بين اسهاب طلال شتوي ورهافة فاطمة برجي

زيتونة باي

صدر عن دار الفارابي للنشر في بيروت رواية جديدة تحملُ في صفحاتها الأربعة مئة، خبايا الحكايات السعيدة والمفرحة، والجارحة بكل قساوتها. بإسلوبها الأدبي للسرد، من جانب الكاتبين. وهناك الأبواب والممرات التي تحثنا على البحث مطولاً وبقرائة منمّقة ومُمعٌنه وعميقة لما ينتظرنا عن نوعية الأخبار والأسرار التي سوف يتم التداول المشترك للكاتبين، قد تكون الرواية لأول مرة تحمل اسمين في كتاب واحد وإن دل ذلك عن الإصرار بين “أنس المصري” و”سمية البقاعي”، من عبور الحائط الأزرق كما سمياه في اكثر من موقع للرواية. وإن كانت الصدفة هي التي جمعت “الراوييّن” كما اتفق وإعترف كل منهما على صفحات التواصل الإجتماعي ليس اكثر من لقائهما “مصادفة”!

اقرأ أيضاً: … مَن قال ليس حقيبة؟

قد تتكون فكرة الرواية بعد ملاحظة أنس المصري بعد ما فتح الحاسوب كما أسلف مراراً عن مرورهِ سريعاً على العامود الآلى لصفحة التواصل وَمِمَّا لفت إنتباههِ سريعاً الإصرار من كاتبة على الصفحة عن توقف التفكير والوصول الى حالة “لااحد يصل الى هنا” او هناك بما يعني تحمل اعباء الحياة والتوصل الى نتيجة حتمية من قِبل سمية البقاعي الى إعلان (الإنتحار) مع اخر “رشفةً للنبيذ”الأحمر .بعد صفعات الزمن الردئ والممر والنفق المظلم “والإغتراب” الدائم الذي كان خيارها!
بعد حياة صاخبة تخللها سرد كتبت عنه منذُ الأيام الإولى لها. بعد ما اصبحت صبية وشابة تتعرف رويداً رويداً في مطلع الثمانينيّات، الى الثقافة العامة او الى قرائة الشعر العربي الحديث الذي كان يشدها اليها كتابته على صفحات المجلات المحلية حين متابعتها في مكتبة “الضيعة” او في دكان “الاستاذ كمال” على الجانب الاخر للقرية حين عودتها من المدرسة في اخر ايام فصل الدراسة وبداية موسم العطلة الصيفية.
وكانت تتقاسم الغرفتين من منزلها المتواضع مع ام وأب وشقيقات وأشقاء واصفةً ايام المدرسة التكميلية بأفضل ايام عمرها؟
حيث تعرفت على الشاعر او الذي كانت تعتقدُ بإنهُ “فارس الأحلام “الذي سوف ينقلها من بين اَهلها ويسافر معها بعد” قصة حب سريعة وزواج وإرتباط بلا موافقة الأهل”؟
نعم سمية تحدت المجتمع معلنةً عن حبها الى”نضال ” الشاعر المفترض في الرواية وربما في الواقع .هو ذاتهُ تنقل بين البلاد الواسعة داخل العالم حتى إستقر بهما الحال في “النرويج”.
حيثُ أسسا عائلة وعاشا معاً في الغربة الصعبة كما عبرت سمية اثناء السنوات حين دخلت الى المجتمع النروجي ولاحظت “الغيرة القاتلة” عند وصفها الإنتفاخ للوريد في رقبة نضال بعد شعورهِ بالخوف والإحراج من محادثاتها للرجال! إثارة وتأجج النار عليها من جانب “نضال “الذي احبت الشعر والثقافة معهُ ومن اجلهِ. طبعاً هناك أبواب كبيرة وممرات تحدث كل من الكاتبين عن ضرورة ايصالها الى القرّاء؟
ليس من باب الحشرية بل من حب التوغل والغوص عميقاً لما تعرض لها الجانبان اثناء حياتهما الصاخبة والى اليوم.
اما “السكن” الذي كان يرتادهُ أنس المصري في بداية حياته اثناء إندلاع الحرب الأهلية في لبنان منتصف السبعينيات وكان في بداية شبابه وتعلم القرائة والكتابة حتى غدا شاعراً بإمتياز ونال جوائز “الف ليرة”، عن بعض القصائد التي صارت امام عينيه نصباً ومهمة يجب إصقال وتطوير الغريزة للمعرفة و التوجه والسير طويلا. معاً .وإتخذ من الصحافة مهنةً مكنتهُ لاحقاً بعد تركه مهنة المحاسبة واصبح يتجول بين “الكتب” والمكتبات التي كانت موجودة وقريبة من “السكن” في شارع الحمرا في بيروت اثناء الحرب الأهلية .
لعل سولو او الدكتور “رمزي ثابت” من اجج النار في صدر أنس وكانا دائماً يلتقيان في “عيادات الحياة العامة” وكان سولو يهتم في إيصال ما لا يعرفهُ أنس عن معظم ابناء “السكن” في وسط منطقة الحمرا حيثُ تآخي وتعرف النازلون في البيت عن بعضهم البعض بعد دورات الحرب وإيقافها! ومنهم من مات وصار مصدر قلق لأنس ومستقبلهِ. لقد عاش أنس طويلا في السكن متنقلاً من حضن أُم الى مربيه اخرى بعد “خدوج”ونجلا الطرشا”، كما أرخت بثينة بعضاً من الراحة النفسية لأنس عند كل بداية ونهاية للعلاقة “الجنسية”بينهما!
هناك هيلانه التي عاصرت بيروت اثناء الصخب وأيام الفرح والعز في وسط البلد “وادي ابو جميل” كان يسكنها من الطائفة اليهودية، من هم في حالة إقتصادية جيدة تختلف عن ابناء السكان الأخرون لقلب ووسط المدينة. توقفت وماتت هيلانه واخر شعائرها التى بقيت في بال أنس عن علاقتها بالشاب “العشريني” الذي يعمل على “السنترال” في السكن وهو كان على علاقة غرام “مع السبعينية” التي احبت الحياة الى اخر لحظة من حياتها.وكانت هيلانه تعتقد وتقول للناس بأنها لم تصل الى عمر الخمسين وهي تتخيل إنها على شباب وصِبا دائم!
في الرواية هناك اسماء لأشخاص كثر من جانب الطرفين في لبنان وفِي النرويج.
لكن الوقت ربما لم يحن الى الدخول الى كل ممر على الجوانب الخاصة والعامة، منذُ المدخل الخلفي،وممر الزيت والملح، وممر النحل، وممر زوربا، وممرالشموع،وممر الرماد، وممر القهوة السوداء، ومخرج الطوارئ، وممر الأيام الهاربة، وممر الامير الصغير، وممر اوركان،وممر سيزيف، والممر الاخير.
إقتبستُ تلك الممرات لأنها تحمل الألم أحياناً والوجع في اكثر الممرات، وليس هناك شك في الأمل والرجاء من الأيام القادمة التي سوف يُعبرُ عنها في صفحات وافرة للممرات التي خاضها أنس وسمية. ولكل واحدُ منهما اسبابهِ المرحلية للتعبير عن صفاء ونقاء وحيرات المبتذلة ضِمن منعرجات الممرات السهلة من جهة والصعبة من جهة اخرى.
بعد العزوف عن الإنتحار ذلك كان وعدُها لنا يوم التوقيع للرواية في اوسلو، واللجوء الى التفرغ للكتابة والحصول على الجوائز هذا ما سوف نعرفهُ لاحقاً بعد نجاح الرواية التي تم إختيارها من الأوائل في معرض بيروت الدولى للكتاب..

السابق
اللجنة الاهلية للمستأجرين: لإحالة قانون الايجارات التهجيري الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي
التالي
مبايعة بوتين لولاية رابعة في روسيا والمعارضة تتهم…