«حزب الله» في خدعة جديدة

والآن مَن سيقول الحقيقة للذين باتوا يعرفونها، مَن سيؤكّدها؟ اللبنانيون لا ينتظرونها من “حزب الله” أو أمينه العام، فقد شبعوا خداعاً و”بلفاً”. اذاً، فمَن سيجرؤ على قول الحقيقة: الرئيس، الحكومة، الجيش؟ فليقلْ لنا أحد مَن خدعنا وكيف ولماذا، ليس في شهادة العسكريين بل في عملية استفرادهم وخطفهم، وليس في ارتكاب “داعش” جريمة قتلهم بل في عدم التفاوض جدياً وفي الوقت المناسب لإنقاذهم، وأخيراً ليس في حملة الجيش لطرد الارهابيين بل في المسرحية التي رتّبها النظام السوري و”حزب الله” منذ دفعا بـ “جبهة النصرة” و”داعش” الى منطقة الجرود وصولاً الى استنقاذهم لإرسالهم في مهمة جديدة في البوكمال أو دير الزور. تلك كانت المسرحية التالية بعد تلك التي أُدّيت في جرود عرسال قبل شهر.

اقرأ أيضاً: نصرالله يعلن «التحرير الثاني» والدولة آخر من يعلم

ما حصل هو أن نظام بشار الاسد استرد “الوديعة” التي وضعها في الجرود والقلمون، فمن كانوا هناك من “النصرة” و”داعش”، كما “سرايا أهل الشام”، كان قادتهم جميعاً صنيعة هذا النظام ومن خرّيجي سجونه والمهرّبين المعروفين لدى أجهزته، وقد استخدمهم في أدوار شتّى لإدخال لبنان في الصراع السوري، ومن أكثر تلك الأدوار قذارةً تكليفهم بخطف العسكريين في واقعة لم يكن “حزب الله” بريئاً منها، بهدف إرغام الجيش على/ وتحويله الى لاعب آخر في حربه. هنا يتّضح بعض/ وليس كل دوافع معارضة “الحزب” و”التيار العوني” وعرقلتهما أواخر 2014 أي تفاوض مع الخاطفين، بحجة “عدم التفاوض مع ارهابيين”.

طبعاً هناك تفاوض حصل في احدى المراحل، ومخطوفون استُردّوا، فقط عندما كانت هناك مصلحة لـ”الحزب” والنظام السوري. وهو ما حصل أخيراً أيضاً، على خلفية المعارك، لأن النظام “المنتصر” أراد تصفية عملية كانت جارية في الجرود بعلمه وبإشراف “الحزب” ولم يعد في حاجة اليها، ولا حتى الى التنسيق مع الجيش اللبناني، بل أصبح الآن في حاجة الى “تطبيع” رسمي وكلّي للعلاقات مع لبنان، وطالما أنه “مطبّع” أصلاً مع “حزب الله” و”التيار العوني” فإنه يتطلّع الآن الى إرضاخ الأطراف والطوائف اللبنانية الاخرى.

اقرأ أيضاً: هل يحق لـ«حزب الله» تحميل مسؤولية استشهاد العسكريين المخطوفين لـ«تيار المستقبل»؟
يتصدّى “حزب الله” لـ”التطبيع” كمكلفٍ بمهمة، موحياً بأن قتاله في الجرود كان من أجل لبنان، وبالتالي سمح أمينه العام لنفسه بأن يضم جيش الاسد الى معادلة داخلية (الجيش والشعب والمقاومة) لم تعد قائمة منذ 2008. والأهم أن “الحزب” يروّج للتطبيع مع الاسد فيما يحتاج هو نفسه الى تطبيع مع لبنان الدولة والجيش والشعب. فاللبنانيون كانوا معنيين فقط بالمعركة التي خاضها الجيش، وبنجاح ملموس، لإبعاد خطر الارهاب عن البلد. والمؤكّد أنهم يضعون دور “حزب الله” في سياق قتاله خدمةً للنظامين الايراني والسوري. مرّة اخرى يستخلص “الحزب” من الأحداث دروساً خاطئة للالتفاف بها على الدولة والشرعية، لكن أحداً لا يملك منحه أي اعتراف بـ”شرعية” سلاحه.

السابق
العريف عارف ديب.. شهيد جديد للجيش
التالي
انزعاج الحريري من نصرالله