافاييل بريدي ثالثا في بطولة «Mens Physics» في كندا